حمدوك يستبدل «أمناء ولايات» البرهان

ضمن مساعيه للتحول إلى الحكم المدني

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)
TT

حمدوك يستبدل «أمناء ولايات» البرهان

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)

أفادت وثيقة بأن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك استبدل جميع القائمين بأعمال أمناء الولايات الذين عينهم القائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بعد انقلاب في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء التي اطلعت على الوثيقة. وهذا القرار جزء من جهود حمدوك، الذي عاد إلى رئاسة الوزراء بموجب اتفاق مع الجيش، للعدول عن التغييرات التي أجراها المجلس العسكري بعد الاستيلاء على السلطة.
وجاء في الوثيقة: «بناءً على توجيهات رئيس الوزراء السوداني، وزيرة الحكم الاتحادي تعفي الولاة «أمناء الولايات» الثمانية عشر الذين عينهم القائد العام للجيش بعد انقلاب 25 أكتوبر وتكلف أمناء عموميين جدداً (بإدارة) الثماني عشرة ولاية في السودان وبينهم العاصمة للخرطوم».
وكان حمدوك قد أصدر، بعد عودته لرئاسة الحكومة، قراراً بتكليف وكلاء لـ20 وزارة، وأنهى تكليف الوكلاء الذين تم تكليفهم عقب قرارات البرهان في 25 أكتوبر الماضي. وأفاد القرار، الذي نشره مكتب حمدوك عبر صفحته على «فيسبوك»، بأن وكلاء الوزارات مكلفون بتسيير مهام العمل في الوزارات الـ20. ومن بينها الخارجية، والعدل، والتربية والتعليم، والصحة، والتعليم العالي، والثروة الحيوانية، والنقل. ونص القرار على إنهاء تكليف من سبق تكليفهم بتسيير مهام وكلاء الوزارات المذكورة.
ومنذ 25 أكتوبر الماضي يعاني السودان أزمة سياسية ولا تزال حالة الطوارئ معلنة، ولم يتم تشكيل حكومة جديدة.
ووقع البرهان وحمدوك، في 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، اتفاقاً سياسياً يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سوياً لاستكمال المسار الديمقراطي. لكن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق، باعتباره «محاولة لشرعنة الانقلاب»، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل. يذكر أن الاتفاق بين حمدوك والبرهان أثار عدداً من الانتقادات، وأفقد رئيس الحكومة ما كان يوصف بحاضنته السياسية المدنية، رغم أنه لاقى إشادة من قبل الأمم المتحدة ودول غربية، اعتبرت أنه أعاد البلاد إلى المسار الديمقراطي.
إلى ذلك، شدد عضو مجلس السيادة الانتقالي الهادي إدريس على أن قضية الأمن في إقليم دارفور تشكل أولوية قصوى للحكومة خلال الفترة المقبلة، حسبما أفادت وكالة أنباء السودان (سونا). وقال إدريس خلال تفقده معسكر «جديد السيل» بالفاشر بشمال دارفور والخاص بتجميع القوة المشتركة، إن ما يحدث في دارفور من تهديدات أمنية سينعكس سلباً على الأمن القومي. وأشار إدريس إلى أن الحكومة لديها مسؤولية كبيرة في بسط الأمن، ما يحتم عليها مواجهة هذا التحدي بنوع من المسؤولية والشجاعة حتى لا تدخل دارفور في مشاكل كبيرة.
ونوه إدريس إلى تشكيل قوة مشتركة ذات مهام خاصة لحسم الانفلات الأمني في ولايات دارفور، وقال: «إننا نريد تجميع هذه القوات في معسكر جديد ونشرها في ولايات شمال وغرب وجنوب دارفور، لافتاً إلى أن زيارته للولاية تهدف للوقوف ميدانياً على الترتيبات اللوجيستية والفنية وجاهزية المعسكر لاستقبال نحو 3321 من القوات المشتركة». وكان مجلس السيادة السوداني قد وجه، الأسبوع الماضي، بحسم حالة الانفلات الأمني التي تعانيها بعض المناطق في إقليم دارفور، وبعض مناطق كردفان، وبسط سيادة حكم القانون فيها، وذلك بعد سقوط قرابة 50 قتيلاً خلال اشتباكات قبلية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».