تونس ملتزمة سداد ديونها الخارجية

تتأهب لجولة جديدة مع صندوق النقد

أكدت رئيسة الوزراء التونسية التزام بلادها بسداد ديونها الخارجية (رويترز)
أكدت رئيسة الوزراء التونسية التزام بلادها بسداد ديونها الخارجية (رويترز)
TT

تونس ملتزمة سداد ديونها الخارجية

أكدت رئيسة الوزراء التونسية التزام بلادها بسداد ديونها الخارجية (رويترز)
أكدت رئيسة الوزراء التونسية التزام بلادها بسداد ديونها الخارجية (رويترز)

قالت رئيسة الوزراء التونسية نجلاء بودن، يوم الجمعة، إن احتياطيات تونس من النقد الأجنبي تمكنها من سداد ديونها الخارجية، وهو ما تحرص عليه وسط أزمة مالية غير مسبوقة دفعت خبراء بالتشكيك في قدرة البلاد على عدم التخلف عن السداد.
وأضافت بودن أن الحكومة بدأت في إعداد مسودة من أجل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي سيبعث بإشارات إيجابية للشركاء ويسمح بتحسين التصنيف الائتماني للبلاد. وبدأت تونس، الشهر الماضي، محادثات مع صندوق النقد حول برنامج تمويل لإنقاذ الاقتصاد المنهار.
ويوم الخميس، قال محافظ البنك المركزي إن تونس تسعى للوصول لاتفاق مع صندوق النقد في الربع الأول من العام المقبل. وفي مؤتمر «أيام المؤسسة» الذي يعقد بسوسة، قالت بودن إن «الدولة التونسية حريصة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون الخارجية، وستستمر في ذلك بسبب مستوى احتياطي النقد الأجنبي في تونس».
ووفقاً لأرقام البنك المركزي، بلغ احتياطي النقد الأجنبي سبعة مليارات دولار، أو ما يعادل 119 يوماً من الواردات.
من جانبها، كشفت سهام البوغديري نمسية، وزيرة المالية التونسية، عن قرب دخول تونس في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لتمويل ميزانية الدولة سواء لاستكمال السنة الحالية أو توفير الاعتمادات المالية للسنة المقبلة. ومن ناحيته، توقع مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي، بلورة اتفاق حول مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية التي تكون واقعية ومقبولة من قبل كل من الحكومة التونسية وصندوق النقد قبل نهاية الربع الأول من السنة المقبلة، قائلاً إن «الاتفاق مع الصندوق سيكون مؤشراً جيداً للغاية على أن تونس ستبدأ في إصلاحاتها»، وهو ما قد يعزز النمو الاقتصادي.
ونفى العباسي فرضية لجوء تونس إلى «نادي باريس» لجدولة الديون، رغم الصعوبات المالية، ملاحظاً أن تونس لم تتخلف قط عن سداد التزاماتها تجاه شركائها الماليين، مقدراً أنه «لن يحصل ذلك مستقبلاً»، على حد تعبيره.
وأوضحت نمسية، بمناسبة التئام الدورة 35 لـ«أيام المؤسسة» بمدينة سوسة (وسط شرقي تونس)، أن الاتصالات والمشاورات بين الحكومة التونسية والصندوق قد انطلقت خلال هذه الفترة من جديد بعد تعطلها خلال الصيف الماضي، وعبّرت عن أملها في التوصل إلى اتفاق مع هذه المؤسسة المالية الدولية.
وكشفت، في السياق ذاته، عن الإجراءات التي تعمل عليها الحكومة التونسية اليوم لتحريك نسبة النمو الاقتصادي والتشجيع على الاستثمار ودعم المؤسسات التي تجابه صعوبات اقتصادية جراء الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي تمر به تونس. وأكدت أن المؤسسات المتضررة جراء الجائحة ستشملها عدة إجراءات في قانون المالية لسنة 2022، ويتضمن هذا القانون عدة إجراءات تتعلق بالإصلاحات الجبائية ومكافحة التهريب والاقتصاد الموازي، علاوة على رقمنة الإدارة والتشجيع أكثر على عمليات الدفع الرقمي.
وكانت الحكومة التونسية السابقة قد انطلقت في مشاورات مع الصندوق، خلال شهر مايو (أيار) الماضي، للحصول على قرض مالي بقيمة نحو أربعة مليارات دولار، غير أن المفاوضات تعطلت إثر التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في يوليو (تموز) الماضي. وحصلت تونس على قرض مالي بقيمة 2.9 مليار دولار من صندوق النقد خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2020. وتطمح للحصول على قرض جديد لتمويل ميزانية الدولة والإيفاء بتعهداتها المالية.
وتعول تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي على برنامج اقتصادي واجتماعي يوفر حلولاً لتأزم المالية العمومية والحد من النفقات الموجهة لدعم مجموعة من المنتجات الاستهلاكية، علاوة على إصلاح الوضعية المالية للمؤسسات الحكومية الكبرى.
في السياق ذاته، أكد العباسي أن البنك المركزي والحكومة يعملان يومياً بصفة متكاملة، كل في إطار صلاحياته وما يخوله له القانون، على بلورة مشروع تونسي يمكن تقديمه لصندوق النقد ويلقى القبول والدعم من قبله.
ولفت الانتباه إلى أن الحكومة ستواصل خلال لفترة المقبلة هذا الجهد، خاصة مع توفر احتياطي من العملة الصعبة يغطي نحو 120 يوماً من التوريد، مع العمل على إعطاء إشارات إيجابية للمستثمرين بغاية استعادة عجلة النمو الاقتصادي وخلق الثروة.
وبيّن العباسي أن الحلول المتوفرة لتونس في الفترة المقبلة تقوم أساساً على إعادة الاستثمار والرفع من مستوى التصدير والتشجيع على استهلاك المنتوج التونسي، وتعزيز جودته لفتح آفاق تصديرية أرحب.



مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
TT

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين، لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار مقابل شروط مواتية لعقود طاقة شمسية كان من المقرر أن تدر أكثر من ملياري دولار من الأرباح، مما تسبب في صدمة بجميع أنحاء تكتل الأعمال التجارية الذي يحمل اسمه.

فمن هو غوتام أداني؟

بالنسبة للعامة، غوتام أداني هو الملياردير الهندي الذي بنى تكتلاً قوياً يمتد عبر التعدين والموانئ والطاقة المتجددة. وبالنسبة لشركائه المزعومين في مخطط رشوة بمليارات الدولارات، كان يستخدم أسماء سرية بما في ذلك «نوميرو أونو».

وهو رجل أعمال من الجيل الأول رافق صعوده الهائل سلسلة من الخلافات في الداخل والخارج.

ويواجه أداني، الذي نجا من الموت بأعجوبة في عام 2008 وكان واحداً من بين كثير من الأشخاص العالقين داخل فندق تاج محل بالاس في مومباي عندما قام مسلحون بعملية قتل، مذكرة اعتقال أميركية وعقوبات جنائية بسبب تهم الاحتيال والرشوة.

وقد خسرت مجموعة شركات «أداني»، التي تتراوح بين الطاقة والمواني والسكر وفول الصويا، أكثر من 150 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة العام الماضي، بعد أن اتهمت مجموعة «هيندنبورغ» للأبحاث التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، مجموعته التي تحمل اسمه باستخدام الملاذات الضريبية الخارجية بشكل غير صحيح. وأنكرت المجموعة، التي استردت بعض الخسائر وتبلغ قيمتها الإجمالية الآن 141 مليار دولار، جميع هذه الادعاءات، وفق «رويترز».

وقبل أن تنخفض أسهم شركات مجموعة «أداني» العام الماضي، كان تارك الدراسة الثانوية البالغ من العمر 62 عاماً قد أصبح لفترة وجيزة أغنى شخص في العالم بعد الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» إيلون ماسك. ويحتل أداني الآن المرتبة الـ25 في قائمة أغنى أغنياء العالم بصافي ثروة تبلغ نحو 57.6 مليار دولار، وفقاً لمجلة «فوربس».

وفي حين تم التشكيك في مشروعات الفحم والطاقة الخاصة بالمجموعة وصفقات أخرى في بلدان مثل أستراليا وبنغلاديش، استخدم قادة المعارضة الهندية بانتظام شركة «أداني» للهجوم على حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، زاعمين محسوبيته له، بما في ذلك منح «أداني» عقد إعادة تطوير حي فقير ضخم في مومباي. وقد رفض الطرفان هذه الاتهامات.

ويوم الاثنين، عطل نواب المعارضة البرلمان الهندي للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، بينما انخفضت أسعار سندات «أداني» الدولارية إلى أدنى مستوياتها في عام تقريباً مع قيام المستثمرين والمقرضين بتقييم القضية.

أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد الصناعي الهندي غوتام أداني مطالبين باعتقاله (إ.ب.أ)

وقد نشر رئيس حزب المؤتمر المعارض الرئيسي، ماليكارجون خارغي، على منصة «إكس»: «مع بدء جلسة البرلمان، فإن الخطوة الأولى التي يجب على الحكومة اتخاذها هي إجراء مناقشة مفصلة حول ملحمة أداني التي تنطوي على إمكانية تشويه صورة الهند على الساحة العالمية».

العلاقات بين الهند وأميركا

ويعتقد كثير من الخبراء أن مزاعم الرشوة الموجهة ضد أداني، ستترك أثراً كبيراً على العلاقات الأميركية - الهندية، ما لم يقرر الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقف الملاحقة القضائية.

