بيلينغهام... أحد نجوم «مصنع تفريخ المواهب» في دورتموند

اللاعب الإنجليزي البالغ عمره 18 عاماً أصبح من الركائز الأساسية التي لا غنى عنها في الفريق الألماني

بيلينغهام (وسط) في مواجهة بايرن ميونيخ في المرحلة الماضية من الدوري الألماني (أ.ف.ب)
بيلينغهام (وسط) في مواجهة بايرن ميونيخ في المرحلة الماضية من الدوري الألماني (أ.ف.ب)
TT

بيلينغهام... أحد نجوم «مصنع تفريخ المواهب» في دورتموند

بيلينغهام (وسط) في مواجهة بايرن ميونيخ في المرحلة الماضية من الدوري الألماني (أ.ف.ب)
بيلينغهام (وسط) في مواجهة بايرن ميونيخ في المرحلة الماضية من الدوري الألماني (أ.ف.ب)

شعار نادي بوروسيا دورتموند هو «الحب الحقيقي». لكن في هذه الأيام، يؤدي هذا الشعار إلى إثارة مشاعر مختلطة بين جماهير النادي الألماني. فبالنسبة للكثيرين، يجعلهم هذا الشعار يحنون إلى الماضي عندما كان النادي في أوج تألقه تحت قيادة المدير الفني يورغن كلوب، في الفترة التي أصبح فيها هذا الشعار شائعا لأول مرة. وبالنسبة لآخرين، لا يعدو هذا الشعار كونه أكثر من مجرد أغنية تسويقية عادية أو هاشتاغ على موقع تويتر، أو رمز لكيفية تحول النادي الذي بُنى على شغف الطبقة العاملة إلى ناد يتمتع بشخصية مؤسسية بشكل متزايد.
وفي خضم هذا الانقسام، يكمن نهج النادي في الاعتماد على اللاعبين الشباب وتطويرهم. وعلى مدار العقد الماضي، لم يخف بوروسيا دورتموند نموذج أعماله الواضح للجميع، والذي يتمثل في التعاقد مع أفضل اللاعبين الصاعدين في العالم ومنحهم فرصة اللعب على مستوى النخبة، ثم بيعهم إلى أندية أخرى وتحقيق مكاسب مالية كبيرة. وبالنسبة للجماهير، تعد هذه معضلة كبيرة لا يمكن حلها، فبموجب هذه السياسة، قدم بوروسيا دورتموند بعضاً من أكثر الفرق الهجومية إثارة ومتعة في أوروبا، وقدم كرة قدم سريعة تعتمد على اللاعبين الشباب الذين لديهم رغبة هائلة في إثبات أنفسهم. لكن على نفس المنوال، هل من الممكن منح هذا «الحب الحقيقي» لشخص قد يغادر في غضون عامين؟
وربما يكون هذا هو السبب في أن جماهير بوروسيا دورتموند غالباً ما تكون مقيدة بعض الشيء في التعبير عن حبها لإيرلينغ هالاند، رغم حقيقة أنه أحد أعظم المهاجمين في العالم. وكان جادون سانشو أكثر شعبية، وتقبلت الجماهير فكرة رحيله الحتمي إلى مانشستر يونايتد خلال الصيف الماضي ولم تظهر له أي عداء حقيقي. لكن من الصعب التفكير في أي لاعب أجنبي شاب محبوب من جماهير بوروسيا دورتموند أكثر من لاعب خط الوسط الإنجليزي جود بيلينغهام، البالغ من العمر 18 عاماً، والذي تمكن في غضون موسم واحد من أن يصبح من الركائز الأساسية التي لا غنى عنها في تشكيلة الفريق.
وتعافى بيلينغهام مؤخرا من إصابة في الركبة وشارك في التشكيلة الأساسية لمباراة الكلاسيكو أمام بايرن ميونيخ والتي خسرها بوروسيا دورتموند بثلاثة أهداف مقابل هدفين. وحتى غيابه عن مباراة فولفسبورغ في نهاية الأسبوع الماضي، كان بيلينغهام أحد العناصر الأساسية دائما في تشكيلة بوروسيا دورتموند، سواء في مباريات الدوري الألماني الممتاز أو دوري أبطال أوروبا هذا الموسم. وأصبح اللاعب الإنجليزي الشاب ركيزة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها لدرجة أن المدير الفني للفريق، ماركو روز، اضطر في غياب بيلينغهام للإصابة لتغيير شكل خط الوسط بالكامل، ليعتمد على كل من إيمري تشان ومحمود داود.
ويمتاز بيلينغهام بقدرته على التألق في جميع المراحل الخمس للعب – الهجوم، والدفاع، والتحول الهجومي، والانتقال الدفاعي، والركلات الثابتة – وبالتالي، فهو يمتلك مجموعة من المهارات المتوازنة التي لا يمتلكها سوى القليل في مركزه في العالم، ولا يمتلكها أي لاعب آخر في فريقه. ويعد بيلينغهام هو اللاعب الأكثر حصولا على مخالفات في الدوري الألماني الممتاز، وثالث أكثر المهاجمين إنتاجاً وفاعلية. كما يحتل المرتبة الرابعة من حيث الضغط على لاعبي الفريق المنافس، والمرتبة الرابعة من حيث صناعة الأهداف. وعلاوة على ذلك، يمكنه تسجيل أهداف بمهاراة فردية مذهلة، مثل الهدف الرائع الذي سجله في مرمى أرمينيا بيليفيلد، عندما راوغ ثلاثة لاعبين ووضع الكرة من فوق حارس المرمى. وحتى لو تجاهلت صغر سنه، فهل هناك لاعب خط وسط أكثر اكتمالا منه في كرة القدم العالمية الآن؟
قال روز عن بيلينغهام: «أحب أسلوبه في اللعب، فهو يلعب بقوة كبيرة وتركيز شديد، ويعمل بجد وبشكل لا يصدق من أجل مصلحة الفريق. ورغم صغر سنه، فإنه يلعب بشجاعة منقطعة النظير. وعلاوة على ذلك، فإنه يمتلك عقلية رائعة، ويلعب كرة القدم بشراسة، ويسعى دائما لتحقيق الفوز، ولا يجد صعوبة في إيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه داخل المستطيل الأخضر، وهي الأمور التي تجعله لاعبا استثنائيا».
وأعلن ماتس هوملز، أحد أقدم اللاعبين في الفريق، عن إعجابه الشديد ببيلينغهام، وقال في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: «أعتقد أنني قد أخبرت جود 25 مرة من قبل بأنني أحبه. لم أر لاعبا في حياتي في الثامنة عشرة من عمره بهذا القدر من النضج والجدية». ومن الواضح أن الجميع يشيد بعقلية بيلينغهام. وإلى حد كبير، كان كل من عمل معه منذ صغره - سواء في برمنغهام سيتي أو مع المراحل العمرية المختلفة للمنتخب الإنجليزي – يتوقع أنه سيكون لاعبا جيداً للغاية، لأنه كان يمتلك مهارات وفنيات كبيرة، وقوة بدنية هائلة، بالإضافة إلى أنه كان يركز بشكل كامل على كرة القدم. لكن لا يمكن لأحد أن يتوقع وصول أي لاعب شاب مميز إلى هذه الخطوة الأخيرة، لأننا كثيرا ما رأينا العديد من اللاعبين الرائعين على مستوى الشباب والناشئين لكنهم لا يواصلون التألق بعد ذلك.
لكن الدرس الحقيقي من صعود بيلينغهام من أكاديمية أحد الأندية في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا إلى اللعب في دوري أبطال أوروبا هو أن شخصيته - القدرة على التركيز بالكامل في كرة القدم وعدم التغير على المستوى الشخصي – ربما تكون أقوى صفاته على الإطلاق. يقول بيلينغهام عن ذلك: «عندما أكون بمفردي، لا يوجد شيء آخر في رأسي سوى كرة القدم». ويشير اللاعب الإنجليزي الشاب إلى أنه «شبه مهووس بأدق تفاصيل اللعبة»، وهو ما قد يفسر سبب تمكنه من الحفاظ على معدل تطوره السريع، حتى مع استمرار ارتفاع مستوى التوقعات. إنه ليس مجرد لاعب بارع في التمرير، أو لاعب قوي في الالتحامات واستخلاص الكرات، أو لاعب مبدع ولديه القدرة على التأثير في نتائج المباريات، أو لاعب يتمتع بإمكانيات بدنية قوية، لكنه لاعب متكامل يمتلك كل هذه المقومات والقدرات.
وفي وقت سابق من الموسم الحالي، قذف مشجعو باير ليفركوزن الغاضبون أكواباً من الجعة عليه وعلى هالاند بينما كان يحتفلان بهدف قرب الراية الركنية. وبشكل غريزي، أمسك بيلينغهام بأحد الأكواب بيده وأخذ جرعة كبيرة، وكتب مازحا على وسائل التواصل الاجتماعي: «أول كوب من الجعة أتناوله». وفي مناسبة أخرى، جعل هالاند يشعر بالذهول عندما قاطعه في إحدى المقابلات الصحافية التي كان يجريها بعد المباراة ليضع قبلة على خده.
وقال بيلينغهام في مقابلة صحافية هذا الموسم: «طريقتي في اللعب تعكس أصولي، فأنا أنتمي للطبقة العاملة وطريقة لعبي تعتمد على الطاقة والعمل الجاد». وبالتالي، لم يكن من الغريب أن يصبح هذا اللاعب الشاب معشوقا لجماهير بوروسيا دورتموند، التي تعرف بالطبع أنه سيرحل يوما ما لناد آخر، حتى لو كان يرتبط بالنادي بعقد حتى عام 2025، وربما لن يتخلى عنه النادي إلا إذا حصل على عرض يزيد على 100 مليون جنيه إسترليني. إنه لاعب شاب ورائع، لكنه متواضع وملتزم ومخلص، ويستحق القتال من أجله، ويستحق «الحب الحقيقي» الذي يحصل عليه من جمهور بوروسيا دورتموند.



ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)
TT

ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)

خفف تتويج المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية لمسابقة "الخماسي الحديث" للرجال، بجانب فضية اللاعبة سارة سمير في "رفع الأثقال" الضغط على البعثة الأولمبية المصرية في أولمبياد باريس بعد سلسلة من الاخفاقات المتتالية والتي عرضت البعثة إلى حالة من الهجوم العنيف من قبل الجمهور والنقاد المصريين.

حالة من "الارتياح النسبي" لدى البعثة المصرية الأولمبية وسط حالة من الهجوم وعدم الرضا عن النتائج التي حققتها، لاسيما أنها

احتفاء واسع في مصر بأحمد الجندي بعد فوزه بالميدالية الذهبية (أ.ب)

وفاز اللاعب المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية الوحيدة لمصر في "أولمبياد باريس" بمسابقة الخماسي الحديث للرجال، محطماً الرقم القياسي العالمي في المسابقة بعدما وصل إلى 1555 نقطة، فيما كان الرقم القديم 1482، فيما حققت المصرية سارة سمير الميدالية الفضية لبلادها في وزن 81 كيلوغراما في رفع الأثقال للسيدات.

وتداول مستخدمو مواقع "التواصل" صور البطلين، وسط موجة من الاحتفاء، والتأثر لاسيما بمقطع الفيديو الذي راج للاعبة المصرية سارة سمير وهي تبكي لعدم حصولها على الميدالية الذهبية، وسط دعم من البعثة المصرية وتهنئتها بـ"الفضية" بعد منافسة شرسة.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، رسالة تهنئة، للثلاثي أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد، بعد تحقيقهم لثلاث ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة، الأحد، إطلاق اسم سارة سمير صاحبة الميدالية الفضية على مركز "شباب الهوانيا" في محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، كما أعرب وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي عن سعادته بتحقيق أحمد الجندي للميدالية الذهبية في الخماسي الحديث، وقال صبحي في تصريحات إعلامية لقناة (بي إن سبورتس): " كنا ننتظر في باريس من ست إلى ثماني ميداليات، كان لدينا تقييم جيد لكل الألعاب ولم نضع كرة القدم أو كرة اليد في الحسابات ولكنها ظهرت بشكل جيد، وقمنا في الدورة السابقة بطوكيو بتحقيق ست ميداليات لوجود رياضة الكاراتيه التي نحن الأول على العالم في هذه الرياضة".

