إحياء قانون جديد للنظام القضائي يثير أزمة في ليبيا

TT

إحياء قانون جديد للنظام القضائي يثير أزمة في ليبيا

أثار إحياء قانون جديد يتعلق بالنظام القضائي في ليبيا أزمة في الأوساط السياسية، في وقت يجري مجلس النواب الليبي تحقيقاً بشأن هذا القانون المنسوب إليه.
والقانون، الذي يتم تداوله راهناً، وأحدث نوعاً من اللغط، صدر عن مجلس النواب في جلسته العادية رقم 1 لسنة 2018، والمستأنف انعقادها 20 سبتمبر (أيلول) عام 2019، ويقضي بإعادة تشكيل هيئة المجلس الأعلى للقضاء.
وقال فوزي النويري، رئيس مجلس النواب المكلف، «علمنا أن هناك قانوناً متداولاً ومنشوراً إعلامياً ومنسوباً لمجلس النواب تحت رقم 11 لسنة 2021 بشأن نظام القضاء»، مشيراً إلى أنه «جاري التحقق بشأنه من حيث وجود جلسة مسجلة مرئياً وموثقة كتابياً في التاريخ المشار إليه عرض بها هذا القانون أم لا».
وتوعد النويري في تصريحات إعلامية، أمس، أنه «حال إثبات عدم صلة المجلس بهذا القانون أو الموافقة عليه، فإنهم سوف يتخذون الإجراءات القانونية كافة حيال ذلك».
وأعاد القانون الجديد المتداول تشكيل المجلس الأعلى للقضاء على نحو يخالف المعمول به راهناً، بحث يتولى رئاسة مجلس القضاء الأعلى رئيس التفتيش القضائي، بدلاً من رئيس المحكمة العليا في النظام المعمول به حالياً.
كما نصت تعديلات القانون أن يحل النائب العام نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى، بجانب عضوية مستشار عن كل محكمة استئناف تنتخبه جمعيتها بالاقتراع السري، وعضو من كل من إدارات القضايا، والمحاماة العامة، والقانون، لا تقل درجته عن الدرجة المعادلة لدرجة مستشار بمحكمة الاستئناف ينتخبه من هم بدرجته من أعضاء الإدارة بالاقتراع السري.
ورغم عدم تحقق مجلس النواب من صحة هذا القانون حتى الآن، إلا أن مجلس القضاء الأعلى بتشكيله الجديد عقد أمس، أول اجتماعاته بأعضائه الجدد، برئاسة رئيس إدارة التفتيش على الهيئات القضائية مفتاح القوي، ونائب رئيس المجلس المستشار النائب العام الصديق الصور، وباقي أعضاء المجلس، حيث ناقش قضايا عدة، ووضع المجلس وفقاً للقانون الجديد.
ويربط سياسيون بين ظهور هذا القانون راهناً، وبين الموقف من القضاة، على خلفية نظرهم للطعون الانتخابية المقدمة من بعض المرشحين للتنافس على مقعد رئاسة البلاد، ودفعت لاتهام بعضهم «بتلاقي رشاوى، أو تهديدهم بالقتل»، مشيرين إلى أن هذه التعديلات من شأنها «إحداث حالة من البلبلة والتشكك في مؤسسة القضاء خصوصاً بعد معركة الطعون الانتخابية التي تصدى لها القضاة».
وسبق وكشف المجلس الأعلى للقضاء عن بعض كواليس عملية نظر الطعون ضد المرشحين في الانتخابات الرئاسية وقبولها، وقال إن بعض رجاله تعرضوا لـ«التهديد والترهيب»، واتهامهم بـ«الرشوة» في «حملة مشبوهة بهدف النيل منهم».
وأحدث القانون الجديد حالة من المخاوف في أوساط القضاة، ورأى مصدر قضائي أن القانون الجديد الغرض منه استحداث مرحلة جديدة من الطعون، مبدياً تخوفه، في تصريح نقلته فضائية «ليبيا الأحرار» مما سماه «تدخل السلطة التشريعية في هذه المرحلة الراهنة»، قبل أن يؤكد أن المجلس الأعلى للقضاء «لم يقدم أي مقترح لتعديل هيكلته».
ومؤسسة القضاء في ليبيا هي الكيان الوحيد الذي نجا من تأثيرات الانقسام السياسي الذي ضرب البلاد منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي خلال الأعوام العشرة الماضية، لكن المجلس الأعلى للقضاء رأى أن «زمن الصمت وصبر الحليم قد بلغ منتهاه، وآن الأوان للتصدي لكل مفترٍ»، رداً على اتهامات وجهت لبعض قضاته بتلقيه رشاوى.
وعلى خلفية توتر الأوضاع على المسار الانتخابي، وما قد يتعرض له القضاء الليبي من هزات، قالت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا، ستيفاني ويليامز، إنها زارت رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي محمد الحافي، في مقر المحكمة العليا بطرابلس، مشيرة إلى الاتفاق على «الأهمية الحاسمة للحفاظ على وحدة القضاء واستقلاليته، بعيداً عن كل النفوذ السياسي والخلافات».
وتوعدت ويليامز في تغريدة عبر حسابها على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» قائلة: «لن تتهاون الأمم المتحدة مع الترهيب والاعتداء على القضاة والأجهزة القضائية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».