الحكومة العمانية تشدد على إجراءات حماية المال العام

الميزانية لإنفاق 31 مليار دولار بتراجع العجز إلى ما دون 4 مليارات

سلطان الحبسي وزير المالية العماني
سلطان الحبسي وزير المالية العماني
TT

الحكومة العمانية تشدد على إجراءات حماية المال العام

سلطان الحبسي وزير المالية العماني
سلطان الحبسي وزير المالية العماني

شددت الحكومة العُمانية، أمس، إجراءاتها لحماية المال العام، في وقت أعلن وزير المالية أن الضريبة المقترحة على أصحاب الدخل المرتفع لن تطبق خلال العام المقبل 2022، موضحا أن العجز في الميزانية للعام المقبل سيبلغ نحو 3.9 مليار دولار.
وأقر مجلس الوزراء العُماني أمس دراسة تعديل قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح، وقالت وكالة الأنباء العمانية إن هذا التعديل جاء بهدف «تعزيز الشفافية والإجراءات الحكومية المتخذة لمكافحة الفساد».
وبناء على هذا التعديل «سيقوم جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بالتنسيق مع الجهات المختصة حول مشروع التعديلات التي سيتم إدخالها على القانون الساري؛ تحقيقا للمزيد من الحماية للمال العام».
وخلال لقاء إعلامي للميزانية العامة لسلطنة عُمان لعام 2022، أقيم أمس بوزارة المالية، قال سلطان الحبسي وزير المالية إن الضريبة المقترحة على أصحاب الدخل المرتفع لن تطبق في العام 2022، ومن المقرر أن يبلغ العجز في الميزانية المقترحة نسبة 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي أي داخل النطاق المقدر في الخطة المالية متوسطة الأجل التي أطلقتها السلطنة العام الماضي لإصلاح ماليتها.
وقال وزير المالية إن العجز المقدر لعام 2022 على أساس سعر 50 دولارا سعر النفط، سيبلغ نحو 1.5 مليار ريال عُماني (3.9 مليار دولار) ويمثل نسبة 15 في المائة من جملة الإيرادات ونسبة 5 في المائة مـن الناتــج المحلي، مضيفاً أن هذا العجز «هو في حدود العجز المقدر في الخطة المالية متوسطة المدى». وأكد «أن أي ارتفاع لأسعار النفط سيتم استغلاله لتقليل العجز وسداد الديوان»، كما أشار إلى أن العلاوة الدورية ستكون مدرجة في ميزانية 2022.
وقالت وكالة الأنباء العمانية إن السلطنة تعتزم إنفاق 12.1 مليار ريال (31.43 مليار دولار) في العام المقبل، وأوضح وزير المالية أن من المتوقع أن يمثل النفط 68 في المائة من إيرادات الدولة العام المقبل. وتستهدف عمان في الخطة المالية متوسطة الأجل خفض عجز الموازنة مما يقدر بنحو 11.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى 8.8 في المائة العام المقبل.
وقالت الوكالة إن عمان تتوقع أن تبلغ نسبة الدين العام 75 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل أي أقل من تقديرات سابقة بأن تبلغ النسبة 86 في المائة، وذلك بفضل الإصلاح المالي الذي شمل فرض ضريبة قيمة مضافة.
وقال وزير المالية، إجمالي الإيرادات العامة للدولة للسنة المالية 2022 قدرت بنحو 10.58 مليار ريال عُماني (26 مليار دولار)، بنسـبة زيادة قدرها 6 في المائة عما هو متوقع تحصيله بنهاية عام 2021. وتمثـل إيرادات النفط والغاز 68 في المائة من جملة الإيرادات في حين تمثل الإيرادات غير النفطية ما نسبته 32 في المائة.
وتابع: «حجم الإنفـاق العـام المقدر للسنة الماليـة 2022 يبلغ نحو 12.1 مليار ريال عُماني (31.6 مليار دولار)، بنسبة زيادة قدرها 2 في المائة عما هو متوقع إنفاقه بنهاية هذا العام، ويشمل ذلك تكلفة خدمة الدين العام البالغة نحو 1.3 مليار ريال عماني (3.4 مليار دولار)».
وقدر وزير المالية تكلفة سداد أقساط القروض الحكومية في العام القادم بنحو 2.7 مليار ريال عماني (7 مليارات دولار). وفيما يتعلق بمستوى الدين العام، فمن المتوقع أن يشكل ما نسبته 75 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل مما كان متوقعاً بنحو 86 في المائة.
من جانبه، قال وكيل المالية عبد الله الحارثي، إن الحكومة تمكنت من سداد مليار و49 مليون ريال عماني كمستحقات للقطاع الخاص، مضيفا أن تقدير مصروفات الوزارات المدنية في ميزانية عام 2022 بواقع 4.3 مليار ريال عماني.
وأضاف «من أهم ركائز الميزانية العامة للدولة لعام 2022 الحفاظ على المستويات الآمنة والمستدامة للإنفاق العام والاستمرار في رفع مساهمات الإيرادات غير النفطية، وإعطاء الأولوية لتنفيذ المشروعات المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية وغيرها».
وتابع «النتائج الأولية المتوقعة حتى نهاية عام 2021 تشير إلى ارتفاع صافي إيرادات النفط بنسبة 56 في المائة وارتفاع إيرادات الغاز بنسبة 40 في المائة، وانخفاض الإيرادات غير النفطية بنسبة 14 في المائة».
إلى ذلك، قال سعيد الصقري وزير الاقتصاد العُماني إن سوق العمل في سلطنة عُمان يوفر 27 ألف فرصة وظيفية سنوياً للباحثين عن عمل إلى جانب مبادرة الإحلال من قبل وزارة العمل.
وذكر عبد السلام المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العماني أن «حجم الإنفاق الاستثماري الفعلي لعام 2021 بلغ 2.6 مليار ريال عُماني (6.8 مليار دولار) وبموازنة عام 2022 يقدر بنحو 2.9 مليار ريال عُماني (7.5 مليار دولار) وذلك من خلال توسعة وتعزيز المشاريع الحالية واستكمال تشييد مشاريع قيد التنفيذ واعتماد وبدء تطوير مشاريع جديدة».
وأضاف «حجم الإنفاق الاستثماري المتوقع في عام 2022 لقطاع السياحة سيبلغ 193 مليون ريال عُماني وقطاع التعدين 57 مليون ريال عُماني وقطاع اللوجيستيات 116 مليون ريال عُماني والاتصالات وتقنية المعلومات 156 مليون ريال عُماني وقطاع الغذاء 99 مليون ريال عُماني وقطاع الثروة السمكية 54 مليون ريال عُماني وقطاع الطاقة سيبلغ ملياراً و410 ملايين ريال عُماني وقطاع الخدمات العامة 803 ملايين ريال عُماني وقطاعات متنوعة 52 مليون ريال عُماني».
وقال المرشدي إنه «سيتم تنفيذ وتطوير أكثر من 110 مشاريع استثمارية خلال العامين 2021 - 2022 وسيمتد تنفيذها خلال الخطة الخمسية العاشرة».



