الإحباط يخيّم على الليبيين قبل 9 أيام من «الاستحقاق التاريخي»

وزير الداخلية الليبي خالد مازن خلال مؤتمر صحافي حول الانتخابات المقبلة في طرابلس الأحد (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الليبي خالد مازن خلال مؤتمر صحافي حول الانتخابات المقبلة في طرابلس الأحد (أ.ف.ب)
TT

الإحباط يخيّم على الليبيين قبل 9 أيام من «الاستحقاق التاريخي»

وزير الداخلية الليبي خالد مازن خلال مؤتمر صحافي حول الانتخابات المقبلة في طرابلس الأحد (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الليبي خالد مازن خلال مؤتمر صحافي حول الانتخابات المقبلة في طرابلس الأحد (أ.ف.ب)

قبل تسعة أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المحتملة في البلاد، بات قطاع كبير من الليبيين يشعر، أمام تشظي المشهد السياسي، بخيبة أمل جديدة في ظل تعثر عملية الاستحقاق المرتقب، وإمكانية إرجائه لموعد لاحق، أو تعثرها.
وعكس كثير من الليبيين الذين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» هذه الحالة، مشيرين إلى أن مصير البلاد مرهون «بتقلبات الساسة واختلافاتهم حول تحقيق مصالحهم أولاً»، بالإضافة لما يرونه «تدخلاً من الأطراف الدولية في الشؤون الليبية».
وقال رئيس «حزب التغيير» جمعة القماطي، إن «الأحداث المتسارعة تتجه إلى فشل الانتخابات الرئاسية في الموعد المحدد»، مضيفاً «عندما يستقر الغبار سندرك أنه كان من العبث تفصيل قانون للانتخابات»، ورأى أن ‏الحل يكمن في «انتخاب برلمان جديد ينجز لنا دستوراً دائماً ينبثق من الشعب تليه انتخابات بشروط واضحة وفق الدستور».
وبينما قال السفير الليبي محمد البرغثي، إن «ليبيا كبيرة وفي حاجة إلى كبار»، وإن «القيم لا تشترى بالمال»، حمل سياسي ليبي، ما يسمى بـ«الأطراف الفاعلة» ومجلسي النواب والأعلى للدولة المسؤولية عن «ضياع حلم الليبيين بإجراء الانتخابات»، متابعاً: «الشعب يسدد فاتورة خلافات وأطماع شخصيات، وأجسام سياسية بالية، ولا ندري إلى أين ستذهب بنا الأحداث بعد الرابع والعشرين من الشهر الجاري».
ولم تعلن المفوضية العليا للانتخابات، حتى الآن، القائمة الرسمية النهائية للمتنافسين على رئاسة ليبيا، بينما تثير الخلافات الحادة المستمرة بين الأطراف الرئيسية شكوكا جدية في إمكان إجرائها في موعدها.
ويوصف هذا الاستحقاق بأنه تاريخي بالنظر إلى أن هذه أول انتخابات رئاسية تشهدها ليبيا في تاريخها الحديث.
وفي مارس (آذار) الماضي، شكلت حكومة انتقالية بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة. وتم تحديد الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) موعدا لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية. ثم أرجئت الانتخابات التشريعية إلى ما بعد إجراء الرئاسية. لكن قبل أقل من أسبوعين على الموعد، يشكك ليبيون في إمكان إتمام الانتخابات، بسبب الانقسامات السياسية العميقة التي لا تزال تغذيها التدخلات الأجنبية.
جانب من حالة الإحباط، نقله المواطن الليبي خالد التركي (25 عاما) بقوله: «لست متفائلاً، هناك الكثير من الخلافات والتنافس بين المناطق ولست متأكدا من أنه سيتم قبول النتائج».
لكن التركي، الموظف في المكتب المحلي لمنظمة دولية، قال لوكالة «الصحافة الفرنسية» في طرابلس: «لو كان هناك مرشح قادر على مسك الشعب الليبي كيد واحدة، كان يمكن أن نتفاءل، لكن الواقع ليس هكذا»، متابعاً: «يجب أن يكون الأمن هو الأولوية، ولا يمكن تحقيق أي هدف دون فتح الملف الأمني».
وأسقط الليبيون بدعم من حلف شمال الأطلسي في فبراير (شباط) 2011 نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، بعد «ثورة» اندلعت في بنغازي بشرق ليبيا، في 17 فبراير وتمددت في غالبية جميع المدن، واستغرقت بضعة أشهر. وشهدت ليبيا بعد ذلك انقسامات وخصومات مناطقية، ونزاعات على السلطة، وتصاعد نفوذ الميليشيات وازدادت التدخلات الخارجية.
وحرم الليبيون نتيجة الحروب والانقسامات من موارد بلدهم الهائلة لا سيما في مجال الطاقة. ودمرت البنية التحتية وأصبح الاقتصاد في حالة يرثى لها والخدمات ضعيفة.
وقال المواطن آدم بن فايد: «يجب أن تكون الأولوية للأمن، ولكن من أجل ذلك، يجب أن تكون كلمة الرئيس مسموعة من كل الشعب». ويأمل بن فايد، البالغ من العمر 25 عاما أن «تُحل مشاكل انقطاع الكهرباء ونقص السيولة والبنية التحتية»، لكنه يعتقد أنه «لا يوجد شخص يتوافق عليه الشعب الليبي بأجمعه». متابعاً: «لا نعرف إن ترشح شخص معين ما ستكون عليه ردة فعل الأطراف الأخرى».
ويبدو أكثر من أي وقت أن الانتخابات الرئاسية قد لا تُجرى في موعدها، خصوصاً بسبب الانقسامات حول الأساس القانوني لعملية الاقتراع والتأخير الكبير في تنظيم العملية.
وتشهد طرابلس طوابير انتظار طويلة أمام البنوك، وتنتظر السيارات ساعات أمام محطات البنزين. وتراجعت قيمة الدينار الليبي، وارتفعت أسعار العقارات، وصار انقطاع الكهرباء يوميا. وفي غياب الكهرباء، تهتز المدينة على هدير المولدات. ولا تزال الرافعات الضخمة بعجلاتها الصدئة متوقفة قرب المباني غير المكتملة التي غزتها الأعشاب الطفيلية، في دليل على تعطل الاقتصاد.
وفي بنغازي بالشرق الليبي، تساور السكان الشكوك نفسها. وشهد مهد الثورة أعمال عنف تلتها تفجيرات ومعارك واغتيالات. في المدينة القديمة، تذكر الجدران المثقوبة والمباني المدمرة بأن الحرب مرت من هنا.
ويقول زكريا المحجوب (32 عاما) الموظف في مصلحة الأحوال المدنية: «تفاءلنا بتوحيد السلطة التنفيذية، لكن رئيس هذه السلطة أخل بوعوده بأن يوحد الليبيين، وها هو يتقدم للانتخابات الرئاسية. أنا لست متفائلا بالانتخابات الرئاسية، لأن كل من ترشح لها إما مشارك في إفساد المشهد أو هو شخصية مثيرة للجدل».
ويضيف «حتى لو تمت هذه الانتخابات في موعدها - ولا أرى ذلك - هل سيقبل المتصارعون بنتائجها أم سنعود إلى المربع الأول من الانقسام والاقتتال؟».
ومنذ أسابيع، يسود الانطباع بأن لا مفر من إرجاء الانتخابات، لا سيما بعد إرجاء الانتخابات التشريعية التي كان يفترض أن تجري مع الرئاسية، ثم تعرض قانون الانتخابات لانتقادات كثيرة، وصولاً إلى ترشح شخصيات مثيرة للجدل إلى الرئاسة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.