معارضو عون يتهمونه بالالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة

بري يرفض دعوة مجلس الوزراء للانعقاد قبل حل الإشكال حول تحقيقات المرفأ

TT

معارضو عون يتهمونه بالالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة

يشكو رئيس الجمهورية ميشال عون من أن صلاحياته محدودة وشكلت عائقاً حال دون وقف انهيار مؤسسات الدولة وانحلالها، وينقل عنه زواره دعوته إلى إصلاح النظام وتصحيحه من الشوائب، ويحمل في نفس الوقت على المجلس النيابي ويتهمه بالتقصير وعدم القيام بواجباته، مستغرباً إصرار الهيئة العامة في البرلمان على احتساب النصاب القانوني في التصويت على التعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب بـ59 نائباً بدلاً من 65 نائباً ما شكل مخالفة دستورية دفعت بتكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل إلى التقدم بمراجعة أمام المجلس الدستوري للطعن بهذه التعديلات.
ويكشف عون أنه تحادث في الساعات الأخيرة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول ضرورة توجيه الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء «حتى لو اضطررنا لعقدها بمن حضر ومن يغيب عنها عليه أن يتحمل المسؤولية لأن لا مبرر لتعطيل الجلسات فيما تتراكم الأزمات التي تتطلب منا توفير الحلول لها بدلاً من أن نبقى شهود زور على انهيار البلد».
لكن شكوى عون من أن صلاحياته محدودة وأن هناك حاجة لإصلاح النظام قوبلت برفض من معارضيه، وتحديداً من أولئك الذين يتهمونه بخرق الدستور من خلال محاولات الالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة. ويتهمه معارضوه بأنه يريد الإطاحة باتفاق الطائف الذي انبثقت عنه وثيقة الوفاق الوطني.
ويستغرب فريق أساسي في المعارضة ما تردد أخيراً عن وجود استعداد فرنسي لعقد مؤتمر وطني على غرار مؤتمر «سان كلو» الذي استضافته باريس إبان ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن باريس لا تُبدي استعداداً لاستضافة مثل هذا المؤتمر على الأقل في المدى المنظور في ظل اشتداد الصراع السياسي في لبنان مع قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
ويلفت هذا الفريق إلى أن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي هو أول من لمح إلى ضرورة عقد مؤتمر وطني خلال استقباله وفداً يمثل فرسان مالطا، ويؤكد أن قوى أساسية في لبنان فوجئت بما أخذ يروج له في هذا الخصوص بعد أن تبين أن السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو لم تكن على علم بوجود نية لعقده وإلا لكانت بادرت إلى استمزاج القيادات اللبنانية للوقوف على رأيها ومدى استعدادهم للمشاركة فيه.
ويرى أن الظروف الراهنة ليست مواتية لعقد مؤتمر للحوار الوطني أو لدعم لبنان اقتصاديا ما دام أن الجانب اللبناني لم يفِ حتى الآن بالتزاماته الواردة في البيان الوزاري للحكومة الميقاتية، ويؤكد أنه يخشى من أن يؤدي انعقاد مؤتمر وطني في ظل فائض القوة التي يتمتع بها «حزب الله» إلى وضع البلد أمام خيارين: الأول، التحضير لمؤتمر تأسيسي يراد منه إنتاج نظام جديد من خلال إعادة النظر باتفاق الطائف وصولاً إلى نسف أبرز ما نص عليه حول التمسك بمبدأ المناصفة على المستويين النيابي والوزاري لطمأنة المسيحيين.
أما الخيار الثاني فسيفتح الباب أمام توفير الدعم للدعوات التي تطالب بنظام جديد يقوم على اعتماد الفيدرالية بذريعة أن مجرد استحضار الحديث عن وجود نية لعقد مؤتمر تأسيسي سيؤدي إلى توفير الذرائع للذين يطالبون بالنظام الفيدرالي كونه يؤمن الحماية للمسيحيين، في حال رجحان كفة الدعوة لإنتاج عقد اجتماعي.
ويتشدد هذا الفريق المعارض بضرورة إفساح المجال أمام مواصلة تطبيق الطائف على قاعدة تنقيته من الشوائب التي أدت إلى إحداث خلل في التوازنات الداخلية، ويدعو في نفس الوقت إلى قطع الطريق على أي محاولة يراد منها العودة بالبلد إلى ما قبل التوصل إلى هذا الاتفاق برعاية المملكة العربية السعودية، وبدعم عربي ودولي يُفترض أن يشكل له شبكة أمان سياسية وأمنية تؤمن ديمومته من دون إقفال الباب أمام إمكانية تطويره في ظروف طبيعية بدلاً من الظروف الراهنة.
ويصطدم إصرار عون على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بموقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يصر على أن انعقاده يجب أن يتلازم مع تصحيح مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بما يتيح للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ملاحقة المتهمين الذين ادعى عليهم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لأن لا صلاحية له للادعاء عليهم استناداً إلى ما نص عليه الدستور.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن ميقاتي تواصل في اليومين الأخيرين مع بري الذي أبلغه إصراره على فصل صلاحية القاضي البيطار عن الصلاحية المناطة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهذا ما يؤدي إلى استمرار تعليق جلسات مجلس الوزراء، مع أن ميقاتي لا يعترض على طلب عون، لكنه يتجنب الدعوة لعقد الجلسة بغياب الوزراء الشيعة لتفادي إقحام البلد في مزيد من التأزم الذي يُنذر باحتمال انفجار الوضع الحكومي، مع أن عون وإن كان يريد من خلال طلبه تفعيل العمل الحكومي حشر رئيس المجلس في الزاوية بعدما وصلت العلاقة بينهما إلى طريق مسدود، فإنه في المقابل، بحسب مصدر نيابي بارز، أخذ يضيق ذرعاً من تحرك ميقاتي سواء في الداخل، وتحديداً مع قوى سياسية تقاطع عون حالياً، أو من جولاته في الخارج، فيما يقتصر نشاط عون على اجتماعات تكاد تكون روتينية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.