السعودية تواصل الإنفاق التوسعي الموجه لتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة المالية

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تواصل الإنفاق التوسعي الموجه لتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة المالية

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

غداة نشر وزارة المالية السعودية البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2025، قال مختصون لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة السعودية تظهر من خلال توقعاتها في الميزانية حرصها على الاستمرار في تمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى، وخلق الوظائف الجديدة، وتنفيذ الخطط الاستراتيجية المرتبطة بـ«رؤية 2030»، لتسريعها وفق تطلعات الدولة لكي تصبح رافداً للاقتصاد الوطني في الأعوام المقبلة.

ووفق البيان التمهيدي للميزانية، فمن المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات نحو 1.184 تريليون ريال في 2025 وصولاً إلى نحو 1.289 تريليون ريال في 2027، في حين يُقدَّر أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.285 تريليون ريال في العام المقبل ليرتفع إلى نحو 1.429 تريليون ريال في العام المالي 2027.

وأشار البيان إلى أن الحكومة تعتزم في العام المالي المقبل، وفي المدى المتوسط، ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الاستمرار في الإنفاق على الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين. كما تواصل استثمار الموارد المالية المتاحة لتنويع القاعدة الاقتصادية عن طريق الإنفاق التحولي الذي يشتمل على الاستراتيجيات القطاعية والمناطقية، والمراجعة الدورية للجداول الزمنية للمشروعات، وبرامج «رؤية 2030»؛ وذلك لتجنب الضغط على النشاط الاقتصادي الذي قد ينشأ نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي.

كما تستهدف المملكة الاستمرار في تنويع قنوات التمويل ما بين إصدار السندات والصكوك والقروض، إضافة إلى التوسع في عمليات التمويل الحكومي البديل عن طريق تمويل المشروعات وتمويل البنى التحتية ووكالات ائتمان الصادرات، وذلك من ضمن استراتيجية وزارة المالية لدعم استمرارية واستكمال المشروعات التنموية في البلاد.

المشروعات التنموية

وقال المستشار وأستاذ القانون التجاري الدكتور أسامة العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، إن البيان التمهيدي يعكس حرص الحكومة السعودية على الاستمرار في المشروعات التنموية الكبرى المحفزة للنمو الاقتصادي، وتعزيزه، ورفع جودة الخدمات العامة المقدمة للأفراد والأعمال على حد سواء، والمحافظة على استدامة مؤشر الدين العام، وعلى مستويات آمنة من الاحتياطي النقدي، واستكمال تنفيذ المبادرات والإصلاحات الاقتصادية في ظل «رؤية 2030».

