الجزائر: حقوقيون يطالبون بإلغاء القوانين «المصادرة للحريات»

الإعلام الرسمي يرد على المشككين بشرعية تبون في ذكرى الانتخابات

TT

الجزائر: حقوقيون يطالبون بإلغاء القوانين «المصادرة للحريات»

بينما أدان حزب معارض للسلطة في الجزائر «تجريم التعبير عن الرأي والعمل السياسي»، أطلقت وسائل الإعلام المملوكة للدولة، أمس، حملة دعائية كبيرة لفائدة الرئيس عبد المجيد تبون، وذلك بمناسبة مرور عامين على وصوله إلى الحكم (12 ديسمبر 2019) في انتخابات جرت في ظروف غير عادية، وتميزت بمظاهرات كبيرة في الشارع للمطالبة بتغيير النظام.
وذكر حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» في بيان أمس، عقب انتهاء اجتماع قيادته أن دستور البلاد، والمعاهدات الدولية في مجال الحقوق والحريات والنشاط السياسي السلمي، التي صادقت عليها البلاد، والتي يفترض، حسبه، أن توفر الحماية للمواطنين، «تتعرض كل يوم للانتهاك».
وقال الحزب، الذي يرأسه محسن بلعباس، إن «السلطة فاقدة الشرعية تحكم بالتعسف، ونشر الخوف والرعب، وهي لا تقبل بأي رأي مخالف، ولا ترضى بأي صوت معارض». مبرزا أن مناضلين سياسيين وناشطين بجمعيات وصحفيين، وحتى مواطنين عاديين، «لم ينج أحد منهم من آلة تلفيق التهم خارج إطار القانون». كما أشار البيان إلى أن القضاء «بات جهازا دوره تزكية، ومباركة رغبات حكام الساعة».
وتناول البيان حملة الاعتقالات المتواصلة منذ بداية الحراك الشعبي في 22 من فبراير (شباط) 2019، وأكد أن 300 شخص يوجدون في السجون حاليا بسبب التعبير عن الرأي، من بينهم نساء ومحامون وصحفيون، وقادة أحزاب وطلاب الجامعة. كما تم اعتقال أكثر من 7 آلاف شخص، حسب الحزب، تابع القضاء منهم 2500، وأودع 790 آخرون الحبس الاحتياطي.
في سياق ذلك، ندد «التجمع» بتعديل مادة في القانون الجنائي في يونيو (حزيران) الماضي، تعتبر «أي مسعى يهدف إلى قلب نظام الحكم عملا إرهابيا». وبموجب هذا النص سجنت السلطات العشرات من الناشطين، واتهمتهم بالانتماء إلى تنظيمين وضعتهما سابقا على لائحة الإرهاب، هما «رشاد» الإسلامي، و«حركة الحكم الذاتي للقبائل» الانفصالية.
من جهته، قال «حزب العمال» اليساري المعارض في بيان، بعد انتهاء اجتماع لكوادره أمس، إنه «يستنكر كثافة الاعتقالات، التي طالت مناضلين ونشطاء يوميا في كل أنحاء الوطن، ممّا خلّف رعبا وشعورا بالظلم»، داعيا إلى «الوقف الفوري للقمع، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، ومعتقلي الرأي، وإلغاء القوانين التي تصادر الحريات».
ونشر صحافيون أمس لائحة بمواقع التواصل الاجتماعي، تضم أسماء 57 مهنيا من غالبية المؤسسات الإعلامية، يطالبون فيها بإطلاق سراح زميلهم محمد مولوج، من صحيفة «ليبرتيه»، المسجون منذ ثلاثة أشهر بتهمة الإرهاب، والانتماء إلى التنظيم الانفصالي بالقبائل.
وأكد محامون يدافعون عن مولوج لـ«الشرق الأوسط» أن الأمن استجوبه حول مراسلات إلكترونية جمعته بـ«رئيس حكومة القبائل المؤقتة»، فرحات المهني المقيم بفرنسا، والذي يقع تحت طائلة أمر دولي بالاعتقال لاتهامه بالإرهاب.
وطالب أصحاب اللائحة بالإفراج عنه في انتظار تحديد محاكمة «عادلة وشفافة، تكون فيها حقوق دفاعه مضمونة، مثلما تنص على ذلك المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه الجزائر».
في مقابل ذلك، نشرت وسائل الإعلام التابعة للدولة، أمس، مواد دعائية للرئيس تبون عشية الذكرى الثانية لانتخابات الرئاسة، التي جرت بعد 8 أشهر من استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (2 أبريل 2019) تحت ضغط الحراك. وتميز الاستحقاق بغياب مرشح المعارضة، وبمعدل تصويت ضعيف نسبيا، بلغ 41 في المائة، وكان نصيب تبون منه 58 في المائة. وتعتبر المعارضة أن الصندوق أفرز رئيسا «سيجر معه طوال خمس سنوات عقد اللاشرعية»، على أساس أن الحراك الذي تواصل خلال الانتخابات وبعدها، رفض الاستحقاق، وعده «التفافا» على مطلب التغيير.
وفي ردّ ضمني على من يشككون في شرعية تبّون، قالت وكالة الأنباء الرسمية، أمس، إنه «يحق القول اليوم إن الشعب الجزائري قد وُفق في اختيار السيد عبد المجيد تبون لاعتلاء سدة الحكم، وهذا رغم أنف أولئك الذين يؤكدون عكس ذلك. فقد وجد الشعب الجزائري في تبون المرآة العاكسة له، وعبر عن ذلك بشكل جيد في 12 ديسمبر 2019».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.