رئيس «الأعلى للقضاء» التونسي يستبعد حل المجلس

أحزاب تطالب بوضع حد لـ«عربدة السفراء»

TT

رئيس «الأعلى للقضاء» التونسي يستبعد حل المجلس

استبعد يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس، إمكانية حل المجلس من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد. وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس (الاثنين) في العاصمة التونسية تحت عنوان «المجلس الأعلى للقضاء: التوقيت، الفرص وآليات الإصلاح»، إن «رئيس الدولة أعلمنا في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بأن تفعيل الفصل 80 من الدستور التونسي واتخاذ تدابير استثنائية قضت بإقالة الحكومة وتجميد أنشطة البرلمان، جاء بسبب الوضع الصحي المتدهور في تونس والصراعات والمناكفات المتكررة الموجودة داخل البرلمان». واعتبر بوزاخر أن «هذا هو الخطر الداهم الذي استوجب اتخاذ مثل تلك التدابير، ولا صلة بالسلطة القضائية بهذا الخطر»، على حد تعبيره.
وأفاد رئيس المجلس الأعلى للقضاء بأن هذه الهيئة المنتخبة ارتأت النأي بنفسها عن الصراع السياسي سواء قبل فترة 25 يوليو (تموز) أو بعدها، مستبعداً أن تكون السلطة القضائية هي الخطر الداهم في تونس، قائلًا: «إذا كان المجلس يمثل خطراً داهماً يجب التصريح بذلك صراحة» دون تلميح. وأكد بوزاخر على أن الرئيس التونسي لم يتحدث خلال اللقاءات التي جمعته بأعضاء المجلس الأعلى للقضاء عن «إمكانية حل المجلس»، وهو ما تروج له أطراف سياسية واجتماعية أخرى، على حد قوله.
وكانت عدة أطراف سياسية وحقوقية قد عبرت عن تخوفها من قرار قد يتخذه رئيس الجمهورية بحل المجلس الأعلى للقضاء، إثر سلسلة من الانتقادات التي قادها ضد السلطة القضائية واتهام البعض منهم بالفساد. ودافع المجلس الأعلى للقضاء عن استقلالية السلطة القضائية، معلناً بقاءه في حالة انعقاد لمتابعة الأوضاع والتطورات الحاصلة في علاقة بالشأن القضائي. ودعت عدة منظمات حقوقية من بينها الهيئة «التونسية للوقاية من التعذيب» المجلس الأعلى للقضاء لاتخاذ موقف واضح بشأن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري التونسي.
يذكر أن المجلس الأعلى للقضاء في تونس قد عبر إثر انعقاد جلسة عامة عن التمسك باستقلال السلطة القضائية والنأي بها عن كافة الضغوط، كما بحث وضعية السلطة القضائية في ضوء المستجدات السياسية الأخيرة في تونس. وتمسك أعضاء المجلس بـ«ضمانات استقلالية القضاء والنأي به عن كل ضغط مهما كان مصدره»، موضحاً أنه يستمد شرعيته من البناء الدستوري. وشدد أعضاء المجلس على تمسكهم بالنظام الديمقراطي القائم على مبدأ الفصل بين السلطات ووجود سلطة قضائية مستقلة ضامنة للحقوق والحريات ولإنفاذ القانون واحترام علويته ومساواة الجميع أمامه.
ويرى متابعون لعلاقة الرئيس التونسي بالمجلس الأعلى للقضاء أن الطرفين قد شددا من لهجة الخطاب بينهما من خلال مضامين التصريحات والبيانات المتعلقة بالقضاء وباستقلاليته من ناحية، ودعوات الرئيس التونسي قيس سعيد ومنذ انطلاق الوضع الاستثنائي إلى ضرورة إصلاح القضاء، معتبراً أنه «وظيفة في الدولة لكنها ليست مستقلة عن الدولة»، وهو ما رفضه القضاة بشدة.
كما كلف الرئيس سعيد وزيرة العدل ليلى جفال بإعداد مشروع قانون جديد يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، كما قال: «لا بد من تغيير هذا القانون الذي وضع على المقاس».
على صعيد آخر، أدانت مجموعة من المنظمات والأحزاب السياسية التونسية البيان الأخير الصادر عن سفراء مجموعة السبعة المطالب بعودة المؤسسات الديمقراطية، معتبرة أنه «تدخل سافر في شأن داخلي تونسي». وطالبت الرئيس التونسي بوضع حد لـ«عربدة السفراء الأجانب»، على حد تعبيرها.
وأشارت إلى محاولة «ابتزاز» الدولة التونسية بأوضاعها الاقتصادية لفرض رؤيتها للمسار السياسي وإعادة مجموعات الفساد والإرهاب إلى المسار السياسي لتونس. وشملت قائمة المنظمات والأحزاب «حركة تونس إلى الأمام» وحزب «التيار الشعبي» وحزب «الوطد الاشتراكي» و«حركة الشعب» و«حركة البعث» و«ائتـلاف صمـود» و«الجبهة الشعبية الوحدوية» و«مجموعة العمل التقدمي».
في غضون ذلك، دعا فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس، رئيس الدولة لحمايته من مضايقات الحزب الدستوري الحر الذي قرر الاعتصام أمام المقر. وقال إن عبير موسي، رئيسة الحزب، وعدداً من المنتمين لحزبها كانوا قد اعتصموا أكثر من مرة أمام مقر الاتحاد واقتحموه في أحد الاعتصامات وعاثوا في محتوياته فساداً وقد فُض الاعتصام بالقوة العامة، رغم أن كل القضايا التي رفعتها ضد الجمعية حكم فيها القضاء ضدها وأن الجمعية قد رفعت عدة قضايا وهي الآن قيد البحث القضائي.
أوضحت الجمعية أنها تنشط في إطار القانون وفي تطبيق كامل لمقتضياته، وأنها لا تلجأ إلا إليه في مواجهة الاعتداءات المتكررة ضدها تحاشياً لكل ما يعكر صفو النظام العام، وتحاشياً كذلك لأي انفلات قد يقع في مواجهة تلك الاعتداءات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».