10 سنوات على ولادة «منشورات صنوبر بيروت» الرافضة لليأس

أصدرت الترجمة العربية لكتاب الفرنسية ماتيلد شافر «عن كتب الأطفال»

هالة بزري تعرض أحدث إصدارات الدار
هالة بزري تعرض أحدث إصدارات الدار
TT

10 سنوات على ولادة «منشورات صنوبر بيروت» الرافضة لليأس

هالة بزري تعرض أحدث إصدارات الدار
هالة بزري تعرض أحدث إصدارات الدار

خيم رحيل سماح إدريس؛ مخطط دار «منشورات صنوبر بيروت»، على أجواء احتفالها بعيدها العاشر. أرادت مؤسستها هالة بزري لاحتفالية العقد الأول شيئاً من الصخب. ثم اقتصرت؛ تحت وطأة الحداد، على أمسية جمعت مقربين لإطلاق كتاب الفرنسية ماتيلد شافر «عن أحوال كتب الأطفال... أربعون عاماً من الإبداع العربي في مصر وسوريا ولبنان»، الصادر بالعربية عن الدار.
بضعة أمتار تفصل «مكتبة صنوبر بيروت» في شارع «مونو» عن «مكتبة بلدية بيروت» ذات المساحة الأوسع. تضحك هالة بزري وهي تعلل القدوم إلى مكتبة البلدية، بدلاً من الاحتفال بالإصدار الجديد في مكتبتها: «كبرُها في قلبها؛ لا في حجمها»، قاصدة ضيق المكان وحميميته. تهدي الأمسية لسماح إدريس وتشرح عن الكتاب كأنها تعرّف الحضور على مزايا أحد أبنائها.
تأسست دار «منشورات صنوبر بيروت» للنشر قبل 8 سنوات والمكتبة قبل سنتين، فيحلو لبزري ضمّهما ليكتمل العقد الأول للدار بـ13 كتاباً، فتعترف ببطء عملية الإصدار: «نخيّط الكتاب على مهل. نراجعه مطولاً وننتقي بعناية الصور والورق»، تعرض بزري الاستراتيجية، وتتابع بأنّ جنودها هم فريق متواضع، يتكوّن منها مع أخيها المعني بالمراجعات والقراءات، ومن جنى طرابلسي في الرسم، وسارة شاهين في التدقيق اللغوي، فيليبا دحروج في التصميم، ورولا ذبيان في الترجمة.
بكاميرا هاتفها، تنقل دحروج الأمسية على صفحة «منشورات صنوبر بيروت» عبر «إنستغرام». النسختان الفرنسية والعربية إلى جانب بزري التي تتولى الشرح. تستلقي ورقة دوّنت عليها أفكارها بين صفحات الكتاب، وبزري تنطلق بالقول إنه يتألف من 5 فصول تختزل تاريخ أدب الأطفال من سبعينات القرن الماضي إلى اليوم.
ماتيلد شافر ناشرة ورسامة، درست التاريخ، ولها اهتمام خاص بفن الأيقونات. عاشت مرحلة بين مصر وسوريا ولبنان، تعلمت العربية الفصحى. كتابها رسالة دكتوراه، وجدت فيه «صنوبر بيروت» توثيقاً قيماً ومادة تحليلية غنية جديرة بالترجمة والوصول إلى المهتم العربي. بدعم من «آفاق»، يولد الكتاب، مع إضافة سير ذاتية لأسماء واردة فيه، وهوامش وفهرس.
تصف بزري الترجمة بـ«الصعبة جداً». فالكتاب الأصلي تطلّب مجهوداً، حين راحت صاحبته تقرأ كتباً تُعنى بأدب الطفل وتحللها ثم تدرسها بوصفها ظاهرة عامة مع عرض القواسم المشتركة بين البلدان... مسرح الدراسات، ونقاط الاختلاف. الأهم: «الطرح موضوعي من دون شخصنة قد تعود إلى العلاقة العاطفية مع بلد أو آخر»، وفق تأكيد بزري: «شافر غير معنية ببلدان الدراسات، بل تنقل ما تقرأه وتحلله، وما تجريه من مقابلات».
لماذا شافر؟ تجيب: «لأنها تتعمق بالفارق بين العامية والفصحى وتحرص على التجديد اللغوي. ولأنها ضليعة في فن الصورة العربية المعاصرة المتأثرة بالرسم الأجنبي والروسي والفارسي، فتجيد مقارنتها بتاريخ الرسم العربي. شافر مختصة بالصورة والأيقونات».
