تعديل بسيط يمنح الخلايا الشمسية عمراً أطول بتكلفة أقل

باحثو «كاوست» يحققون مستويات غير مسبوقة لتحسين كفاءتها

تعديل بسيط يمنح الخلايا الشمسية عمراً أطول بتكلفة أقل
TT

تعديل بسيط يمنح الخلايا الشمسية عمراً أطول بتكلفة أقل

تعديل بسيط يمنح الخلايا الشمسية عمراً أطول بتكلفة أقل

أثبت باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أن خلايا البيروفسكايت الشمسيّة المعكوسة ذات الأمد التشغيلي الأطول، يمكنها تحقيق معدّلات كفاءة تقارب تلك التي تحققها خلايا البيروفسكايت الشمسية التقليديّة، التي تتميز بكفاءتها العالية لكن تعيبها الهشاشة.
وقد يقود هذا الكشف إلى تطوير ألواح بيروفسكايت شمسية تضاهي في أعمارها التشغيلية وكفاءة التقاطها للضوء، ألواح السيليكون الشمسية التقليديّة، إلا أن ما يميز الألواح الجديدة أنها أكثر بساطة، وأقل استهلاكًا للطاقة، وأقل تكلفة.
وجدير بالذكر أن مواد البيروفسكايت خطفتْ الأضواء مؤخرا كبديل واعد لصُنع خلايا شمسيّة؛ نظرًا لقدرتها على جمع الطاقة بكفاءة تكاد تضاهي خلايا السيليكون الشمسيّة التقليدية، كما أنها قد تكون أرخص وأسهل في الإنتاج. وتعتبر البيروفسكايت مادة مركبة ذات تركيب بلوري وتتكون نتيجة لتفاعل كيميائي خاص ولها من الإمكانيات التي تجعلها البديل القادم عن الخلايا الشمسية المصنوعة من السيليكون.
إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه العلماء ويجعل خلايا البروفسكات لا تجد طريقها الأمثل بشكل واسع وتجاري إلى أسطح المنازل ومحطات توليد الطاقة، هو في عدم استقرار المواد المكونة لتلك الخلايا، وهو الأمر الذي يجتهد فيه العلماء لإيجاد حل لهذا التحدي.
وفي المختبرات، شهدت الخلايا الشمسية المعتمدة على هاليد البيروفسكايت الفلزية طفرة في معدلات كفاءة تحويل الطاقة؛ إذ قفزت من 3.8 في المائة إلى 25.2 في المائة في غضون عقد واحد فقط.
وللتّفرقة بين خلايا البيروفسكايت الشمسيّة المعكوسة ذات العمر التشغيلي الأطول ومثيلاتها التقليديّة، يقول البروفيسور عثمان بكر، أستاذ هندسة وعلوم المواد، والباحث في مركز «كاوست» للحفز الكيميائي، الذي قاد هذا المجهود البحثي: «تقدّم خلايا البيروفسكايت الشمسية التقليديّة، والمكونة من طبقات مرتبة في ما يطلق عليه (بنية ’n-i-p‘)، أعلى معدلات للكفاءة. غير أن هذه الأجهزة تتطلب عوامل إشابة أيونية، وهي عناصر غير مستقرة وتقلل من عمر الألواح الشمسية». وعوامل الإشابة هي عناصر كيميائية تضاف بتراكيز منخفضة جداً من أجل تغيير الخصائص الكهربائية أو البصرية للمواد المضاف إليها.
من جهته، يقول الدكتور شاوبينج تشنج، الباحث الأول في الدراسة: «لا تحتاج خلايا البيروفسكايت المعكوسة ’p-i-n‘ إلى عوامل الإشابة غير المستقرة لإطالة عمرها التشغيلي. غير أن معدلات كفاءتها تقل كثيرًا عن تلك التي تُحرزها الأجهزة ذات البنية التقليدية». ومن الجدير بالذكر أن كفاءة أفضل خلايا البيروفسكايت الشمسيّة المعكوسة لم تتجاوز حتى الآن نسبة 20.9 في المائة.
ولتعزيز نسب كفاءة خلايا البيروفسكايت المعكوسة وعمرها، نجح بكر وزملاؤه مؤخرا، بالتعاون مع باحثين من جامعة تورنتو الكندية، في إجراء تحسين ملحوظ على تلك الخلايا، تمثّل في إضافة ربيطات الألكيلامين طويلة السلسلة (AALs) إلى المزيج في أثناء إنتاج البيروفسكايت، ما أدَّى إلى تطوير خلية بيروفسكايت شمسيّة معكوسة ذات استقرار أفضل وكفاءة موثَّقة غير مسبوقة تبلغ 22.3 في المائة.
جدير بالذكر أن مادة الألكيلامين (يشار إليها أيضًا باسم الأمينات الأليفاتية) تنتمي إلى مجموعة المركبات النشطة على السطح. وبشكل عام، فهي مشتقة من الأحماض الدهنية. وتستخدم الأمينات لتطهير الأسطح والأدوات، كعامل ترطيب أو مستحلب أو منظف، وكذلك في المستحضرات الصيدلانية والملونات.
ولتوضيح تأثير هذا الإجراء في الخلايا، يقول تشنج: «كانت إضافة كمية ضئيلة للغاية من ربيطات الألكيلامين كافية لتحسين الخواص البنيوية والإلكترو بصرية للبيروفسكايت من عدة نواحٍ». وفي الكيمياء فإن الذرات والجزيئات التي تستعمل كربيطات عادة ما تكون قادرة على منح زوج من الإلكترونات لتشكل رابطة تساهمية مع الذرة الفلزية.
وقد أدت إضافة ربيطات الألكيلامين طويلة السلسلة إلى مزيج البيروفسكايت خلال عملية التصنيع إلى تفاعل ذيول الربيطات، وهو ما نتجت عنه محاذاة الحبيبات المتجاورة لتقليص العيوب الناشئة عن الحدود بينها في طبقات البيروفسكايت النهائية.
ومع تقارب حبيبات البيروفسكايت بعضها من بعض، دُفِعَت ربيطات الألكيلامين نحو السطح الخارجي، مكونًة غلافًا واقيًا. كذلك أمكن للرأس الأميني لكل جزيء من جزيئات الربيطات أن يملأ العيوب النقطية في بنية البيروفسكايت.
وبوجه عام، عزّزت إضافة ربيطات الألكيلامين طويلة السلسلة من الناتج الكهربائي للمادة في ضوء الشمس، كما حسّنت من معدلات الاستقرار وطول العمر.
وعن خطواتهم المستقبلية، يختتم تشنج حديثه قائلًا: «نهدف في المرحلة التالية من بحثنا إلى التوسع في إنتاج خلايا البيروفسكايت للوصول إلى منتج عالي الأداء جاهز للطرح بالأسواق. ولا شك أن تطوير أسلوب قابل للتوسع في إنتاج أغشية بيروفسكايت واسعة النطاق ذات جودة عالية على مختلف الأسطح - بما فيها الركائز المرنة ورقائق السيليكون - من شأنه أن يتغلب على العقبة الرئيسية الباقية أمام طرحها على نطاق تجاري».


