سيناريوهات ضغوط الكونغرس على الخرطوم

ماذا بعد عقوبات السودان؟

متظاهرون سودانيون يلوحون بالأعلام خلال مسيرة في الخرطوم (أرشيفية-ا.ف.ب)
متظاهرون سودانيون يلوحون بالأعلام خلال مسيرة في الخرطوم (أرشيفية-ا.ف.ب)
TT

سيناريوهات ضغوط الكونغرس على الخرطوم

متظاهرون سودانيون يلوحون بالأعلام خلال مسيرة في الخرطوم (أرشيفية-ا.ف.ب)
متظاهرون سودانيون يلوحون بالأعلام خلال مسيرة في الخرطوم (أرشيفية-ا.ف.ب)

أعتبر السيناتور الجمهوري جيم ريش في تصريحات خاصة لـ «الشرق الأوسط» ان اقرار لجنة النواب لعقوبات السودان يثبت ان «الكونغرس لا تزال لديه مخاوف جدية بشأن مستقبل العملية الانتقالية في السودان نحو الديمقراطية والانقلاب الذي نفذه الجيش». وقال ريش بلهجة تصعيدية: «العقوبات لن تكون رد الكونغرس الوحيد على هذا الانقلاب. فالمليار دولار تقريبا من المساعدات الاميركية والمجهود لتوفير اعفاءات الدين، وتطبيع العلاقات مع السودان كانت التزامات مهمة على أساس الوعود بحكومة انتقالية بقيادة مدنية ، حيدها الانقلاب».
وافاد مصدر في الكونغرس «الشرق الاوسط» أن الكونغرس «سيقوم الان من خلال المراقبة والتشريع باعادة النظر في هذه الالتزامات وعلاقتنا بهذه الحكومة الانتقالية وكل سياستنا المتعلقة بانتقال السودان نحو الديمقراطية».
تصويت نادر من نوعه، أمخرت من خلاله العقوبات على «المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في السودان» عباب لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بسرعة هائلة، فاجأت من يتابعها. فالانقسامات العميقة بين المشرعين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري تحولت إلى اتفاق عارم بشأن ضرورة فرض العقوبات، وتجسّد الاتفاق في عملية تصويت سلسة، لم تتخللها أي اعتراضات أو تعديلات، فأُقرت العقوبات بإجماع كل أعضاء اللجنة الديمقراطيين والجمهوريين من دون استثناء أو تحفظ.
وقد عكست تصريحات المشرعين هذا التوافق النادر، فأجمع رئيس اللجنة الديمقراطي غريغوري ميكس ونائبه الجمهوري مايك مكول على ضرورة إدانة «الانقلاب العسكري في السودان ودعم الشعب السوداني»، بحسب نص المشروع الأول الذي أقرته اللجنة. وقال ميكس بلهجة حاسمة لا يشوبها الشك: «سأكون واضحاً: كل من يسعى لتهديد السودان، وانتقال السودان نحو الديمقراطية وكل من ينتهك حقوق الإنسان في السودان أو يسعى لاستغلال العملية السياسية الدقيقة سوف تتم محاسبته».
والمحاسبة، بحسب المشرعين، تمثلت تفاصيلها في نص المشروع الثاني الذي أقرته اللجنة بإجماع تام، والذي يلزم الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على المسؤولين عن «الانقلاب العسكري». وشرح ميكس قائلاً: «الانقلاب العسكري هدد علاقاتنا الثنائية مع السودان وزعزع سنوات من الدبلوماسية والاستثمارات المهمة بشكل مساعدات خارجية».
ووجه رئيس اللجنة الديمقراطي رسالة مباشرة إلى السودانيين فقال: «تأكدوا من وجود توافق قوي هنا في الكونغرس، بمجلسيه، للحرص على أن الولايات المتحدة تلعب دوراً بناء لمساعدة السودان في تحقيق عملية انتقالية ديمقراطية بقيادة سلمية».
وتوفر العقوبات هذه التي أقرتها اللجنة أدوات قوية للإدارة الاميركية التي سبق وأن جمّدت مساعدات بلغت قيمتها أكثر من 700 مليون دولار للسودان.
فإقرارها على مستوى اللجنة يمهد الطريق أمام مجلس النواب لإقرارها بدوره، وأمام مجلس الشيوخ للنظر فيها كذلك، وكما أكد كبير الجمهوريين في اللجنة مايك مكول، فإن الكونغرس سيقر العقوبات بالإجماع بمجلسيه، على غرار ما حصل في اللجنة. وقال مكول: «الكونغرس يتحدث بصوت واحد لإدانة انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) ودعم الشعب السوداني في كفاحهم من أجل الحرية والديمقراطية».
