الحوثيون يلاحقون الفارّين بعد الخسائر الفادحة على الجبهات

TT

الحوثيون يلاحقون الفارّين بعد الخسائر الفادحة على الجبهات

كشفت مصادر يمنية مطلعة مواصلة الميليشيات الحوثية منذ عشرة أيام، تنفيذ حملات تعقب وملاحقة بحق المئات من عناصرها وقادتها الميدانيين الفارين من ميادين قتالية، بعدما فشلت تماماً في رفد جبهاتها بمقاتلين جدد لتعويض خسائرها البشرية الفادحة.
وعلى وقع الخسائر التي تُمنى بها الجماعة في الساحل الغربي وجبهات مأرب والجوف وغيرها، تحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة عناصر تابعة لما يعرف بجهاز «الأمن الوقائي الحوثي» ملاحقة الفارين من الجبهات، وسط تنامي حالات الفرار الجماعي بالأسلحة في أوساط عناصر الميليشيات من جبهات مختلفة.
وأوضحت المصادر أن حملات التعقب تركزت في البدء في عدد من المناطق الحدودية الرابطة بين محافظتي إب وتعز مع الحديدة، ثم توسعت إلى قرى في مدن خاضعة تحت سيطرة الجماعة، وفي محافظتي حجة والمحويت بعد وصول أعداد كبيرة من مقاتلي وقادة الجماعة فارين من الجبهات بعد استهدافهم المكثف بضربات قوات الجيش المسنودة بغارات طيران التحالف.
وفي محافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) تحدث مصدر محلي، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن شن أطقم تتبع جهاز الميليشيات الوقائي على مدى الأيام القليلة الماضية حملات تعقب وملاحقة طالت عشرات المسلحين الحوثيين العائدين إلى مناطقهم وقراهم بطرق سرية ومن دون علم مشرفيهم وقادتهم الميدانيين.
وتزامن ذلك، وفق ما ذكره المصدر لـ«الشرق الأوسط»، مع حملة مماثلة شنتها الجماعة بحق الفارين من أتباعها بعدة قرى في شرعب ومقبنة في تعز المتاخمة لمناطق في الحديدة.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر محلية وأخرى مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، تنفيذ مسلحي الجماعة خلال هذه الفترة حملات ملاحقة واستهداف مماثلة في محافظتي حجة والمحويت للقبض على عناصرها الفارين من جبهات مأرب والجوف المشتعلتين، بعدما وصل كثير منهم إلى قناعة بعبثية حروب الجماعة.
وقالت المصادر إن الجماعة الموالية لإيران نفذت خلال الأيام الخمسة الماضية، حملات استهدفت عزل بني الشومي والادبعة والشعاثمة بمديريتي مبين ونجرة في محافظة حجة، وقرى عزل باحش والقبلة وقهيمة والشماع واقعة بنطاق 3 مديريات في محافظة المحويت، لإجبار عناصرها الفارين للعودة للجبهات، وخيرتهم بين العودة إلى الميادين أو تسليم السلاح الذي تم صرفه لهم سابقاً.
المصادر ذاتها أوضحت أنّ أعداداً كبيرة من المقاتلين الحوثيين الفارين من المعارك رفضوا بشدة العودة إلى الجبهات، على الرغم من حجم التهديدات الحوثية الموجهة لهم ولأسرهم بالاعتقال والسجن، وتلفيق عدة تهم منها الخيانة العظمى بحقهم.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تشن فيها الجماعة حملات مطاردة بحق أتباعها الفارين من الجبهات، إذ سبق للميليشيات أن نفذت أواخر فبراير (شباط) الماضي، حملات مماثلة طاولت العشرات من أتباعها بعد عمليات هروب حوثية جماعية من مختلف الميادين.
وكانت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء ذكرت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أنّ زعيم الجماعة المدعو عبد الملك الحوثي وجه قبل أشهر بتشكيل فرق ميدانية من جهاز أمنه المعروف بـ«الأمن الوقائي»، وتكليفها مهام تعقب وملاحقة الفارين من ميادين القتال، لا سيما من جبهات مأرب، إلى جانب مهام اعتقال المشرفين الذين يرفضون حشد المجندين والتوجه معهم إلى القتال.
وبحسب المصادر، فقد شنّت فرق الاستخبارات والقمع الحوثية عقب تلك التوجيهات حملات تعقب ودهم لمنازل الفارين، صاحبتها اعتقالات طاولت المئات منهم في مدن وقرى واقعة بنطاق سبع محافظات تحت سيطرة الميليشيات.
وألزم قادة الفرق، وفق المصادر، مشرفي الجماعة الذين يكنّون الولاء الطائفي المطلق لزعيم الجماعة في المحافظات بملاحقة الفارين ممن لم تتمكن من القبض عليهم، وإنذار ذويهم لإجبارهم على العودة إلى الميادين، تحاشياً لفرار مقاتلين آخرين.
وأسفرت حملات الجماعة حينها عن اعتقال نحو 45 مقاتلاً من الفارين من ميادين القتال مناطق عدة في محافظة ذمار، ونحو 190 مقاتلاً عائداً من العاصمة صنعاء وريفها، وما يزيد على 63 عنصراً فاراً اعتقلوا من مناطق متفرقة بمحافظة إب، إلى جانب 105 آخرين اعتقلوا من مدن وقرى متفرقة في محافظات عمران وحجة والمحويت وريمة.
وأشارت المصادر إلى أنّ استمرار تلقي الميليشيات في جبهة مأرب وغيرها لضربات متلاحقة كبدتهم خسائر كبيرة وأثارت الهلع والرعب بصفوف من تبقى من مقاتلي الجماعة، ما أدى إلى تنامي حالات الفرار الجماعي بالأسلحة في أوساط عناصرها من تلك الجبهة المشتعلة منذ أسبوعين.
وأشارت المصادر إلى النقص الحاد الذي تعانيه الجماعة بصفوفها، خصوصاً عقب فرار المئات من مقاتليها بأسلحتهم من ميادين المواجهات. وأكدت أن الميليشيات حذرت وقتها مئات الأسر بإدراج أسماء ذويهم من الفارين ضمن قوائم المؤيدين للتحالف والشرعية، وهددتهم بأن ذلك سيعرضهم لصعوبات وعقوبات شديدة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.