تصاعد وتيرة هجمات «داعش» في الأنبار.. والخوف يخيم على الرمادي المحاصرة

نجاة المحافظ صهيب الرواي من قصف بـ«الهاون» استهدف موكبه

نساء وأطفال يجلسون داخل فصل في مدرسة تحولت لملجأ للنازحين في الرمادي أول من أمس (رويترز)
نساء وأطفال يجلسون داخل فصل في مدرسة تحولت لملجأ للنازحين في الرمادي أول من أمس (رويترز)
TT

تصاعد وتيرة هجمات «داعش» في الأنبار.. والخوف يخيم على الرمادي المحاصرة

نساء وأطفال يجلسون داخل فصل في مدرسة تحولت لملجأ للنازحين في الرمادي أول من أمس (رويترز)
نساء وأطفال يجلسون داخل فصل في مدرسة تحولت لملجأ للنازحين في الرمادي أول من أمس (رويترز)

تشهد مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، أوضاعًا أمنية قلقة وخطيرة، وينتاب الخوف سكانها المحاصرين، فالمنافذ إلى خارج المدينة قد أغلقت بالكامل. ومع موجة نزوح جديدة شهدها مركز المدينة، بعد قدوم المئات من العائلات النازحة من منطقة البوفراج التي سيطر عليها تنظيم داعش قبل يومين، تزايدت المعاناة خصوصًا أن مدينة الرمادي تشكو من نقص كبير في المواد الغذائية والخدمات الأخرى المتمثلة في المشتقات النفطية التي تحتاجها أجهزة توليد الطاقة الكهربائية، بجانب الشح في مياه الشرب والنقص في الخدمات الأخرى.
وتشهد أسواق مدينة الرمادي ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية والخضراوات، بعد أن تم إغلاق الطرق المؤدية إلى مركز المدينة، وإغلاق الجسور أمام مركبات نقل البضائع. وكذلك شهدت أسعار المشتقات النفطية ارتفاعًا مخيفًا بسبب انعدام وجود المشتقات النفطية كالبنزين والغاز في المحطات الحكومية.
ميدانيا، أعلن فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات الأمنية العراقية تشن هجومًا واسع النطاق على المسلحين في منطقة البوفراج لاستعادة السيطرة عليها وطرد المسلحين واستكمال معارك تحرير مدن الأنبار. وأضاف العيساوي أن التعزيزات العسكرية وصلت بالفعل إلى الرمادي.
وعن محاولة الاغتيال التي استهدفت محافظ الأنبار، صهيب الراوي، بقذائف «هاون» أطلقها مسلحو تنظيم داعش على موكبه، قال العيساوي إن مدينة الرمادي «تشهد بشكل يومي قصفًا عشوائيًا، وقد سقطت بعض من تلك القذائف بالقرب من موكب المحافظ أثناء تفقده للقطعات العسكرية وأحوال الأهالي، وكنت أنا شخصيًا برفقته مع بعض القادة الميدانيين».
من ناحية ثانية، انتقد العيساوي انسحاب قوات الحشد الشعبي (المتطوعين الشيعة) من بعض المواقع التي كانت تتمركز فيها في محافظة الأنبار، بسبب مشاركة طيران التحالف الدولي في المعارك، مثلما فعل «الحشد» في تكريت بعد دخول طيران التحالف على الخط. وقال العيساوي «إن انسحاب قوات الحشد الشعبي من الأنبار جاء بشكل مفاجئ، وهي بذلك قد تخلت عن أبناء الأنبار في أول اختبار أمني حقيقي، وانسحبت من مناطق تمركزها دون علم القيادات الأمنية في المحافظة بعد أن كان مرحبًا بها من قبل الجميع». وأضاف العيساوي أن «الانسحاب جاء مع أول يوم من انطلاق عملية تحرير الأنبار الكبرى بحجة أن القوات الأميركية المتمثلة بطائرات التحالف الدولي قد اشتركت في المعركة».
وكانت قوات من الحشد الشعبي تنتشر مع قطعات تابعة للجيش العراقي في مناطق الكرمة شرق الرمادي وزنكورة والصوفية وعند الخط الدولي السريع قرب منطقة البوفراج في الرمادي.
في غضون ذلك، زاد تنظيم داعش من وتيرة هجماته بعد اقترابه من مركز مدينة الرمادي. فقد هاجم مسلحو التنظيم مدينة حديثة (160 كم غرب الرمادي) من محورين، لكن القوات العراقية تصدت له.
وقال العقيد فاروق الجغيفي، قائد شرطة قضاء حديثة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «داعش» هاجم المدينة من جهة قرية «البوحياة» ومنطقة «الخسفة»، مضيفًا أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 13 مسلحًا من «داعش»، وأن القوات الأمنية المتمثلة بقطعات من الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر عززت من وجود مقاتليها في مداخل ومحيط مدينة حديثة تحسبًا لأي هجوم آخر من قبل مسلحي تنظيم داعش.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».