الجيش الإسرائيلي دمر مرافق سلاح كيماوي تحت الأرض في سوريا ليهدد إيران بالمثل

تل أبيب تؤكد صحة الأنباء عن القصف في محيط دمشق وحمص

الدفاعات السورية تطلق صاروخا خلال التصدي لغارات على دمشق (أرشيفية - رويترز)
الدفاعات السورية تطلق صاروخا خلال التصدي لغارات على دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي دمر مرافق سلاح كيماوي تحت الأرض في سوريا ليهدد إيران بالمثل

الدفاعات السورية تطلق صاروخا خلال التصدي لغارات على دمشق (أرشيفية - رويترز)
الدفاعات السورية تطلق صاروخا خلال التصدي لغارات على دمشق (أرشيفية - رويترز)

صادقت أوساط سياسية وأمنية في تل أبيب، على ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، من أن إسرائيل هاجمت مواقع تطوير أسلحة كيماوية تابعة لقوات نظام بشار الأسد في سوريا في يوم 8 يونيو (حزيران). وقالت إن ذلك القصف دمر مرافق سلاح غير تقليدي واستهدف ردع سوريا من جهة وبالأساس توجيه رسالة تحذير إلى إيران.
وقالت هذه الأوساط، في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، إن هذا القصف، الذي استهدف ثلاثة مواقع في محيط دمشق وحمص، كان مميزاً عن الغارات التقليدية التي شنتها إسرائيل على سوريا. ففي العادة تقوم بقصف مواقع إيرانية أو مواقع سورية يستخدمها حزب الله اللبناني وغيره من الميليشيات الإيرانية. لكن هذه المرة جاء القصف في موقع تحت الأرض يديره الجيش السوري لإنتاج الأسلحة الكيماوية وهو يوجه رسالة إلى طهران مفادها أن بمقدور إسرائيل إصابة أهداف تحت الأرض في إيران نفسها.
وقال المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، أمس، إن هدف هذا الهجوم «تألف من ثلاثة عناصر: الأول، منع حيازة سوريا قدرات غير تقليدية، حتى لو كانت في مراحلها الأولى. والثاني، التوضيح للأسد أن إسرائيل لن تسمح لسوريا بالعودة إلى تهديدها بسلاح دمار شامل. والثالث، إرسال رسالة إلى دول أخرى، وفي مقدمتها إيران، بأن إسرائيل ستعمل بالطريقة نفسها ضد أي جهة تطور سلاحاً يهدد وجودها».
وأضاف ليمور: «الأسد استمر في استخدام أنواع أخرى من السلاح الكيميائي ضد معارضيه، وبالكلور بالأساس، رغم تعهداته بالامتناع عن ذلك. وفي إسرائيل حذروا من حقيقة أن العالم يسمح له بالقيام بذلك سيؤدي، عاجلا أم آجلا، إلى عودة سوريا إلى إنتاج سلاح كيميائي أكثر تطورا، مثلما حدث فعلا. ولكن، وخلافاً للماضي، فإن إسرائيل قررت عدم الانتظار إلى حين تتسلح سوريا بكمية كبيرة من السلاح الكيميائي، وتدميره وهو في مراحل تطويره الأولى. لكن حقيقة أن سوريا واصلت جهود التطوير، رغم أنها هوجمت في المرة الأولى».
وانتقد المتحدثون إلى ليمور موقف الولايات المتحدة، التي كانت قد تعهدت في الماضي بشن الهجوم بنفسها، وذلك في إطار التسوية التي توصلت إليها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، عام 2013، وبموجبها تم إخلاء 95 في المائة من مخزون السلاح الكيميائي من سوريا مقابل عدم توجيه ضربة أميركية شديدة. وقالوا: «بامتناعهم عن شن هجوم، أهدر الأميركيون مرة أخرى فرصة لنقل رسالة إلى الشرق الأوسط والعالم كله. وإسرائيل، في المقابل، أصرّت على مبادئها وحتى إنها وسّعت (عقيدة بيغن)، التي بموجبها لن تسمح لأي دولة في المنطقة بحيازة قدرات نووية ولا كيميائية أيضا. ويبدو أن هذا كان الدافع لتوقيت النشر، أمس».
ونقل المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، على لسان مسؤولين عسكريين أن «الهجوم على المرافق العسكرية الكيماوية في سوريا غير عادي، من حيث كونه بعيدا وعميقا. واستخدمت فيه الطائرات الحربية قنابل خاصة تخترق طبقة من الباطون المسلح على عمق كبير». وأضاف: «ثمة عنصرين مثيرين في هذا الهجوم: الأول هو توقيت التسريب للصحيفة الأميركية، بعد انتهاء زيارة وزير الدفاع، بيني غانتس، للولايات المتحدة مباشرة والتلميح لجميع الجهات في إيران والولايات المتحدة، بأن نوايا إسرائيل جدية بالعمل ضد تطوير أسلحة غير تقليدية بحوزة أعدائها». وتابع يهوشواع: «صحيح أن الهجوم في سوريا ليس مشابها لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ولكن من سرّب النبأ عنه للصحيفة حاول إظهار مقارنة معينة. والأمر الثاني المثير هو وصف التنسيق الأمني الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة».
وأما المحرر العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فقال إن «ما دفع إسرائيل لمهاجمة السلاح الكيميائي السوري لم يكن القلق من استخدام غاز الأعصاب ضد المعارضة في سوريا، وإنما من سعي إسرائيل إلى الحفاظ على توازن قوي لصالحها، ومن أجل الحفاظ على الستاتيكفو القديم». وأشار هرئيل إلى أنه «يوجد استنتاجان من عودة النظام إلى إنتاج غاز أعصاب: الأول، أنه عندما تسنح له الفرصة، يعود الأسد إلى أفعاله السيئة، وجميع تحذيرات المجتمع الدولي لن تفيد. والثاني هو أن النظام موجود في ذروة خطوة واسعة لترسيخ سيطرته في أنحاء الدولة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.