عقوبات أوروبية ضد «فاغنر» الروسية لـ«دورها المزعزع للاستقرار»

قلق غربي من تغلغل المجموعة في 23 دولة أفريقية

وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي على هامش اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)
وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي على هامش اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)
TT

عقوبات أوروبية ضد «فاغنر» الروسية لـ«دورها المزعزع للاستقرار»

وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي على هامش اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)
وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي على هامش اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)

أخيراً، نفذ الاتحاد الأوروبي تهديداته بفرض عقوبات على «مجموعة فاغنر» الروسية التي يعدها الغربيون بمثابة الذراع العسكرية غير الرسمية للكرملين نظراً للعلاقة الخاصة القائمة بين مؤسس هذه الميليشيات، الضابط السابق في جهاز المخابرات العسكرية الروسية ديميتري أوتكين وممولها الحالي رجل الأعمال أيفغيني بريغوجين من جهة، والرئيس فلاديمير بوتين من جهة ثانية.
وبريغوجين الذي يطلق عليه في موسكو لقب «طباخ الكرملين»، بسبب الثروة الكبيرة التي جمعها في قطاع المطاعم قبل أن ينجح في الحصول على عقود عسكرية مع الجيش الروسي، اتهمته واشنطن بالوقوف وراء وكالة إعلامية ناشطة في قطاع الإنترنت اسمها «إنترنت ريسيرش أجنسي» ومتخصصة في بث الأخبار الكاذبة «فيك نيوز». وبرز اسم فاغنر واسمها الكامل «بي إم سي فاغنر» في عام 2014 خلال الحرب بين السلطات المركزية الأوكرانية وانفصاليي شرق البلاد في منطقة دونباس التي تحظى بدعم موسكو. ولاحقاً، ظهر اسمها في سوريا ثم في العديد من البلدان الأفريقية أبرزها جمهورية أفريقيا الوسطى وفي ليبيا.
ومؤخراً، أثارت الأخبار التي تشير إلى مفاوضات متقدمة بينها وبين حكومة مالي المخاوف الأوروبية وخصوصاً الفرنسية حيث تنشر باريس في منطقة الساحل وتحديداً في مالي، منذ عام 2014، قوة عسكرية كبيرة تحت اسم «برخان». وقد اتخذ الانقلابيون من الجيش المالي من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شهر يونيو (حزيران) الماضي عن خطة خفض عديد قوات بلاده إلى النصف وإغلاق القواعد العسكرية في شمال مالي وتكريس وجودها فقط لمحاربة التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة وداعش والناشطة بشكل منطقة «الحدود المثلثة» «مالي - بوركينا فاسو - النيجر» حجة للتواصل مع فاغنر لتحل محل الجنود الفرنسيين.
وجاءت العقوبات أمس بمناسبة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل في الوقت الذي تعرف العلاقات الغربية «الأميركية والأوروبية» - الروسية توترات حادة بسبب المخاوف الغربية من خطط روسية للقيام بعمليات عسكرية في أوكرانيا. وإضافة إلى العقوبات على مجموعة فاغنر نفسها، فقد استهدف الأوروبيون 3 شركات و8 أشخاص على ارتباط بها وتبرير تلك «الأنشطة المزعزعة للاستقرار» التي تقوم بها إن في أوكرانيا أو في بلدان أفريقية مختلفة. واللافت أن القرار اتخذه الوزراء الأوروبيون بالإجماع على غرار ما حصل في اجتماع مجموعة السبع التي استضافتها بريطانيا مؤخراً لجهة التوافق التام من أجل توجيه رسالة حازمة إلى السلطات الروسية وتحذيرها من القيام بأعمال عدائية ضد أوكرانيا. وهذا الأمر أشار إليه وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل بقوله أمس إن الاجتماع «استكمال لاجتماع مجموعة السبع»، مشيراً إلى أن العقوبات تم التفاهم بشأنها سابقاً مع الجانبين الأميركي والبريطاني.
