«داعش» يدعو أهالي الموصل إلى حمل السلاح

نشر شريط فيديو للدمار الذي خلفه في موقع نمرود الأثري

لقطة من شريط فيديو بثه تنظيم «داعش» لتفجير في موقع نمرود الأثري جنوب شرقي الموصل (إ.ب.أ)
لقطة من شريط فيديو بثه تنظيم «داعش» لتفجير في موقع نمرود الأثري جنوب شرقي الموصل (إ.ب.أ)
TT

«داعش» يدعو أهالي الموصل إلى حمل السلاح

لقطة من شريط فيديو بثه تنظيم «داعش» لتفجير في موقع نمرود الأثري جنوب شرقي الموصل (إ.ب.أ)
لقطة من شريط فيديو بثه تنظيم «داعش» لتفجير في موقع نمرود الأثري جنوب شرقي الموصل (إ.ب.أ)

تصدت قوات البيشمركة الليلة قبل الماضية وأمس لعدة هجمات شنها مسلحو تنظيم داعش على محاور كوير غرب أربيل، والحردانية وسنجار غرب الموصل، فيما ذكر مسؤول كردي أن التنظيم دعا عبر المساجد أهالي الموصل إلى حمل السلاح لمواجهة القوات التي ستهاجم المدينة.
وقال جمال مورتكة، قائد قوات البيشمركة في محور كوير (40 كيلومتر غرب أربيل)، لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي «داعش» حاولوا الليلة قبل الماضية «التقدم نحو ناحية الكوير من جهة قرية زمارة ومن جهة الجسر، محاولين عبور النهر بالزوارق، لكن قوات البيشمركة تصدت لهم وأحبطت محاولتهم وقتلت العشرات منهم»، مضيفا أنه «عندما وصلت طائرات التحالف الدولي كانت المعركة قد انتهت، لكنها وجهت عددا من الصواريخ لمواقع التنظيم»، مشيرا إلى أن مسلحي «داعش» لم يستطيعوا إبداء أي مقاومة وانسحبوا باتجاه مواقعهم في الضفة المقابلة.
وعن أسباب تكرار هجمات التنظيم على محور كوير، أوضح نائب مدير آسايش أربيل، بارزان قصاب، لـ«الشرق الأوسط» أن «ناحية كوير تحتل مركزا استراتيجيا مهما، فهي تبعد عن أربيل عاصمة الإقليم نحو 40 كيلومترا، إضافة إلى أنها تقع في العمق خلف مخمور وخازر، فهي داخل الحدود الجغرافية لأربيل، واحتلالها يجعل من مخمور منطقة ساقطة عسكريا علما بأنها أقرب إلى أربيل، وهؤلاء الإرهابيون يريدون الضغط على عاصمة الإقليم، إلى جانب أن القرى الموجودة في تلك المنطقة هي قرى عربية، وتنظيم داعش يتصور أنه إذا وصل إلى تلك المناطق فسيتلقى الدعم من تلك القرى».
كما شن مسلحو «داعش» فجر أمس هجوما موسعا من عدة محاور على مواقع البيشمركة في منطقة الحردانية التابعة لناحية سنونى، غرب الموصل. وقال رئيس أركان البيشمركة الفريق جمال محمد، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأ مسلحو (داعش) هجوما على طول الجبهات الممتدة من منطقة الحردانية حتى قرية عامودا، واختبأوا خلال الليل في الأدغال الموجودة في المنطقة من أجل الاقتراب من مواقعنا، لكن قوات البيشمركة وجهت ضربة قاضية لهم وأجبرتهم على الفرار تاركين وراءهم 11 جثة وكمية من الأسلحة والأعتدة، وسحبوا عددا آخر من جثث قتلاهم التي بلغت أكثر من 20».
بدوره، أعلن غياث سورجي، مسؤول إعلام مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى، أن قوات البيشمركة حاصرت أمس قوة من «داعش» في قريتي عامودا وتل شور في ناحية سنونى، وتمكنت من قتل مجموعة منهم وتدمير 3 عجلات، في حين أصيب 4 أفراد من البيشمركة بجروح. وحسب سورجي، دعا التنظيم من خلال المساجد أهالي الموصل إلى حمل السلاح لمواجهة الهجوم المرتقب على المدينة، مضيفا أن التنظيم اعتقل أمس 100 شاب في الموصل تتراوح أعمارهم بين 13 و20 عاما، وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، نقل هؤلاء الشباب إلى معسكرات التنظيم لتدريبهم. وتابع سورجي: «في الوقت ذاته، اعتقل التنظيم أكثر من 300 ضابط وشرطي عراقي من الذين أعلنوا عن توبتهم له أثناء سيطرته على الموصل في يونيو (حزيران) الماضي في مناطق حمام العليل والسلامية وشورى، في جنوب المدينة؛ إذ يخشى التنظيم من وجود اتصال بينهم وبين القوات الأمنية العراقية».
من ناحية ثانية، نشر تنظيم داعش شريطا مصورا لعناصره وهم يدمرون مدينة نمرود الآشورية الأثرية في شمال العراق التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قبل أن يعمد إلى تفخيخها وتفجيرها بالكامل. وأظهر الشريط الذي تداولته حسابات إلكترونية مؤيدة للتنظيم، عناصر التنظيم وهم يستخدمون مطرقات وآلات ثقيلة لتدمير ألواح حجرية ضخمة، واختتم بمشهد انفجار كبير تليه لقطات للمدينة وقد سويت بالأرض.
وكانت السلطات العراقية أعلنت في 5 مارس (آذار) الماضي، أن التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة في شمال البلاد وغربها، جرف المدينة الأثرية الواقعة عند ضفاف نهر دجلة على مسافة نحو 30 كلم جنوب الموصل (شمال)، وأولى المناطق التي سيطر عليها المتطرفون في هجومهم الكاسح في يونيو الماضي.
وأظهرت مشاهد من الشريط البالغة مدته نحو 7 دقائق، عناصر من التنظيم يستخدمون مطرقات يدوية وآلات ثقب كهربائية وآلات لقص الحديد وجرافات، لتدمير ألواح أثرية ضخمة وجدران حجرية. كما أظهرت لقطات عناصر آخرين وهم يقومون بملء براميل من الحديد، بمسحوق رمادي اللون يرجح أنه مادة متفجرة، وذلك في غرفة تملأ جدرانها لوحات تمثل الآلهة الآشورية. وتبدو لاحقا براميل عدة مرصوفة جنبا إلى جنب وقد وصل بعضها ببعض، قبل أن يظهر الشريط انفجارا ضخما أدى إلى قذف كميات هائلة من التراب عاليا، تبعته مشاهد لدمار كامل. وقال أحد العناصر في نهاية الشريط: «كلما تمكنا من بقعة أرض أزلنا معالم الشرك منها».
وسبق للتنظيم تدمير آثار عدة في شمال العراق. وبحسب خبراء الآثار، فإن التنظيم الذي يسيطر على مساحات في سوريا والعراق، يعتمد على تهريب الآثار وبيعها بوصفها أحد مصادر تمويله، ويقوم بتدمير الآثار الكبيرة والثقيلة التي لا قدرة له على نقلها.
وتعد مدينة نمرود درة الحضارة الآشورية وموطنا لكنز يعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. وتعتبر المدينة من أبرز المواقع الأثرية في العراق، وهي ضمن المواقع المرشحة للإدراج في لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «يونيسكو» للتراث العالمي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».