اختتام الحوار الأميركي ـ الفلسطيني على دفع اقتصادي يخدم «حل الدولتين»

الأول منذ 5 سنوات لمناقشة مجالات التعاون الحالية والمستقبلية

اجتماع الحوار الفلسطيني - الأميركي عبر الفيديو الثلاثاء الماضي (وفا)
اجتماع الحوار الفلسطيني - الأميركي عبر الفيديو الثلاثاء الماضي (وفا)
TT

اختتام الحوار الأميركي ـ الفلسطيني على دفع اقتصادي يخدم «حل الدولتين»

اجتماع الحوار الفلسطيني - الأميركي عبر الفيديو الثلاثاء الماضي (وفا)
اجتماع الحوار الفلسطيني - الأميركي عبر الفيديو الثلاثاء الماضي (وفا)

اختتم مسؤولون أميركيون وفلسطينيون اجتماعات هي الأولى من نوعها منذ خمس سنوات، بالاتفاق على عدد من القضايا الحاسمة لدفع الازدهار الاقتصادي للشعب الفلسطيني، بما يؤدي إلى «دور حاسم في دفع هدفنا السياسي الشامل» المتمثل بحل الدولتين تنشأ فيه دولة فلسطينية قابلة للحياة وتعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، بأن مسؤولين أميركيين وفلسطينيين عقدوا في 14 ديسمبر (كانون الأول)، اجتماعاً رفيع المستوى هو الأول من نوعه منذ خمس سنوات لتجديد الحوار الاقتصادي الأميركي - الفلسطيني، بمشاركة مجموعة واسعة من الوكالات والوزارات من الحكومة الأميركية والسلطة الفلسطينية لـ«مناقشة مجالات التعاون الاقتصادي الحالية والمستقبلية»، مضيفة أن المشاركين «أقروا بأهمية استعادة العلاقات السياسية والاقتصادية بين الحكومة الأميركية والسلطة الفلسطينية، وتعهدوا بتوسيع وتعميق التعاون والتنسيق عبر مجموعة من القطاعات». وأوضحت أن المسؤولين الأميركيين والفلسطينيين بحثوا الموضوعات الرئيسية، مثل: تطوير البنية التحتية والوصول إلى الأسواق الأميركية، واللوائح الأميركية، والتجارة الحرة، والقضايا المالية، والطاقة المتجددة، والمبادرات البيئية، وربط الشركات الفلسطينية والأميركية، ومعالجة العقبات التي تعترض التنمية الاقتصادية الفلسطينية، كما تضمن الحوار مناقشة العلاقات التجارية الدولية.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الجانبين اختتما الحوار بـ«الاتفاق على العمل على عدد من القضايا الحاسمة لدفع الازدهار الاقتصادي للشعب الفلسطيني». وحددت الحكومة الأميركية البرامج التي يمكن أن تدعم جهود السلطة الفلسطينية تجاه القضايا المالية والتجارة وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، مؤكدة أن حوار هذا العام «كان دليلاً على أهمية العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، وفرصة لزيادة التعاون في القضايا الاقتصادية ذات الأهمية المشتركة».
خلال الملاحظات الافتتاحية، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت، أن إدارة الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، مقتنعة بأن الشعب الفلسطيني «يستحق أن يعيش في حرية وأمن وازدهار»، مشيرة إلى أن «نمو الاقتصاد الفلسطيني سيلعب أيضاً دوراً حاسماً في دفع هدفنا السياسي الشامل: حل الدولتين المتفاوض عليه، مع دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل».
شارك في الحوار الاقتصادي لهذا العام، وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني خالد العسيلي، ومحافظ سلطة النقد فراس ملحم، ووزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إسحق سدر، ورئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية ظافر ملحم، ورئيس هيئة جودة البيئة جميل مطور، ورئيس ترويج الاستثمار والمنطقة الصناعية هيثم الوحيدي، ومستشارا رئيس الوزراء أسطفان سلامة وشاكر خليل.
وضم الوفد الأميركي القائمَ بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو، ورئيس وحدة الشؤون الفلسطينية الأميركية جورج نول، ونائب مساعد وزير الخزانة إريك ماير، والمسؤولة التجارية الأولى روبين كيسلر، ونائب مساعد مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ميغان دوهرتي، ومدير بعثة الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة ألر غروبس، والمستشار الأول في مؤسسة تمويل التنمية كايل مورفي، ومسؤولون آخرون من وزارات الخارجية والخزانة والزراعة والتجارة والطاقة والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومؤسسة تمويل التنمية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.