تقلِّب بزري صفحات الكتاب بيدها، وهي تؤكد أن الترجمة مخلصة للنص الفرنسي، وغاية الاختلافات بين النسختين تسهيل القراءة لمصلحة القارئ العربي، علماً بأن صعوبات تعتري الدار لجهة التصدير إلى خارج الحدود اللبنانية؛ منها مصر وسوريا. تلفت إلى وفرة المراجع العلمية الأجنبية، مقابل شحّ المصادر العربية، باستثناء كتب حلّلتها الباحثة وتعمّقت في معالجتها. وتشير إلى أن مقابلاتها كثيرة مع كتّاب ورسامين وناشرين؛ منهم أسماء فارقت الدنيا، مثل عدلي رزق الله، وأسماء لا تزال شاهدة على العصر؛ مثل سمير صايغ. يا للمفارقة، وقد توفي سماح إدريس في اليوم نفسه الذي خسرت فيه شافر أمها، هو الحاضر بنصوصه في كتابها، فإذا بالمدققة اللغوية سارة شاهين تقرأ مقاطع من «فلافل النازحين»؛ روايته للفتيان والفتيات الصادرة لدى «دار الآداب»؛ بما تحمله من دلالات وطرافة.
5 فصول يحتويها الكتاب: الأول يحاكي «أصل الحكاية والفن الملتزم»، مع روّاد مثل زكريا تامر ومجلات مثل «أسامة» في سوريا و«سندباد» في مصر، ثم مروراً على بدايات نشر أدب الطفل وصعود حقبة «دار الفتى العربي». يتناول الفصل الثاني العلامات الفارقة في تاريخ النشر العربي للأطفال، مع رائدات بينهن فاطمة شرف الدين الحاضرة في الأمسية، ونادين توما عن «دار قنبز»، إلى دور نشر مثل «الحدائق»، و«أصالة» و«الشروق».
تكمل هالة بزري عرض الفصول، فالثالث يتناول نقاش السياسة والآيديولوجيا والعلاقة مع السلطة؛ فيما يبحث الرابع في تكوين شخصية الطفل عاطفياً بين الاختلاف ووَقْع التهميش، مع تعقيب يتناول الأم وأدوارها في ولادة الأنا عند الصغار، ليبقى الفصل الأخير مخصصاً للغة، متناولاً دور التجديد اللغوي ومعانيه، والعلاقة بين العامية والفصحى في تاريخ كتب الأطفال، وعلاقة اللغة مع القومية، مع تحليل رسومات تفتح الباب على خصائص الرسم العربي والفن الإسلامي.
التواريخ المفصلية في الكتاب اثنان: عام 1967 حيث لم تشهد المنطقة العربية سطوعاً في عالم أدب الطفل، وعام 2000 العصر الذهبي لكتاب الطفل بعدما شهدت الثمانينات فورة في إعلاء شأن هذه الكتابة وتكريسها نوعاً أدبياً، إلى أن اجتاحت المتغيرات المنطقة العربية فخفت الوهج وحلّت الرتابة والركود.
أسأل هالة بزري عن الشكل الذي يتخذه الصمود المنبثق من صميم الاحتضار. تجيب: «لسنا صامدين؛ لكننا نرفض الاستسلام. الربح ضئيل، ومع ذلك، نعمل بروح جميلة. الكتب لن تجعلنا أغنياء، لكننا نعمل من أجلها بسعادة. نتلقى دعماً على مشاريع فنغطي التكاليف. وجودنا فعل إيمان ببيروت كحيّز ثقافي».
وتجمعنا دردشة بكاتبة أدب الأطفال فاطمة شرف الدين على مسافة الأمتار القليلة بالعودة إلى مكتبة «صنوبر بيروت»، حيث استراحة الحاضرين. لديها نصوص في عهدة دور نشر تحجم عن طباعتها منذ حلول «كوفيد»، وجنون الدولار.
آخر إصدارات شرف الدين لدى «دار الساقي»: «تالا وأحذية ماما»، وتعمل على كتاب بحثي أكاديمي عن الكتابة الإبداعية للأطفال والناشئة، وآخر عن عمالة الأطفال والزواج المبكر.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).