سارة سمير الفائزة بالميدالية الفضية (أ.ف.ب)

وواجهت البعثة المصرية الأكبر عربياً وأفريقياً بأولمبياد باريس انتقادات حادة لاسيما بعد خسارة منتخب كرة اليد المصري مباراته في ربع النهائي أمام إسبانيا بصورة مفاجئة، وهي الهزيمة التي تبعت خسائر جماعية أخرى في ألعاب مثل: الرماية والملاكمة والسلاح وتنس الطاولة والمصارعة والوثب العالي ورمي الرمح والسباحة التوقيعية والغطس، علاوة على عدم تحقيق لاعبين مصنفين دولياً في مراكز متقدمة أي ميدالية مثل زياد السيسي في لعبة سلاح الشيش، رغم التعويل عليه لتحقيق ميدالية لمصر إلا أنه أضاع فرصة الحصول على الميدالية البرونزية بعد تحقيقه المركز الرابع بعد خسارته أمام بطل إيطاليا، وكذلك لم ينجح كل من عزمي محيلبة في الرماية، وعبد اللطيف منيع في المصارعة الرومانية من إحراز ميداليات.

كما صدمت هزيمة منتخب مصر لكرة القدم أمام منتخب المغرب بنتيجة 6 أهداف مقابل لا شيء في المنافسة على الميدالية البرونزية الجمهور المصري.

منتخب مصر تعرض لهزيمة ثقيلة من المغرب (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وحسب البرلماني المصري عمرو السنباطي، عضو لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، فإن تقدير أداء البعثة الأولمبية المصرية يجب أن يستند إلى الخطة أو التوقعات التي كانت تستهدفها بالأساس، ويتساءل في حديثه مع "الشرق الأوسط": "هل كان طموحنا الوصول إلى ثلاث ميداليات في الأولمبياد رغم أنها تعتبر أكبر بعثة مصرية؟ الأمر يحتاج إعادة النظر في الاستراتيجيات على المدى القصير والطويل، والتركيز على الرياضيات الأولمبية، فالكاراتيه ليس لعبة أولمبية بالأساس، وتم إدراجها في طوكيو بشكل استثنائي".

ويضيف: "أحمد الجندي وسارة سمير حققا فوزا أولمبياً مُقدرا، لكنهما قد لا يشاركان في الدورة الأولمبية المقبلة، ما يطرح سؤالاً عن تجهيز الصف الثاني والثالت في الألعاب الأولمبية، وتأهيل أجيال منافسة، وهذا كلام نكرره منذ دورة طوكيو الماضية، رغم مضاعفة الإنفاقات على هذا القطاع".

الجندي بطل الخماسي الحديث (أ.ف.ب)

ويعتبر الناقد الرياضي أيمن أبو عايد، أن النتائج التي حققها كل من أحمد الجندي وسارة سمير "حفظاً لماء وجه البعثة الأولمبية"، ويضيف لـ"الشرق الأوسط": "النتائج التي وصلنا إليها تأتي وسط شكاوى من اللاعبين من التقصير في الإعداد والتأهيل والتدريب الخاص وسط ظروف رياضية ضاغطة، وقد مهدت لنا تصريحات البعثة أننا بصدد تحقيق من ست إلى تسع ميداليات، ويبدو أن تلك كانت مبالغة وإسراف في القول، حتى لو لم يحالفنا الحظ في بعض المرات كما حدث مع لاعب المبارزة زياد السيسي بعد إخفاقه في الحصول على البرونزية".

سارة سمير (رويترز)

يضيف أبو عايد: "نتائج البعثة لا تتخطى ما وصلنا إليه من قبل، رغم الوعود مع كل دورة أولمبية بنتائج أفضل، وصار هذا خطاب نسمعه كل أربعة أعوام، حيث تظل تقارير لجان التحقيق في نتائج البعثة الأوليمبية حبيسة الأدراج، فمن غير المنطقي أن تحصل دولة عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة على 3 ميداليات فقط".

الجندي خفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية (رويترز)

وأعلن المهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية بالتنسيق مع الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، الأحد، رفع قيمة مكافآت الفوز بالميداليات خلال أولمبياد باريس 2024 إلى 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 49.2 جنيه) للميدالية الذهبية، و4 ملايين جنيه للميدالية الفضية، و3 ملايين للبرونزية، بخلاف صرف مكافأة فورية لكل فائز ألف يورو وساعة يد قيمة.

وشاركت مصر بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس بـ149 لاعباً ولاعبة و16 لاعباً احتياطياً؛ 79 من الرجال و52 من السيدات، في 24 لعبة أوليمبية، منها 4 ألعاب جماعية، وهي كرة القدم، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والكرة الطائرة الشاطئية سيدات.