بعد انسحاب الحشد الشعبي.. الولايات المتحدة تصعد غاراتها الجوية على الأنبار

مسؤولان في المحافظة يكشفان استياء السفير الأميركي من وجود الميليشيات

بعد انسحاب الحشد الشعبي.. الولايات المتحدة تصعد غاراتها الجوية على الأنبار
TT

بعد انسحاب الحشد الشعبي.. الولايات المتحدة تصعد غاراتها الجوية على الأنبار

بعد انسحاب الحشد الشعبي.. الولايات المتحدة تصعد غاراتها الجوية على الأنبار

سحب العراق، تحت ضغوط من المسؤولين الأميركيين، الميليشيات الشيعية من منطقة الرمادي بمحافظة الأنبار، واستجاب التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة لذلك بتصعيد وتيرة الغارات الجوية لإسناد القوات العراقية التي تقاتل المتطرفين من تنظيم داعش، وفقا لما صرح به المسؤولون العراقيون المشاركون في اتخاذ القرار.
التقى ستيوارت جونز السفير الأميركي في بغداد، أول من أمس، مع زعماء عشائر الأنبار والمسؤولين المحليين، وأعرب عن عدم رضاه من انخراط الميليشيات الشيعية في الهجوم ضد متطرفي «داعش» بالقرب من عاصمة محافظة الأنبار، وفقا لتصريحات اثنين ممن حضروا الاجتماع.
وحذر السفير الأميركي من أنه ما لم تنسحب الميليشيات الشيعية، فلن تتمكن الولايات المتحدة من مواصلة الغارات الجوية لإسناد القوات العراقية هناك. وتعارض العشائر التي تعيش هناك، وبشكل كبير، وجود الميليشيات الشيعية في المنطقة، وهو الموقف الذي يلقى دعما من الولايات المتحدة. وأعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم من أن استخدام الميليشيات الشيعية في تلك المنطقة سيؤدي إلى مزيد من الدعم من جانب سكانها السنة لتنظيم داعش، كما يشعرون بالقلق كذلك من احتمال تعرض قوات الميليشيات غير المنضبطة وغير المنظمة للقصف الجوي الأميركي.
وقال صباح كرحوت، رئيس مجلس محافظة الأنبار وأحد الذين حضروا الاجتماع «أخبرنا السفير الأميركي بأن القوات الأميركية لن تواصل شن الغارات الجوية إذا ما استمرت قوات الحشد الشعبي الشيعية في المحافظة، ولقد تفهمنا موقفه تماما». وأضاف أن جميع قوات الحشد الشعبي انسحبت بداية من يوم الجمعة من القتال الدائر حول مدينة الرمادي.
وشنت القوات الأميركية، ابتداء من مساء السبت وحتى صباح أول من أمس (الأحد)، غارات جوية بكثافة أكثر من المعتاد على منطقة البوفراج، وأشار المسؤولون المحليون إلى شن نحو 20 غارة في تلك الفترة لوقف تقدم «داعش»، الذي بدأ أواخر الأسبوع الماضي.
لكن جيفري لوري، الناطق الرسمي باسم السفير الأميركي، نفى أنه رهن الغارات الجوية بانسحاب الميليشيات الشيعية. وقال: «لم يصرح السفير بذلك. أوضحنا أن كل الغارات الجوية تجري بالتشاور مع قوات الأمن العراقية، وتنفذ لإسناد القوات البرية تحت القيادة والسيطرة العراقية».
بدوره، قال كريم هلال عضو مجلس محافظة الأنبار الذي حضر الاجتماع مع السفير. إن جونز «لم يصرح حرفيا بحتمية خروج قوات الحشد الشعبي خارج الأنبار، غير أن ذلك كان الانطباع الذي خرجنا به، وألقى باللوم على حكومة الأنبار في ذلك». وأضاف هلال: «يسير كل شيء وفقا للخطة حتى الآن. أخبرنا السفير الأميركي بأننا نحتاج إلى المزيد من الغارات الجوية في الأنبار، وممارسة الضغوط على الحكومة العراقية لتسليح العشائر السنية حتى لا نكون في حاجة إلى قوات الحشد الشعبي الشيعية. وما أراده السفير فعلناه، وتواصلت الغارات الأميركية بقوة منذ انسحاب الميليشيات الشيعية».
وأعرب هلال، على غرار غيره من المسؤولين السنّة، عن أمله بأن تفلح الحكومة الأميركية في إقناع رئيس الوزراء العبادي أثناء زيارته إلى واشنطن بتسريع إرسال شحنات الأسلحة المتوقفة إلى العشائر السنية في الأنبار.
من جهتهم، نفى بعض من قادة الميليشيات الشيعية انسحاب قوات الحشد الشعبي من محافظة الأنبار. وشدد أحمد أسعدي الناطق الرسمي باسم الحشد الشعبي قائلا: «لم يطلب أحد منا المغادرة»، لكن جعفر الحسيني قائد كتائب حزب الله، أكد أن قواته قد غادرت المحافظة بالفعل، مضيفا أن ذلك جاء وفقا لتقديرهم الخاص، وتابع: «كان انسحابا تكتيكيا، ولقد سلمنا المسؤولية إلى أبناء الأنبار».

* خدمة «نيويورك تايمز»



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.