ويتحدث كاميرون هادسون الباحث في معهد «أتلانتيك» وكبير الموظفين السابق للمبعوث الأميركي الخاص إلى السودان عن أهمية إقرار العقوبات في اللجنة فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التصويت مهم لأسباب عدة. أولاً لقد أقر بسرعة كبيرة وبدعم من الحزبين، ما يدل على أن الكونغرس قلق للغاية من الأحداث في السودان وأن المشرعين يظنون أن إدارة بايدن لينة مع الجيش السوداني أكثر من اللازم». وأضاف كاميرون: «قانون العقوبات هذا يرسل رسالة واضحة ليس للجنرالات في السودان فحسب، بل لإدارة بايدن كذلك».
وكما الحال في مشاريع قوانين من هذا النوع، على مجلسي النواب والشيوخ إقرارها قبل إرسالها إلى البيت الأبيض، فما الخطوات التالية؟
بعد إقرار اللجنة للعقوبات بإجماع أعضائها، يتوجه الملف الآن إلى مجلس النواب، حيث سيطرح للمناقشة والتصويت هناك.
كما يتوقع أن تنظر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في العقوبات وتصوت عليها، قبل إرسالها إلى مجلس الشيوخ لإقرارها. وقد أكد مدير المكتب الإعلامي لرئيس اللجنة السيناتور بوب مننديز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا سيحصل في وقت قريب نظراً للإجماع الحزبي الكبير عليها. فقال: «السيناتور مننديز يعمل على أن تصوّت اللجنة في اجتماعها التنفيذي المقبل على مشروع قانون السودان الذي يحظى بإجماع الحزبين». وأضاف أن مننديز «يعمل كذلك مع زملائه للنظر في تدابير تشريعية جديدة بشأن السودان، نظراً لتطورات الوضع الميداني هناك»، وذلك في إشارة إلى العقوبات الملزمة التي طرحها السيناتور الديمقراطي كريس كونز وأقرتها لجنة الشؤون الخارجية في النواب.
تصريح مهم جداً، فهو يعني بأن رئيس اللجنة مننديز منفتح على دعم العقوبات الملزمة، الأمر الذي سيسهل جداً إقرارها بمجلس الشيوخ.
ورحب السيناتور كريس كونز بإقرار لجنة النواب للعقوبات، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أنا سعيد برؤية لجنة الشؤون الخارجية في النواب تقر قانون ديمقراطية السودان الذي طرحته في الشيوخ. الكونغرس سيبقى مصراً على تحميل كل من يهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان في السودان المسؤولية وسيستمر في دعم تطلعات الشعب السوداني نحو بلد سلمي ومزدهر وديمقراطي. أتطلع قدماً» للعمل بالتعاون مع الحزبين لإقرار مشروع العقوبات وإرساله إلى مكتب الرئيس. ويرجح هدسون إقرار العقوبات في المجلسين قائلاً: «نعم، على الأرجح أن يتم إقرارها بإجماع الحزبين».
لكن حتى ولو أقر الكونغرس هذه العقوبات، يقول البعض إن مصيرها غامض كغموض موقف الإدارة بشأنها. فقد سبق لوزارة الخارجية الأميركية أن حذرت الكونغرس، على لسان مدير مكتب السودان وجنوب السودان في وزارة الخارجية براين هانت، من إلزامها بفرض عقوبات على القادة العسكريين في السودان. فهل سيستعمل بايدن قلم الفيتو ضد القانون لدى وصوله إلى مكتبه؟ هناك احتمالات عدة قد تواجهها العقوبات بعد إقرارها بالكونغرس:
الاحتمال الأول: أن يوقع عليها بايدن وتصبح قانوناً حيز التنفيذ، ويفرض العقوبات فوراً. الاحتمال الثاني: أن يستعمل قلم الفيتو وينقضها، حينها يمكن للكونغرس تخطي الفيتو فقط في حال وجود أغلبية ثلثي الأصوات في المجلسين لصالح القانون. الاحتمال الثالث: أن يوقع عليها بايدن، مع المماطلة قبل فرض العقوبات لإعطاء مساحة كافية للدبلوماسية، وهذا هو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، بحسب هادسون الذي قال: «لا أتوقع أن ينقض الرئيس العقوبات، لكن الإدارة قد تؤخر تطبيقها إذا رأت أن الأطراف تحقق تقدماً جيداً في التفاوض على اتفاق جديد لتقاسم السلطات».



تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.