انفجار المخيم الفلسطيني يجدّد النقاش حول «السلاح غير الشرعي» في لبنان

مسؤول: أسلحة «حماس» برعاية «حزب الله»

مسلحون فلسطينيون قرب الموقع الذي حصل فيه الانفجار في مخيم برج الشمالي قرب صور (أ.ب)
مسلحون فلسطينيون قرب الموقع الذي حصل فيه الانفجار في مخيم برج الشمالي قرب صور (أ.ب)
TT

انفجار المخيم الفلسطيني يجدّد النقاش حول «السلاح غير الشرعي» في لبنان

مسلحون فلسطينيون قرب الموقع الذي حصل فيه الانفجار في مخيم برج الشمالي قرب صور (أ.ب)
مسلحون فلسطينيون قرب الموقع الذي حصل فيه الانفجار في مخيم برج الشمالي قرب صور (أ.ب)

أثار الانفجار الذي وقع في مخيم «برج الشمالي» للاجئين الفلسطينيين الواقع قرب مدينة صور في جنوب لبنان ليل الجمعة/ السبت، التكهنات حول البنية المسلحة لحركة «حماس» في لبنان، وإمكانية استعمال هذا السلاح في الداخل اللبناني أو على الحدود مع إسرائيل، كما أعاد إطلاق الدعوات اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ومناقشة ملف الاستراتيجية الدفاعية، في وقت أنكرت فيه حركة «حماس» أن يكون المستودع يحتوي على أسلحة، قائلة إنه يحوي أجهزة أكسجين وأدوات تنظيف لمواجهة فيروس «كورونا».
وكان سكّان في المخيم قالوا إن انفجاراً ضخماً وقع قرب مسجد أبي بن كعب التابع لحركة «حماس» في المخيّم، اندلعت إثره نيران ضخمة. وسمع سكّان في صور دويّ الانفجار. وأعلن مصدر عسكري لبناني أنّ «حريقاً في مستودع ذخيرة وأسلحة ومواد غذائية تابع لحركة حماس أدّى إلى وقوع الانفجار الضخم»، مشيراً إلى أنّ أسباب اندلاع الحريق لم تتّضح حتى الآن.
وتحدثت حركة «حماس» في بيان، عن أن «الانفجار الذي حصل في مخيم البرج الشمالي ناتج من تماس كهربائي في مخزن يحوي كمية من أسطوانات الأكسجين والغاز المخصصة لمرضى كورونا، وكمية من المنظفات والمطهرات والمواد الأولية المخصصة لمكافحة وباء كورونا»، لافتة إلى أن النيران ألحقت «الضرر ببعض الممتلكات، وكانت الخسائر محدودة».
وأكد مصدر أمني لبناني وجود «بنية مسلحة» للحركة في لبنان، لكنه اعتبر أن الأمر لم يتحول بعد إلى حالة شبيهة بـ«حزب الله»، فيما رأى مسؤول لبناني أن هذا السلاح موجود برعاية الحزب، مشككاً بإمكانية سماح الحزب لهذا السلاح بالتمدد نحو الحدود.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أمس، بمقتل أحد العناصر وإصابة أكثر من عشرة أشخاص بحالات اختناق جراء استنشاق الدخان، إضافة إلى جرح عنصرين من رجال الإطفاء.
وخلافاً لرواية «حماس»، توقف رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات» الدكتور هشام جابر عند الانفجار الضخم الذي تلا انفجارات عميقة وصغيرة في مقطع الفيديو المتداول، مشيراً إلى الدخان الذي تصاعد بسرعة بعد الانفجار، قائلاً: «من الواضح أنه دخان مادة الكبريت الأصفر، وهي مادة موجودة في المتفجرات، وناتجة عن انفجار مواد توجد عادة في الذخائر».
وقال جابر، وهو خبير عسكري وعميد متقاعد من الجيش اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الدخان «يمكن أن يتصاعد نتيجة انفجار ذخائر كانت مخزنة إلى جانب مواد أخرى احترقت أو انفجرت وأدت إلى انفجار الذخائر، وإما أن تكون ناتجة عن عبوة متفجرة في الأساس وأدى انفجارها إلى انفجار المواد الأخرى»، موضحاً أن هذا هو التفسير العسكري لسحب الدخان الناتجة عن الانفجار الضخم الذي وقع خلال مرحلة اشتعال النيران الظاهرة في مقاطع الفيديو.
وعن تفسيره للتضارب حول المسببات وعدم وضوح المعلومات حول ما جرى، قال جابر إن المخيمات الفلسطينية «هي جزر مستقلة داخل لبنان تحولت في وقت سابق إلى بؤر للصراعات والتناقضات، ولا تخضع للسلطة المطلقة للدولة اللبنانية، بل إن الدولة اللبنانية هي أقل النافذين فيها»، لافتاً إلى التناقضات الفلسطينية - الفلسطينية، والفلسطينية - اللبنانية، ودخول عامل الاختراقات الإسرائيلية للمخيمات، مشيراً إلى أن «كل تلك التناقضات وصراعاتها، دفعت لوجود اغتيالات واشتباكات وأعمال أمنية في المخيمات الفلسطينية».
وجدد الانفجار النقاش في لبنان حول السلاح غير الشرعي المنتشر على الأراضي اللبنانية خارج سلطة الدولة. ورأى الرئيس اللبناني الأسبق ميشال سليمان، أنه «بالإضافة إلى مجلس الأمن والجامعة العربية والدول الصديقة، اكتمل عقد دول الخليج في المطالبة بالتحييد وحصر السلاح وضبط الحدود»، مشيراً إلى أن الآتي سيكون المزيد من الدول وبخاصة دول الجامعة العربية. وتساءل: «ألم يكن الأجدر بنا الالتزام بما تعهدنا به عام 2012 بالإجماع بإرادتنا الذاتية على إعلان بعبدا؟»، وهو الإعلان الداعي للنأي بالنفس وتحييد البلاد عن أزمات المنطقة. ورأى سليمان أن «الفرصة لا تزال متاحة لنا لتطبيق ما اتفقنا عليه واستعادة الثقة الدولية ببلدنا وعملته وجامعاته وقضائه ومستشفياته ومصارفه وقواه الأمنية وصيغته الرائدة».
وكان رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أكد أن ما حصل في مدينة صور دليلٌ على مخاطر السلاح المتفلت في لبنان. وتطرّق السنيورة في حديثه لقناة «الحدث» التلفزيونية إلى سلاح «حزب الله»، معتبراً أنّ «السلاح غير الشرعي تهديد حقيقي لكيان الدولة اللبنانية»، وقال: «سلاح حزب الله الذي يُفترض أنه موجه لإسرائيل أصبح موجهاً نحو الشعب اللبناني».
ولا تدخل القوى الأمنية اللبنانية المخيّمات الفلسطينية بموجب اتفاق غير معلن بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات اللبنانية، وتمارس الفصائل نوعاً من الأمن الذاتي داخل المخيمات، وتنسيقاً أمنياً وثيقاً مع الأجهزة الأمنية اللبنانية. وتحتفظ الفصائل الفلسطينية المتعدّدة في المخيمات بأسلحة خفيفة، وشهدت مخيّمات عدة خلال السنوات الماضية حوادث اغتيال واعتداءات بسيارات مفخخة واشتباكات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».