وتشمل العقوبات حظر تأشيرات دخول إلى الاتحاد الأوروبي وتجميد الأصول العائدة لأشخاص وكيانات مرتبطة بـ«فاغنر». وسبق للوزراء الأوروبيين أن توافقوا بشأن هذا الملف في اجتماعهم منتصف الشهر الماضي في العاصمة البلجيكية. وتبدو العقوبات ضد فاغنر على أنها جزء مما قد يلجأ إليه الغربيون في حال أقدمت موسكو على مغامرة عسكرية جديدة في أوكرانيا أكان مباشرة أو بالواسطة أي عبر توفير دعم إضافي إلى انفصاليي مقاطعة دونباس.
حقيقة الأمر أن رؤية الأوروبيين لتعقيدات الوضع في أوكرانيا تمزج بين السياسة الروسية من جهة والدور الذي يمكن أن يسند إلى مجموعة فاغنر من جهة ثانية. وطيلة السنوات الأخيرة، نفى الكرملين أن تكون له أي علاقة مع فاغنر معتبراً أنها «شركة خاصة تعمل على أسس تجارية» وهو ما أكده الرئيس بوتين لنظيره الفرنسي أكثر من مرة عندما أثار معه تدخل القوات شبه العسكرية في أفريقيا ما تحت الصحراء وفي مالي. ومن باب التحذير، أكد المسؤولون الفرنسيون، منذ الربيع الماضي، وعلى رأسهم ماكرون ووزيرا الخارجية والدفاع، أن دخول عناصر فاغنر إلى مالي لا يمكن أن يتلاءم مع استمرار التزامات باريس العسكرية. وبكلام آخر، نبهت باريس من أن وصول فاغنر يعني خروج فرنسا وربما معها قوة «تاكوبا» الأوروبية المشكلة من وحدات كوماندوس من مجموعة دول أوروبية هدفها مواكبة القوات العسكرية المالية في عملياتها العسكرية ضد التنظيمات الجهادية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أوروبي قوله إن فاغنر «شركة عسكرية خاصة تعمل على ضرب الاستقرار في أوروبا وفي عدد من بلدان الجوار الأوروبي وتحديداً في أفريقيا». واللافت أن المصدر المذكور أشار إلى تواجد «فاغنر» في 23 دولة أفريقية جنوب الصحراء من غير أن يعددها.
وبمناسبة اجتماع الوزراء الأوروبيين، تم التوافق على «الإطار القانوني» الذي سيتيح للاتحاد فرض عقوبات على كل من يعتبره معرقلاً للانتقال السياسي وللعملية الانتخابية المفترض أن تجري في مالي من أجل إعادة السلطة إلى هيئات مدنية منتخبة. ويأتي القرار الأوروبي امتداداً لقرار اتخذته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والقاضي بفرض عقوبات على أعضاء المجلس العسكري في مالي بسبب التأخر في تنظيم الانتخابات المفترض بها أن تضع حداً لحكم العسكر مباشرة أو بالواسطة عقب الانقلاب المزدوج في أغسطس (آب) من العام الماضي وفي مايو (أيار) من العام المنتهي.
في سياق مقابل ولمواجهة ما يراه الغربيون من تغلغل متصاعد لـ«فاغنر» في أفريقيا، حذرت نبيلة مصرالي، الناطقة باسم بوريل من أن وجود المجموعة الروسية للمرتزقة في جمهورية أفريقيا الوسطى وهيمنتها على هذا البلد قد يدفعان بالاتحاد الأوروبي إلى وضع حد لمهمته التدريبية للقوات المسلحة في هذا البلد. وبحسب مصرالي، فإن الاتحاد الأوروبي «قلق حيال وجود هذه المجموعة في 23 دولة أفريقية والروابط الوثيقة جداً لهذه الشركة مع روسيا» مضيفة أن «تقارير حديثة موثقة وطنية ودولية، تندد بانتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها مدربون روس وموظفون في مجموعات خاصة تنشط في أفريقيا الوسطى».
هل ستكون العقوبات والإنذارات الأوروبية كافية لردع «فاغنر»؟ السؤال مطروح، والجواب، بحسب أوساط فرنسية، يتعين البحث عنه في تطورات العلاقات مع روسيا رغم أن الأخيرة تنفي قطعياً وجود أي علاقة لسلطاتها مع هذه المجموعة الأمر الذي لا يقنع الغربيين.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.