مقالات ذات صلة

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

إبداعات تطمس الحدود بين الفن والتصميم وتجمع الجمال والخيال والفائدة

إبداعات تطمس الحدود بين الفن والتصميم وتجمع الجمال والخيال والفائدة
TT

إبداعات تطمس الحدود بين الفن والتصميم وتجمع الجمال والخيال والفائدة

إبداعات تطمس الحدود بين الفن والتصميم وتجمع الجمال والخيال والفائدة

من «اللمعان العالي» إلى المزيد من الحرفية في عملية التصميم... هذه هي الاتجاهات التي يريد المصممون رؤيتها أكثر في العام المقبل. كما كتبت إليزافيتا م. براندون (*).

مع انتهاء عام 2024، تواصلنا مع ثمانية مصممين ومهندسين معماريين، بما في ذلك تي تشانغ وبين ويليت وباسكال سابلان، وطلبنا منهم طرح تصوراتهم. أما مهمتهم، فهي اختيار اتجاه يريدون رؤيته مزدهراً في العام المقبل. وقد حان الوقت للكشف عن تلك الاتجاهات.

«التصميم الفني»

يقول تي تشانغ، مصمم صناعي ومؤسس مشارك ومدير تصميم منظمة «كرايف» Crave: «في عام 2025، أتوقع أن نشهد ارتفاعاً في التصميم الفني (Artful design) - وهي حركة تتجاوز فيها المنتجات الوظائف، لتصبح أشياء ذات معنى عميق ولها صدى عاطفي».

وهذه الإبداعات تطمس الحدود بين الفن والتصميم، وتجمع بين الجمال والخيال والفائدة بطرق تسعد وتلهم. إنها ليست مجرد أشياء نستخدمها؛ إنها أشياء نعتز بها.

إن هذه الأشياء تكون مصنوعة من قِبل فنانين ومبدعين وعلامات تجارية ذات قناعات إبداعية قوية ونهج ضميري للتصنيع. ويتم إنتاجها بعناية من خلال عمليات تصنيع مدروسة، مع إعطاء الأولوية للجودة على الكمية. يتماشى هذا النهج مع رغبات المستهلكين المتزايدة في أسلوب حياة أفضل - أسلوب يرفض السلع الرخيصة التي يمكن التخلص منها لصالح المنتجات المصنوعة مع احترام البيئة والاعتبار لرفاهية المستخدم.

«لمعان شديد»

يقول بن ويليت، مصمم، مؤسس شركة «ويليت» إنه متحيز جزئياً «لأنني أطلي الكثير من قطع الأثاث الخاصة بي الآن؛ فهذا يضيف شيئاً جريئاً وحسياً إلى قطعة أثاث أو غرفة. ولأن الضوء يحب التحرك في الفضاء فإن طلاء شيء على شكل شديد اللمعان يمنحه الفرصة للقيام بذلك».