وأوضح أن المملكة قررت مواصلة الإنفاق التوسعي لتحقيق نمو اقتصادي ملائم، والحفاظ على الاستدامة المالية، لافتاً إلى أن وجود عجز في الميزانية يعني مواصلة الاقتراض لسد هذا العجز.

وتهدف الميزانية التوسعية إلى الاستمرار في تمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى، وتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق وظائف جديدة، وتنفيذ الخطط والمبادرات لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث ازدادت الفرص الاستثمارية المتاحة، خصوصاً في قطاعَي التعدين والتقنية وغيرهما من القطاعات الواعدة، ما سيؤدي إلى زيادة في نمو الناتج الإجمالي المحلي.

وتابع أستاذ القانون التجاري، أن توقعات النمو جاءت أقل من التنبؤات السابقة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط، وخفض المملكة إنتاجها؛ تنفيذاً لالتزاماتها وفق اتفاق «أوبك بلس»، ما أدى إلى انخفاض إيرادات المملكة النفطية، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق نمو اقتصادي أقل من التوقعات السابقة.

جودة الحياة

من ناحيته، بيّن أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الدكتور محمد مكني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن العجز في الميزانية العامة للدولة خلال 2025 محدود، ويبلغ نحو 26.9 مليار دولار، وهو مرتبط بالحرص على مواصلة الإنفاق حتى لا تتأثر المشروعات العملاقة المستهدفة، وكذلك جودة حياة المواطن.

وقال: «يلاحظ أن الميزانية جاءت استكمالاً للأهداف التوسعية لسياسة المملكة المعتاد عليها في السنوات السابقة في زيادة الإنفاق، وهناك مبشّرات فيما يخصّ القطاع غير النفطي وتوقعات نموه في الأعوام المقبلة بنحو 4 في المائة».

وبخصوص العام الحالي، «هناك عجز طفيف أيضاً في الميزانية العامة، إلا أنه من المتوقع ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة تتجاوز 3 في المائة»، وفق مكني.

وواصل أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود، أن المؤشرات الرئيسية التي تركز عليها الاقتصادات كافة، تتمثل في مستويات الإنفاق الاستهلاكي، وهذا البند يشهد نمواً في المملكة، وكذلك مؤشرات البطالة في البلاد التي تواصل التراجع خلال الفترة الماضية.

وتابع أن «القطاع النفطي كان يعاني في الفترات السابقة نظراً للسياسات المتبعة من قبل منظمتَي (أوبك) و(أوبك بلس)، وبسبب التخفيضات الطوعية المتخذة من قبل المملكة، إلا أنه من المتوقع أن يتحسّن في الفترة بين عامَي 2025 و2027».

التحسينات الاقتصادية

ومن المعلوم أن المملكة انتهجت سياسة إعادة أولويات الإنفاق، والتركيز على المشروعات التي يمكن إنجازها بشكل أسرع؛ لتصبح رافداً للاقتصاد الوطني خلال الأعوام ما قبل 2030، كما ستُمكّن تلك السياسات المستثمرين الأجانب والمحليين من زيادة التوسع وتحقيق أهدافهم الربحية.

وأضاف الدكتور مكني، أن «الإصلاحات التي قامت بها المملكة باتت ملموسة بشكل مباشر، وطالت مجموعة التحسينات كثيراً من القطاعات على مستوى الأنظمة والتشريعات، والأرقام المحققة في مؤشرات اقتصادية مهمة، إلى جانب سيناريوهات ثلاثة وضعتها وزارة المالية؛ لضمان استمرارية نمو الاقتصاد، وخلق فرص مستقبلية للمستثمرين، وكذلك انتعاش الأنشطة غير النفطية».

القطاعات الواعدة

وأكد البيان التمهيدي للميزانية العامة، أنه «في ضوء التطورات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، واستكمالاً لتنفيذ عدد من المبادرات المالية والاقتصادية، وتبني سياسات مالية تسهم في تعزيز الاستقرار والاستدامة لميزانية الدولة للعام المالي 2025، يُتوقع أن تسجل ميزانية عام 2025 عجزاً بنحو 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

ولفت البيان إلى «تحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي مدعومةً بنمو الأنشطة غير النفطية؛ ما أسهم في ازدهار القطاعات الواعدة مثل السياحة والترفيه والنقل والخدمات اللوجيستية والصناعة، بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة، وتمكين القطاع الخاص، وانخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته تاريخياً، وقد انعكس ذلك بشكل إيجابي على توقعات المنظمات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني لأداء الاقتصاد السعودي».

واستعرض البيان أبرز توقعات عام 2024، ومنها تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024؛ مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية الذي من المتوقع أن يسجل نحو 3.7 في المائة، إضافة إلى أنه من المتوقع أن يسهم انخفاض أسعار الفائدة مؤخراً في ارتفاع الطلب؛ ما قد يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي.

كما تشير التوقعات الأولية إلى وصول الرقم القياسي لأسعار المستهلك (معدل التضخم) إلى نحو 1.7 في المائة بنهاية عام 2024.