وكان أداني قال بعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، على منصة «إكس»، إن الرئيس الأميركي المنتخب كان «تجسيداً للمثابرة التي لا تنكسر، والعزيمة التي لا تتزعزع، والتصميم الذي لا يلين والشجاعة للبقاء مخلصاً لمعتقداته».

وفي معرض تهنئته لترمب، قال أداني الأسبوع الماضي، إن مجموعته ستستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية بالولايات المتحدة، دون تقديم تفاصيل سوى أن الاستثمار يهدف إلى خلق 15 ألف وظيفة.

وقال براهما شيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسات في تصريح لـ«بلومبرغ»، إن لائحة الاتهام يُنظر إليها على أنها ذات دوافع سياسية في نيودلهي. وتوقع أيضاً أن يكون لها تأثير على التعاون بين الولايات المتحدة والهند والثقة المتبادلة بين البلدين ما لم تسقط إدارة ترمب المقبلة الملاحقة القضائية.

وأشار شيلاني إلى أن «الكثير سيعتمد على الكيفية التي ستسعى بها الإدارة الأميركية المقبلة لرسم العلاقة مع الهند».

من ناحية أخرى، يبدو أن كثيراً من الأشخاص الرئيسيين الذين رشحهم ترمب ليكونوا جزءاً من حكومته مؤيدون للهند. ففي العام الماضي، كان مستشار الأمن القومي الجديد لترمب، مايك والتز، ضيفاً على مودي في احتفالات يوم الجمهورية الهندية. وفي يوليو (تموز) الماضي، قدم ماركو روبيو، الذي اختاره ترمب لمنصب وزير الخارجية، مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الهند، ومعاملة الدولة الواقعة في جنوب آسيا حليفاً في حلف شمال الأطلسي مثل اليابان.

بداية حياة أداني

وُلد أداني في 24 يونيو (حزيران) 1962 في مدينة أحمد آباد بولاية غوجارات الغربية - وهي أيضاً ولاية مودي الأم - وترك الدراسة في سن 16 عاماً بعد إكماله الصف العاشر.

وأسس مجموعة «أداني» في عام 1988، وبدأ بتجارة السلع الأساسية. وقد جاء من عائلة من الطبقة المتوسطة في مجال النسيج ليكوّن ثروته، على عكس كثير من المليارديرات الآخرين الذين يرثون ثرواتهم بالوراثة.

وهو متزوج من طبيبة الأسنان بريتي أداني، ولديه ابنان هما كاران وجيت، وكلاهما يعمل في أعمال الشركة، مثل كثيرين آخرين في العائلة.

ووفقاً لشخص على دراية مباشرة بتعاملاته، فإن لديه أسلوباً «عملياً للغاية» في إدارة إمبراطوريته، وقال إنه يهدف إلى توريثها للجيل المقبل في العائلة عندما يبلغ من العمر 70 عاماً.

وصف أداني نفسه في مقابلات مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بأنه شخص خجول، وعزا ارتفاع شعبيته جزئياً إلى الهجمات السياسية التي واجهها.

المستثمرون يتخارجون

أعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنرجيز» في بيان يوم الاثنين، أنها أوقفت الاستثمارات الجديدة في مجموعة «أداني» بسبب اتهامات الرشوة.

موظفة تسير أمام بث رقمي في بورصة مومباي للأوراق المالية (أ.ف.ب)

وكانت خطوة «توتال إنرجيز» أول التداعيات الكبرى من تخارج الاستثمارات من المجموعة.

وتمتلك «توتال» حصة 20 في المائة في «أداني للطاقة الخضراء»، ولديها مقعد في مجلس إدارة الشركة الهندية.

كما تمتلك «توتال» أيضاً حصة 37.4 في المائة بشركة «أداني توتال للغاز المحدودة»، بالإضافة إلى حصة 50 في المائة في 3 مشروعات مشتركة للطاقة المتجددة مع شركة «أداني للطاقة الخضراء».

ويوم الثلاثاء، أعلنت «أداني للطاقة الخضراء» أنه لا يوجد أي تعهد مالي جديد قيد المناقشة مع «توتال إنرجيز».

وأضافت في بيان للبورصة، أن بيان «توتال إنرجيز» لن يكون له أي تأثير مادي على عمليات «أداني للطاقة الخضراء» أو خطتها للنمو.

وانخفضت أسهم «أداني للطاقة الخضراء» بنسبة 7 في المائة يوم الثلاثاء، لتواصل انخفاضها بنسبة 8 في المائة بعد بيان «توتال إنرجيز».

وخسرت الشركة أكثر من 9.5 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ توجيه الاتهامات الأميركية.