اللقاحات لا تزال «السلاح الأول» في محاربة «أوميكرون»

الأوساط العلمية زادت نشاطها في تطوير علاجات لـ«كوفيد ـ 19»

اصطفاف أمام مركز تطعيم في هونغ كونغ (أ.ب)
اصطفاف أمام مركز تطعيم في هونغ كونغ (أ.ب)
TT

اللقاحات لا تزال «السلاح الأول» في محاربة «أوميكرون»

اصطفاف أمام مركز تطعيم في هونغ كونغ (أ.ب)
اصطفاف أمام مركز تطعيم في هونغ كونغ (أ.ب)

بعد انقضاء عامين على ظهور فيروس كورونا المستجدّ الذي أطلق أخطر أزمة صحية عرفها العالم في العصور الحديثة، ما زالت الرهانات لمكافحة الوباء واحتواء انتشاره، بما في ذلك المتحور أوميكرون، شبه محصورة باللقاحات التي باتت ضرورة تعديلها مؤكدة لمواجهة التحولات التي يتعرّض لها الفيروس خلال مساره التطوري. كما أصبح من المسلّم به إعطاء جرعات متكررة منها حفاظاً على المستوى الكافي من فاعليتها.
لكن إلى جانب اللقاحات التي تشكّل اليوم السلاح الأول والوحيد الذي تعتدّ به الدوائر الصحية في حملات التمنيع والمكافحة، ازداد نشاط الأوساط العلمية لتطوير العلاجات التي بدأت تظهر المؤشرات الأولى الواعدة حول مدى فاعليتها لمنع الإصابات الخطرة أو التخفيف من حدّة أعراضها. وآخر التطورات على جبهة الأدوية العلاجية جاء من الصين، حيث أعلنت الهيئة الوطنية الناظمة للأدوية أنها وافقت على الاستخدام الطارئ لأول علاج ضد «كوفيد - 19» قوامه مضادات الأجسام أحادية النسيلة التي تستهدف البروتين الشوكي للفيروس وتحدّ من قدرته على الدخول إلى الخلايا وتدميرها.
يذكر أن علاجاً بالتقنية نفسها كان تناوله الرئيس الأميركي دونالد ترمب عندما أصيب بالفيروس، وهو عقار معروف بفاعليته العالية، لكن أيضاً بتكلفته الباهظة والقدرات التقنية المتطورة اللازمة لإنتاجه. وأفادت الهيئة الصينية بأنه خلافاً للقاحات التي هي وقائية بطبيعتها، يهدف هذا العلاج إلى منع المضاعفات الخطرة عند المصابين، وهو يعطى بحقنة لمرة واحدة.
- جهاز المناعة الضعيف
إلى جانب ذلك، أفادت الوكالة الأميركية للأدوية بأنها وافقت على استخدام عقار جديد يحوي توليفة مضادات للوقاية من الإصابة بكوفيد لدى الأشخاص الذين يعانون من وهن في جهاز المناعة أو من سوابق أعراض خطرة ناجمة عن اللقاحات ضد الوباء. وأفادت شركة «أسترازينيكا» التي طوّرت هذا العقار بأنه فيما تحتاج اللقاحات إلى جهاز مناعة سليم لتوليد مضادات الأجسام التي تتصدّى للفيروس، يحتوي العقار الجديد على مضادات مطوّرة في المختبر ومصمّمة للبقاء في الجسم طيلة أشهر لاحتواء الفيروس عند حدوث الإصابة. وكانت الوكالة الأميركية شدّدت في بيان على أن هذا العقار ليس بديلاً للقاحات بالنسبة للأصحاء، وإن هذه تبقى الوسيلة الدفاعية الأكثر فاعلية ضد كوفيد في الوقت الراهن. ومن المضاعفات التي تثير قلقاً لدى آباء المراهقين الذكور حالات التهاب عضلات القلب التي رصدت بعد تناول اللقاحات المطورّة بتقنية مرسال الحمض الريبي النووي، مثل فايزر وموديرنا. وأفادت آخر الدراسات حول هذا الموضوع التي أجريت في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، وأشرف عليها الباحث دونغان ترونغ من جامعة أوتا الأميركية، بأن أعراض هذه المضاعفات النادرة خفيفة جداً ولا تحتاج لأكثر من معالجة سريرية عادية.
