اتجهت مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى نحو اتخاذ مواقفة «حازمة» و«موحدة ضد المعتدين العالميين» حيال كثير من الملفات الساخنة على الساحة الدولية، لا سيما فيما يتعلق بـ«النشاط الخبيث» لموسكو، وفقاً للوصف الذي أطلقته وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس على الحشود العسكرية لروسيا عند الحدود مع أوكرانيا، فضلاً عن التصدي لـ«الإكراه الاقتصادي» من الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وكيفية التعامل مع إيران في ظل محادثات فيينا الجارية حالياً للعودة إلى الاتفاق النووي، المعروف أيضاً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، بالإضافة إلى التحديات العالمية الأخرى كجائحة «كوفيد - 19» وتغيّر المناخ. ومنذ وصوله إلى مدينة ليفربول الساحلية بشمال غربي إنجلترا والمشهورة بطاقتها الشابة وفرق كرة القدم وفرقة البيتلز، شرع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في سلسلة اجتماعات ثنائية ترمي إلى نسج موقف موحد مع نظرائه في المجموعة، البريطانية ليز تراس والفرنسي جان إيف لودريان والألمانية أنالينا بربوك والإيطالي لويجي دي مايو والكندية ميلاني جولي والياباني يوشيماسا هاياشي، والتعامل مع المخاوف المتزايدة من حشد القوات الروسية قرب أوكرانيا.
وهذا ما عكسته تراس في مستهل الاجتماع الأخير برئاسة بريطانيا قبل أن تنتقل هذه الرئاسة إلى ألمانيا في مطلع عام 2022، إذ قالت إن المجموعة تريد «إظهار الوحدة ضد المعتدين العالميين»، على أن تعد رداً منسقاً ضد «السلوكيات الخبيثة» لروسيا تجاه أوكرانيا. وأضافت: «نحن بحاجة إلى الدفاع عن أنفسنا ضد التهديدات المتزايدة من الجهات المعادية»، مشددة على أنه «علينا أن نتحد بقوة للوقوف في وجه المعتدين الذين يسعون للحد من حدود الحرية والديمقراطية». وإذ لفتت إلى أن «هناك قرارات اتخذها العالم الحر (…) على المدى القصير للحصول على طاقة رخيصة أو تمويل رخيص»، في إشارة على ما يبدو إلى خط أنابيب «نورد ستريم 2» المثير للجدل لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا والاستثمارات الروسية الضخمة في البورصة البريطانية، حذرت من أن «هذا له تكاليف طويلة الأجل على الحرية والديمقراطية»، مضيفة أنه «لا يمكننا ارتكاب هذا الخطأ مرة أخرى». وقبل توليها منصبها في الأسبوعين الماضيين، لطالما كانت الوزيرة الألمانية، وهي من حزب الخضر، من المعارضين لخط الأنابيب الروسي. وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بأن بلينكن وبربوك شددا على «دعم استقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي، واتفقا على أن هناك حاجة لرد قوي في حال تصعيد موسكو».
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه تحدث مع المستشار الألماني أولاف شولتس لتهنئته على توليه منصبه، وإنه يتطلع إلى العمل معاً في قضايا من بينها التعزيز العسكري الروسي بالقرب من أوكرانيا. وقال بايدن: «أتطلع إلى العمل بشكل وثيق معاً بشأن مجموعة كاملة من التحديات العالمية من بينها الجهود عبر الأطلسي للتصدي للتعزيزات العسكرية الروسية المزعزعة للاستقرار على طول الحدود الأوكرانية».
وكانت تراس وبلينكن عبرا أيضاً عن «القلق البالغ» من حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية. وقالا في موقف مشترك، إن «أي توغل روسي سيكون خطأ استراتيجياً وستكون له عواقب وخيمة».
ويخطط الدبلوماسيون في ليفربول أيضاً لاتخاذ قرارات إضافية في شأن الجهود المتأخرة لتطعيم العالم ضد فيروس «كورونا» والتوترات في غرب البلقان وأفغانستان وكوريا الشمالية واستعراض عضلات الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وانعقد هذا الاجتماع في الوقت الذي يجتمع فيه المفاوضون في فيينا لمحاولة إحياء اتفاق دولي متعثر حول طموحات إيران النووية. وأجرى الوزير الأميركي «محادثات بناءة» مع نظرائه الألمانية والفرنسي والبريطانية في ليفربول، لمناقشة الخطوات التالية في شأن إيران، كما توقف المبعوث الأميركي الخاص لإيران في المدينة في طريقه إلى فيينا. وشارك الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن المشترك جوزيب بوريل في اجتماعات عدة خاصة بملف إيران. ودعت تراس أيضاً وزراء من رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) إلى اجتماع ليفربول، علماً بأن كثيرين بينهم سينضمون عن بُعد بسبب فيروس «كورونا». وتحرص بريطانيا على العمل بشكل أوثق مع الدول الآسيوية كجزء من «الميل الهندي والمحيط الهادي» بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي العام الماضي - لتعزيز التجارة البريطانية وكقوة موازنة لهيمنة الصين. وأخبرت تراس نظراءها في مجموعة السبع أن الديمقراطيات بحاجة إلى محاربة «الإكراه الاقتصادي» و«كسب معركة التكنولوجيا»، وكلاهما يشير إلى نفوذ بكين المتزايد في جميع أنحاء العالم. وبعد ختام اجتماعات مجموعة السبع في بريطانيا، يواصل بلينكن رحلته لتشمل أيضاً كلاً من إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وهاواي. وتصب رحلته إلى منطقة جنوب شرقي آسيا في سياق جهود الولايات المتحدة لتعزيز «شراكتها الاستراتيجية» مع «آسيان»، وفي إطار جهود إدارة الرئيس جو بايدن لبناء «إطار عمل اقتصادي جديد لمنطقة المحيطين الهندي والهادي» في أوائل عام 2022 وبناء سلاسل توريد مرنة وأزمة المناخ وضمان أن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادي حرة ومفتوحة، علماً بأن «الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي الجديد سيشمل شراكات واسعة مع دول في المنطقة في المجالات الحاسم ، بما في ذلك الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا ومرونة سلسلة التوريد والطاقة النظيفة».
وأكد وكيل وزارة الخارجية الأميركية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة خوسيه فرنانديز، أن «منطقة المحيطين الهندي والهادي جزء مهم من اقتصادنا»، مضيفاً أن «الأمر لا يقتصر على أنها تمثل أكثر من نصف سكان العالم و60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي». وقال: «توجد 7 من أكبر 15 سوق تصدير للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي»، كاشفاً أن التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والمنطقة تجاوزت 1.75 تريليون دولار. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن الولايات المتحدة متخلفة عن الصين في تعميق العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية مع «آسيان». والشراكة عبر المحيط الهادي هي اتفاق تجارة حرة بين أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك وبيرو ونيوزيلندا وسنغافورة وفيتنام التي وقعت عام 2018. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وقعت عشر دول أعضاء في «آسيان» وخمس دول إضافية، هي أستراليا والصين واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، التي تمثل نحو 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العالم وعدد السكان. وتدخل هذه الشراكة حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) المقبل.
«مجموعة السبع» تعد لموقف حازم من «النشاط الخبيث» الروسي و«الإكراه الاقتصادي» الصيني
«مجموعة السبع» تعد لموقف حازم من «النشاط الخبيث» الروسي و«الإكراه الاقتصادي» الصيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة