مطالب ليبية بـ«حكومة تكنوقراط» إذا تأجلت الانتخابات الرئاسية

سياسيون اعتبروا أن الدبيبة أصبح طرفاً في الصراع بعد ترشحه

TT

مطالب ليبية بـ«حكومة تكنوقراط» إذا تأجلت الانتخابات الرئاسية

تبدلت مواقف بعض أعضاء مجلس النواب الليبي من التمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها قبل نهاية العام، إلى إمكانية تأجيلها. لكن الخيار الأخير جاء مقترناً بضرورة إزاحة حكومة «الوحدة الوطنية» التي يترأسها المرشح الرئاسي عبد الحميد الدبيبة، باعتبار انتهاء مدة ولايتها، وتشكيل أخرى بديلة بهدف الإشراف على ترتيبات الموعد الجديد للاستحقاق حال التوافق عليه.
وقال عضو مجلس النواب حسن الزرقاء، إنه في حال توافق مجلس النواب على تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى موعد لاحق، سيتم تشكيل حكومة بديلة، و«هذا أمر مفروغ منه».
وتوقع الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يعقد مجلس النواب جلسة في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، للإعلان عن تشكيل حكومة (توافقية) يتولى رئاستها شخصية من الغرب، ونائبان من الشرق والجنوب، حال تأجلت الانتخابات».
وقال الزرقاء إن «جميع (القوى الوطنية) من نواب وشخصيات مستقلة كانت متحمسة ومتطلعة لإجراء الانتخابات في موعدها، ولكن الأمر بات الآن أقرب لقفزة غير مضمونة العواقب». وأرجع ذلك إلى «وجود خروقات تسببت فيها المفوضية العليا بعدم تطبيق قانون انتخابات الرئاسة الصادر عن مجلس النواب مما قد يفتح الباب لإمكانية أن لا تقبل أطراف عدة بنتائج الانتخابات، ثم العودة إلى أجواء الانقسام وربما الحرب».
ورأى الزرقاء أن اعتراضات النواب تتركز حول عدم تطبيق المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية على الدبيبة، والتي تنص على ضرورة تنحي المرشح الذي يشغل وظيفة عامة عن مباشرة مهام عمله قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر وهو ما لم يحدث. ومضى يقول: «الجميع يرى الآن أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، استغل موارد الدولة في إقامة حمل دعائية غير مباشرة له وبالتالي تعزيز شعبيته»، رافضا ما يطرحه البعض من أن «الهدف الحقيقي الذي يسعى له بعض النواب الموالين للجيش الوطني، ليس فقط إزاحة الدبيبة وإنما أيضا إزاحة سيف الإسلام القذافي، من السباق الرئاسي الذي أربك حسابات باقي المرشحين».
وتابع «قرار تأجيل الانتخابات لم يتخذ بعد، وفي آخر جلسة للبرلمان شكلنا لجنة للتواصل مع المفوضية، وسوف ننتظر ونترقب تقرير تلك اللجنة وبناء عليها سيتحدد الموقف الرسمي لأعضاء مجلس النواب، ما بين المضي قدما أو تأجيل الانتخابات»، مستكملا: «حظوظ سيف الإسلام ليست قوية كما يشير البعض، ولا تقارن بحظوظ وشعبية المشير حفتر، ومرشحين آخرين».
أما عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة، فيرى أن حالة الاستقطاب الراهنة محليا وإقليميا ودوليا تنذر باستبعاد إجراء الانتخابات في موعدها، كما أن التوترات التي واكبت الطعون القضائية لبعض المرشحين البارزين مثل سيف القذافي، وحفتر، والدبيبة عززت مخاوف قطاع كبير من عموم الليبيين حول إمكانية قبول أي طرف بالنتائج وفي ظل انتشار السلاح.
واقترح شرادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «إذا ما تعذر على مجلس النواب، أو الأطراف السياسية تشكيل تلك الحكومة البديلة أن تتعاون البعثة مع المرشحين الرئاسيين لتشكيل لجنة تتولى مهمة اختيار تلك الحكومة المحايدة، خاصة أن كل واحد منهم حصل على تزكية 5 ناخبين، مما يكسبهم الشعبية والشرعية المطلوبة والتي لم تتوافر لأعضاء (ملتقى الحوار السياسي الليبي) الـ75.
ولا يتوقع شرادة، أن تجابه تلك الحكومة الجديدة إذا ما تشكلت عراقيل، متابعاً: «الدبيبة سلطته تقتصر على العاصمة ومدن الغرب ولا تمتد على كامل التراب الليبي، وحتى اعتماده على بعض التشكيلات المسلحة لرفض تسليم السلطة قد لا يكون مضمونا، خاصة أن هذا التشكيلات كالرمال المتحركة وربما تتخلى عنه لأي سبب، خاصة إذا ما كان هناك تلميح دولي بأنه لم يعد مرغوبا ببقاء حكومته».
من جانبه، رأى عضو مجلس النواب الليبي المهدي الأعور، أن الدبيبة أصبح طرفاً بارزاً في الصراع وليس عنواناً للحل، وبالتالي باتت هناك ضرورة لوجود حكومة محايدة للإشراف على الانتخابات إذا أجريت، وحتى نتجنب حدوث فراغ في الحكم، لأنه طبقا لتأكيدات كثير من الأطراف الدولية من المفترض أن ينتهي الاعتراف بشرعية تلك الحكومة في 24 من الشهر الجاري.
ورغم تفهمه لصعوبات التوافق حول شخصية لرئاسة الحكومة الجديدة، يرى الأعور أن الحل في «تشكيل حكومة تكنوقراط صغيرة محدودة الصلاحيات قد يمهد لحدوث التوافق».
وأكمل الأعور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «رغم توقع الجميع نية الدبيبة وأهدافه بتكريس كل إمكانيات الدولة لصالحه، لم يكن بإمكان أحد الاعتراض عليه إلا حين تقدم بشكل رسمي بأوراق ترشحه للمفوضية لخوص الانتخابات الرئاسية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».