وشملت هذه الدراسة مئات المراهقين الذين ظهرت عليهم أعراض التهاب عضلات القلب بعد مضي شهر على تناول اللقاح، واقتصرت هذه الأعراض على آلام في القفص الصدري تمّت معالجة 80 في المائة منها بمضادات الالتهاب من غير منشطات ستيرويدية لفترة لا تزيد على يومين في المستشفى. وتأتي هذه الدراسة لتؤكد الاستنتاجات التي خلصت إليها دراسات سابقة حول حالات التهاب عضلات القلب في أوساط مراهقين ذكور بعد تناول لقاحي فايزر وموديرنا، والتي لوحظ أن نسبتها تتجاوز معدّل الإصابات بين السكان عموماً.
- أعراض نادرة
وكانت جميع الدراسات التي أجريت حتى الآن، أكّدت أن منافع اللقاحات تتجاوز بكثير الآثار المحتملة والنادرة على عضلات القلب، وأن الإصابات لا تتجاوز 15 لكل مائة ألف شخص دون الثلاثين من العمر، وأن حالات الالتهاب كانت طفيفة وتمّت معالجة 95 في المائة منها بنجاح. لكن لم تبيّن هذه الدراسات حتى الآن الأسباب التي تؤدي إلى حدوث هذه الإصابات بشكل شبه حصري بين المراهقين الذكور الذين تتراوح أعمارهم حول 15 سنة.
وتفيد دراسة أخرى أجراها مركز مكافحة الأمراض السارية في ولاية أتلانتا الأميركية، بأن نسبة الإصابة بالتهاب في عضلات القلب بعد تناول لقاح مطوّر بتقنية مرسال الحمض الريبي النووي هي 70 حالة لكل مليون شخص تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والسابعة عشرة، وأنها تكاد تكون شبه معدومة بين الأطفال والمسنّين. وكانت دراسة أجريت في جامعة تل أبيب أظهرت نتائج مشابهة، ودعت إلى مراقبة هذا الوضع عن كثب وتجميع المعلومات لتحديد أسباب تركيز هذه الإصابات على شريحة عمرية وجنسية معيّنة.
- أمراض يجب مراقبتها
وتجدر الإشارة إلى أن قسم مراقبة الأدوية في منظمة الصحة العالمية كان قد شدّد على أهمية المتابعة المستمرة للتداعيات المحتملة التي تنشأ عن اللقاحات ومراقبة فاعليتها وسلامتها، خصوصاً بعد تكرار الجرعات وظهور حالات التهاب عضلات القلب وغشائه الخارجي بين المراهقين والبالغين الشباب. وكان خبراء المنظمة الدولية عمّموا توجيهاً يحدد الأعراض التي تنبغي مراقبتها في هذه الحالات، مثل آلام القفص الصدري وتغيّرات في الرسم البياني لتخطيط القلب وفي بعض مؤشرات تحليل الدم مثل مقدار التروبونين.
وفي معرض المفاضلة بين منافع اللقاحات وآثارها السلبية المحتملة، يذكّر خبراء المنظمة بأن معدّل الإصابة بالتهاب الغشاء الخارجي للقلب بين غير الملقحين يضاعف أربع مرات ما هو عليه بين الملقحين، وعليه تبقى اللقاحات الوسيلة الأفضل للحماية من مضاعفات الفيروس. ومن السويد حذّر المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها في تقريره الأسبوعي أمس، من أن المشهد الوبائي في أوروبا يسجّل «نمطاً سريعاً في سريان الفيروس وارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات الجديدة»، وأن معدّل الوفيّات يشهد ارتفاعاً تدريجياً. وتوقّع التقرير أن تشهد بلدان أوروبية عدة بحلول نهاية هذا الأسبوع، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات والحالات التي تعالج في المستشفيات وحالات الوفاة، وذلك بسبب سرعة سريان متحوّر دلتا وازدياد قدرته على التهرّب من حماية المناعة اللقاحية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.