في الوقت الذي يدير فيه قادة اليمين الاستيطاني المتطرف حملة تخويف ضد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومر بار ليف، بسبب انتقاده عنف المستوطنين، ويجدون فيها تعاطفاً وتضامناً من رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، وعدد من وزرائه ونوابه وأحزاب المعارضة اليمينية، خرج قادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية بمعطيات تؤكد أن اعتداءات المستوطنين تزداد باستمرار، ولا تستهدف فقط الفلسطينيين في المناطق المحتلة وممتلكاتهم، بل تستهدف أيضاً قوات الجيش التي يتم إرسالها لحمايتهم.
وجاء في معطيات أجهزة الأمن الإسرائيلية، التي تعتبر متواضعة بالمقارنة مع الواقع، أنه جرى في هذه السنة توثيق 135 اعتداء ألقى فيه مستوطنون الحجارة باتجاه فلسطينيين، بينما كان عدد هذه الاعتداءات 90 في العام 2019. كما تم توثيق 250 اعتداء آخر في العام الحالي مقابل 100 في العام 2019. وأشارت المعطيات إلى تزايد عنف المستوطنين ضد قوات الأمن الإسرائيلية، من 50 اعتداء في العام 2019 إلى 60 في السنة الأخيرة. وقال مصدر أمني إنه «طرأ ارتفاع في الجريمة القومية في منطقتي (مستوطنتي) يتسهار وشيلو، إن كان بإتلاف أشجار زيتون أو بإلقاء حجارة على سيارات فلسطينية عند مفترقات الطرق». وأضاف أن هذا التصعيد حاصل في منطقة جنوب جبل الخليل التي أقيمت فيها عدة بؤر استيطانية عشوائية و«مزارع زراعية» في السنوات الأخيرة.
لكن المنظمات الحقوقية الإسرائيلية وتلك العاملة في مجال حقوق الإنسان، تنشر معطيات مختلفة تدل على أن عدد الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون تبلغ ضعف أو 3 أضعاف ما يرصده الجيش، ولا تقتصر على منطقة الخليل وتتم بشكل خاص حيثما تقام بؤر استيطانية عشوائية.
وحسب منظمة «بتسيلم» الحقوقية، التي تجمع معلومات حول اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وتوزع كاميرات على المواطنين الفلسطينيين، حتى يوثقوا لها هذه الاعتداءات، فإنه تم رصد تصعيد بنسبة 28 في المائة في اعتداءات المستوطنين، حيث نُفذ 247 اعتداء في العام الحالي مقابل 192 في العام الماضي. وحسب بيان لمنظمة «يش دين» (يوجد قضاء)، وهي أيضاً حقوقية، تم توثيق 540 اعتداء للمستوطنين ضد فلسطينيين، في السنوات الثلاث الأخيرة، لكن الفلسطينيين قدموا 238 شكوى حيالها فقط إلى الشرطة الإسرائيلية بمساعدة «يش دين». وجرى تقديم 12 لائحة اتهام فقط ضد مستوطنين في هذه الشكاوى، بينما بقي مئات من المعتدين الآخرين طلقاء بلا حسيب على أفعالهم.
وقالت «يش دين» إن المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية يشعرون بتقاعس الشرطة الإسرائيلية وامتناعها عن مكافحة عنف المستوطنين، ولذلك توقفوا عن تقديم شكاوى لها، ما اضطرها إلى توثيق الاعتداءات وإطلاق مشروع يشجع الفلسطينيين على تقديم شكاوى، وأسمت المشروع «لا يشتكون». وتمكنت المنظمة الحقوقية من جمع 416 شكوى من فلسطينيين، وتبين أن 43 في المائة من المشتكين قالوا إنهم غير معنيين بتقديم شكاوى إلى الشرطة، وعزا 51 في المائة ذلك إلى عدم ثقتهم بالسلطات الإسرائيلية، وقال 21 في المائة إنهم يتخوفون من الانتقام أو فقدان تصريح العمل، ولم يذكر 22 في المائة سبباً. وقال آخرون إنهم يئسوا من إجراءات تقديم الشكوى، أو إنهم موظفون في السلطة الفلسطينية ولا يمكنهم تقديم شكوى في إسرائيل.
وقالت مديرة دائرة الأبحاث في «يش دين»، زيف شتهل، إن عنف المستوطنين ليس ظاهرة جديدة. ويلاحظ بعد سنوات طويلة من عدم إنفاذ القانون بشكل فعّال تجاه المجرمين، والدعم من جانب سلطات الدولة، أن هذه الظاهرة آخذة بالتصاعد، والمشاغبين يكتسبون جرأة أكبر لتصعيد وتيرة الاعتداءات وخطورتها.
على إثر هذه المعطيات، خرج وزير الأمن الداخلي، بار ليف، بتصريحاته ضد عنف المستوطنين. ومع أنه حاول التخفيف من الهجوم عليه، فقال إن 90 في المائة من العنف في إسرائيل يمارسه عرب من إسرائيل وفلسطينيون في الضفة الغربية، وفقط 10 في المائة يمارسه المستوطنون. وأعلن إصراره على التعامل مع هذا العنف بحزم. لكن رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، اعترض عليه وقال إن المستوطنين ممارسي العنف هم أقلية ضئيلة. وخرج قادة المستوطنات يطالبون باستقالة وزير الأمن الداخلي، واتهموه بتعميم ظاهرة هامشية على جمهور كامل. ونشروا تقريراً ادعوا فيه أن دول الاتحاد الأوروبي تقدم مليار دولار في السنة لمنظمات إسرائيلية يسارية، لكي تدمغ إسرائيل باتهامات كاذبة عن تعاملها مع الفلسطينيين.
بنيت يقف ضد تصريحات لوزير في حكومته انتقد عنف المستوطنين
الجيش الإسرائيلي يؤكد تصاعد الاعتداءات ضده وضد الفلسطينيين
بنيت يقف ضد تصريحات لوزير في حكومته انتقد عنف المستوطنين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة