بيدرسون «متفائل بحذر» بعد زيارة دمشق

التقى المقداد وتوقع أخباراً إيجابية عن اللجنة الدستورية

المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسون يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ب)
المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسون يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ب)
TT

بيدرسون «متفائل بحذر» بعد زيارة دمشق

المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسون يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ب)
المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسون يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ب)

أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، الذي سيلتقي رئيس الوفد الحكومي إلى اللجنة الدستورية، عن أمله بالحصول على «أخبار إيجابية في المستقبل القريب»، بعدما فشلت آخر جلسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في إحراز أي تقدم.
أعلن ذلك، خلال زيارة إلى دمشق، أمس الأحد، معرباً عن إمكانية طرح مقاربات جديدة تتيح إحراز تقدم في العملية السياسية بعد محادثات أجراها مع دول عربية وأوروبية والولايات المتحدة، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال بيدرسون بعد لقائه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد: «سافرت كثيراً بين بعض الدول العربية، وعقدت نقاشات عميقة مع الأميركيين والأوروبيين، وأعتقد أن هناك إمكانية الآن لبدء استكشاف ما أسميه مقاربة «خطوة بخطوة»، أي أن تضع على الطاولة خطوات محددة بدقة... بأمل أن يبدأ بناء بعض الثقة». وأضاف في حديث مع الصحافيين «رسالتي أن هناك إمكانية أخرى للبدء في استكشاف السبل الممكنة، وللبدء في المضي قدماً في هذه العملية»، آملاً أن تنتقل تلك المباحثات إلى جنيف «في المستقبل القريب».
كما نوه المبعوث الأممي في حديث مع الصحافيين، إلى أنه، «كالمعتاد، تطرقنا إلى قضية المعتقلين والمختطفين والمفقودين».
وسئل بيدرسون عما إذا كان يتوقع أي نتائج إيجابية حيال التحديات المتعلقة باللجنة الدستورية، فأجاب: «سوف نرى. وسوف أواصل الآن مناقشاتي مع الرئيس المشارك الذي رشحته الحكومة (السورية) للجنة الدستورية، وسوف أجتمع معه الآن، ثم أتابع بطبيعة الحال أيضاً مع الائتلاف الوطني السوري، وآمل أن يكون لدينا بعض الأنباء الإيجابية في المستقبل غير البعيد»، غير أنه أنهى حديثه للصحافيين، بدون إعطاء تاريخ محدد حتى الآن لانعقاد الجولة القادمة للجنة الدستور.
وفشلت كافة جولات التفاوض التي قادتها الأمم المتحدة في جنيف خلال السنوات الماضية، في تحقيق أي تقدم. وفي خطوة بديلة، انطلقت منذ عام 2019 محادثات حول الدستور برعاية الأمم المتحدة، إلا أنها لم تحقق أيضاً أي تقدم.
وبعد عزلة فرضتها دول غربية وعربية على سوريا، برزت خلال الفترة الماضية مؤشرات انفتاح عربي تجاه دمشق، بدأت مع إعادة فتح الإمارات سفارتها في دمشق في 2018 وصولاً إلى زيارة وزير خارجيتها الشهر الماضي إلى دمشق ولقائه الرئيس الأسد.
وأتت زيارة المسؤول الإماراتي إلى دمشق، بعد أكثر من شهر على اتصال هاتفي أجراه الرئيس السوري بشار الأسد بالعاهل الأردني عبد الله الثاني، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في 2011، كما اعتبرت مصر أن العلاقات مع سوريا يجب أن تُستأنف.
وقال بيدرسون الذي زار الإمارات والسعودية مؤخراً، للصحافيين أمس: «أعتقد أن علينا الآن ألا نحلل العرب فقط، بل أيضاً الموقف الأميركي، والأوروبيين والأتراك والروس والإيرانيين».
ومنذ اندلاع النزاع، كانت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تشدد على ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنها انشغلت بقتال التنظيمات الجهادية المتطرفة، وانصب اهتمام المجتمع الدولي على التوصل إلى تسوية سياسية من بوابة اللجنة الدستورية.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011 تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
ورغم توقف المعارك إلى حد كبير، لا تزال مناطق واسعة غنية تضم سهولاً زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرة النظام، أبرزها مناطق سيطرة الأكراد المدعومين من واشنطن في شمال شرقي سوريا، وأخرى تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل موالية لأنقرة في شمال وشمال غربي البلاد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.