قضاة ليبيا يتعرضون لـ«تهديدات» خلال نظر الطعون الانتخابية

المستشار محمد الحافي رئيس المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا (وزارة العدل)
المستشار محمد الحافي رئيس المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا (وزارة العدل)
TT

قضاة ليبيا يتعرضون لـ«تهديدات» خلال نظر الطعون الانتخابية

المستشار محمد الحافي رئيس المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا (وزارة العدل)
المستشار محمد الحافي رئيس المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا (وزارة العدل)

كشف المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا عن بعض كواليس عملية نظر الطعون ضد المرشحين في الانتخابات الرئاسية وقبولها، مشيراً إلى أن بعض القضاة تعرضوا لـ«التهديد والترهيب»، كما منعوا من دخول المحاكم.
وكان مسلحون قد قاموا بطرد قضاة من محكمة الاستئناف في مدينة سبها (جنوب)، وحالوا دون وصولهم إلى ديوان عام المحكمة لمنعهم من النظر في الطعن الذي تقدم به سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بعد إبعاده من القائمة الأولية للترشح للرئاسة.
وقال المجلس الأعلى للقضاء في بيان، مساء أول من أمس، إنه استند في إصدار اللائحة التنفيذية لإنشاء آلية تعيين، وتحديد مهام لجان الطعن والاستئناف، وقواعد وأماكن تقديم الطعون والاستئناف، إلى قانون انتخاب رئيس الدولة، وتحديد اختصاصاته، مضيفاً أنه «قبل بالقانون، وأنزله بصعوبة... ومارس هذا الاستحقاق بشجاعة ومهنية وحكمة وصبر، ولم تنل منه الأقلام والحناجر المأجورة».
وتحدث المجلس عن اتهام بعض قضاته بـ«الرشوة»، وعدم الدفاع عنه، وقال إن مؤسسة القضاء «وقفت وحدها، ولم يدافع عنها حتى كثير من المحسوبين عليها، بل وقع قضاتها ضحية التهديد والترهيب، وحيل بينهم وبين دخول المحاكم».
وتابع المجلس موضحا: «لقد ثبت يقيناً أن جميع الاتهامات لبعض القضاة بتلقي رشى، كانت محض افتراءات وأراجيف وكذب بواح؛ وجرائم تم رصدها وأحيلت إلى مكتب النائب العام لتتبعها، وتقديم مقترفيها إلى العدالة». مؤكدا أن «القضاة لا يصنعون القانون، بل يطبقونه وينزلون أحكامهم واجتهاداتهم في ذلك بين مصيب بأجرين، وغيره بأجر واحد». ومضى المجلس الأعلى للقضاء متحدثاً عما سماه «حملة مشبوهة بهدف النيل من بعض رجاله» مستدركاً أن القضاء الليبي «موحد وسيظل كذلك، وزمن الصمت وصبر الحليم قد بلغ منتهاه، وآن الأوان للتصدي لكل مفترٍ». ودفاعاً عن المؤسسة القضائية ومحاولات النيل منها، قال المجلس إن القضاة «لا يخشون إلا الله، ومستعدون لدفع ثمن النزاهة، ولسوق المجرمين إلى العدالة»، مضيفاً أن «أي عوار قد يقع في القوانين يتم تصويبه، وتعديله من خلال السلطة التشريعية، وليس من القاضي الذي يمارس رقابة لاحقة على القانون».
كما نوه المجلس إلى أن «الطعون الدستورية الموجهة إلى القانون ينعقد الاختصاص بها للمحكمة العليا، وليس للمجلس الأعلى للقضاء، الذي يمارس اختصاصاته على محاكم الاستئناف، وكل المحاكم والهيئات القضائية الكائنة في نطاقها فقط»، لكنه أكد التزامه «بعدم لعب أي دور سياسي بجميع أشكاله».
في سياق ذلك، قال المجلس إنه تم منع جميع أعضاء الهيئات القضائية، وهم أعضاء إدارة التفتيش على الهيئات القضائية، والقضاة والمستشارين في المحاكم المشار إليها، وأعضاء النيابة العامة، وأعضاء إدارة القضايا، وأعضاء إدارة المحاماة العامة، وأعضاء إدارة القانون، من الترشح في أي انتخابات رئاسية أو نيابية، أو غيرها خارج الهيئات القضائية.
وانتهى المجلس الأعلى للقضاء مطمئناً جميع الليبيين على سير مؤسسة القضاء، مؤكدا أنها «لن تخذلهم مهما كان الثمن، ومهما حاول كل متربص».
وفتحت عملية الطعون ضد المرشحين، وقبولها من المحاكم في سبها وطرابلس وبنغازي، الباب للتشكيك في ذمم القضاة بدعم مرشحين بعينهم، وذهب كل معسكر في اتهام الآخر. لكن فوزي اللولكي، أمين عام المنظمة الليبية للتنافس الاقتصادي، قال إن الزجّ بالقضاة في العملية السياسية والانتخابات «يضرّ الدولة والكيان القضائي نفسه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.