المصادقة على قوانين تجنّد الجيش الإسرائيلي في مهمات شرطية

جلسة سابقة للكنيست ويبدو أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي (إ.ب.أ)
جلسة سابقة للكنيست ويبدو أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

المصادقة على قوانين تجنّد الجيش الإسرائيلي في مهمات شرطية

جلسة سابقة للكنيست ويبدو أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي (إ.ب.أ)
جلسة سابقة للكنيست ويبدو أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي (إ.ب.أ)

صادق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على ثلاثة قوانين تنص على إدخال قوات الجيش إلى عمليات شرطية، أكان ذلك لخدمة مصلحة السجون أو لمكافحة العنف المجتمعي، بعد جلسة اختتمت في الساعة الثانية من فجر أمس الثلاثاء، ووسط صدامات حادة بين نواب الأحزاب العربية من جهة وصدامات بين الحكومة والمعارضة من جهة ثانية، واعتبرت القائمة المشتركة للأحزاب العربية هذه القوانين، بمثابة سوط جديد سيستخدم ضد العرب وضد الأسرى الفلسطينيين.
وقال النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، إن هذه القوانين تعيد إلى الذاكرة العربية أيام الحكم العسكري سيء الصيت. وكانت الحكومة قد بادرت إلى طرح هذه المشاريع، بهدف تعزيز قوة الشرطة ومصلحة السجون. وقال وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، إنه يرغب في مكافحة كل أنواع العنف الذي ينتاب إسرائيل، أكان ذلك العنف في المجتمع العربي أو في البلدات اليهودية أو في السجون، أو عنف المستوطنين المتطرفين الذين يعتدون على الفلسطينيين في الضفة الغربية وعلى قوات الأمن التي أرسلت لحراستهم. ولذلك طرح ثلاثة قوانين، أحدها يسمح بتجنيد الجيش للشرطة، والثاني يتيح تفتيش بيوت مشبوهة من دون قرار محكمة، والثالث يتيح إدخال تجنيد جنود لمصلحة السجون.
وقد أقرّ الكنيست، القوانين الثلاثة، بعد جلسة ماراثونية بدأت بعد ظهر الثلاثاء وانتهت فجر الأربعاء. وخوفا من سقوطها، هرع رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، عائدا على عجل من الإمارات، وعاد بالطريقة نفسها وزير الدفاع، بيني غانتس. وتم إقرارها بأكثرية صوت واحد.
خلال الجلسة، هاجم نواب اليمين الوزير بار ليف، لأنه اعتبر عنف المستوطنين جزءا من موجة العنف التي تجتاح إسرائيل. وانضم لاحقا إلى المنتقدين، نفتالي بنيت، ووزير الداخلية في حكومته، أييلت شاكيد. وقال بنيت إن عنف المستوطنين يقتصر على أقلية ضئيلة، وقالت شاكيد إن الأمور تشوشت في دماغ زميلها وزير الأمن الداخلي، فصار يرى كل شيء أسود من صنع المستوطنين. ورد بار ليف قائلا، إنه واع تماما لما يقول، وإنه يرى أن هناك مجموعة كبيرة من المستوطنين تمارس عنفا إجراميا يجب وأده.
ودخل ممثلو الحكومة في سجال مع ممثلي المعارضة الذين اتهموها بتدمير الدولة اليهودية. وقارب عدة نواب معارضة، بين مرور 6 شهور على تشكيل هذه الحكومة، ومصادفة وقوعه في «10 تابات»، وهو الموعد العبري لذكرى خراب الهيكل اليهودي قبل 2600 سنة. والعديدون منهم اعتبروا أمس يوم حداد أيضاً بسبب الحكومة.
من جهة ثانية، اصطدم رئيس ونواب القائمة المشتركة للأحزاب العربية، الذين عارضوا القوانين الثلاثة، مع نواب «القائمة العربية الموحدة» للحركة الإسلامية، بقيادة النائب منصور عباس، الذين صوتوا مع هذه القوانين. وألقى أيمن عودة خطابه من على منبر الكنيست باللغة العربية، تلميحا بأنه موجه إلى نواب الإسلامية، فقال إن «القانون الجائر الأوّل، جاء لتعزيز سلطة السجون بالجنود الإسرائيليين، وذلك بهدف تضييق الخناق على الأسرى السياسيين الفلسطينيين، وإعطاء صلاحية للجيش وهو ما يستهدف أسرانا خصيصاً. والقانون الثاني يتيح للجيش الإسرائيلي إرسال وحدات للشرطة وقوات الأمن لتعزيزها، من أجل ما تسمّيه «أهداف أمنية قومية». والقانون الثالث الخطير يتيح للشرطة والجيش اقتحام البيوت ومنحهم كامل الصلاحيات في تفتيش البيوت، من دون أي أمر من المحكمة، ما يستهدف بشكل خاص بيوت المجتمع العربي، إذ يُطرح تحت غطاء مكافحة العنف والجريمة وأن تكون البيوت العربية مُباحة ومنتهكة حرمتها كيفما يرى رجال الشرطة والجيش ذلك مناسباً. وهذه قوانين لم يسبق أبداً أنّ صوت أي نائب أو حزب عربي معها، لما فيها من تعسّف وعنصرية. لكن النواب عباس ووليد طه ومازن غنايم وإيمان خطيب ياسين، من الموحدة، وغيداء ريناوي وعيساوي فريج، من ميرتس، وابتسام مراعنة من حزب العمل، صوتوا معها. وهذا عار».
هذا وقد ورد نواب الموحدة، بالقول، إن تصويتهم جاء لكي يدعم مكافحة العنف في المجتمع العربي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.