التنوع والمساواة في الهندسة المعمارية والتصميم

تقول باسكال سابلان، مهندسة معمارية، الرئيسة التنفيذية لشركة Adjaye Associates، استوديو نيويورك، إن «أحد الاتجاهات التي أرغب بشدة في رؤيتها تزدهر في عام 2025 هو الاستمرار في إعطاء الأولوية للتنوع والمساواة والشمو بصفتها ركيزة أساسية لمهنتنا. إن الجهود المبذولة لإنشاء صناعة تصميم أكثر إنصافاً وعدالة ليست مجرد مبادرات؛ بل إنها ضرورية لتشكيل بيئة مبنية تعكس وتخدم الطيف الكامل للإنسانية».

من خلال تضخيم الأصوات غير الممثلة، ورعاية المواهب المتنوعة، ودمج الممارسات التي يقودها المجتمع، يمكننا تصميم مساحات تكرم السرديات الثقافية وترفع من شأن المجتمعات المهمشة. وتضيف: «هذا العمل يتعلق بإنشاء أنظمة دائمة للتغيير تتحدى عدم المساواة وتعزز الإبداع من خلال القوة الجماعية».

«التخصيص والحرفية»

تقول تاليا كوتون، مصممة ومؤسسة ومديرة إبداعية، في «كوتون ديزاين» إن «الشعارات والخطوط المطبعية المخصصة للغاية تعود إلى الظهور، وأنا متحمسة جداً لهذا».

هل تذكرون الوقت الذي سبق ظهور أجهزة الكمبيوتر، عندما كان كل شيء مرسوماً يدوياً بدقة وفريداً حقاً. في السنوات الأخيرة، اتجه التصميم نحو التجانس، وقد لاحظ الناس ذلك... لكن التخصيص يزدهر. وهذا مؤشر على أن الحرفة لم تمت في صناعتنا.

إن الحرفة اليدوية تذكير بأن الفن يميز العمل الرائع. أعتقد أن هذا الاتجاه مهم بشكل خاص الآن؛ لأنه مع صعود الذكاء الاصطناعي والأتمتة، أصبحت الأشياء المصنوعة حسب الطلب والمصنوعة يدوياً ذات قيمة أكبر تقريباً.

وتضيف إميلي شابيرو، مصممة ديكورات داخلية ومؤسسة TALD، من جهتها، إن التخصيص هو الاتجاه الذي نأمل أن يستمر - المساحات التي تعكس ما يجعلك سعيداً، والمصممة عمداً وبحجم مناسب. سواء كان أسلوبك يميل نحو النغمات الخافتة أو الألوان والأنماط الجريئة، فهناك طريقة لإضفاء الحياة على رؤيتك بعناية بحيث يناسب منزلك الطريقة التي تعيش بها وتجتمع بها.

«الاستدامة الطبيعية»

يقول جو دوسيت، مصمم صناعي ومؤسس، «جو دوسيت إكس بارتنرز»: «أعتقد أننا نتجاوز أخيراً الاستدامة المزيفة مثل الخيزران المعاد تدويره والإطارات القديمة الممزوجة بالراتنج إذ لا شيء منهما أفضل للكوكب من المواد الخام. على نحو متزايد، أرى الاستدامة مدمجة في عملية التصنيع بأكملها، والتحول نحو مواد أقل وفي النهاية نقاط فشل أقل. إنه يمثل الابتعاد عن وجهة نظر أحادية البعد للمواد ونحو فهم أن التصميم المستدام مدمج في كل مرحلة من مراحل العملية. هذا ما يجب أن نحب جميعاً أن نرى المزيد منه».

التأثير التجديدي لـ«الإلحاح الصبور»

يقول شون كوين، مدير التصميم المتجدد HOK، إن التصميم التجديدي أخذ يظهر. لقد أصبح تعزيز التنوع البيولوجي حلاً واضحاً وحاسماً لصحة الكوكب، وقد أظهرت إعادة تأهيل المدن تحسناً في حياتنا اليومية. ومع ذلك، نشأ هذا النهج والوعي المتطور خلال فترة من الخلل السياسي والصراع الثقافي.

واستجابة لذلك؛ نحتاج إلى تبني ممارسة «الإلحاح الصبور». نحن في حاجة إلى إشراك المؤيدين والمتشككين على حد سواء والتواصل بشأن هذه القضايا الحرجة بطريقة تجعل عملاءنا ومجتمعاتنا يشاركوننا في هذه الرحلة المثيرة. بصفتنا مصممين، نحتاج إلى الاحتفاظ بتركيزنا والتزامنا بتطوير حلول تعيد ربط الأنظمة الطبيعية بالبيئة المبنية، وتدفع النمو المرن والمستقل عن الطاقة والإيجابي للطبيعة.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»