مجدداً... أفغانستان رهينة استقرار الداخل ومصالح الجوار

تجاذبات ومؤتمرات وحسابات إقليمية ودولية بالجملة

مجدداً... أفغانستان رهينة استقرار الداخل ومصالح الجوار
TT

مجدداً... أفغانستان رهينة استقرار الداخل ومصالح الجوار

مجدداً... أفغانستان رهينة استقرار الداخل ومصالح الجوار

في تحوّل دبلوماسي كبير يتعلق بأفغانستان، تراجعت باكستان عن استخدام أراضيها للسماح للهند بنقل 50 ألف طن متري من القمح والأدوية التي تسهم في إنقاذ الحياة، كمساعدة إنسانية لشعب أفغانستان، على متن شاحنات أفغانية.
في البداية، رفضت باكستان منح الإذن بمرور هذه المساعدات، لكنها رضخت في وقت لاحق بسبب تدخل جماعة «طالبان». وكان عرض الهند لتقديم مساعدات إنسانية لتزويد أفغانستان بالقمح، رهينة بتقلبات المؤسسة الباكستانية خلال الأشهر القليلة الماضية رغم أن إعلان النظام في كابل أعرب عن استعداده لقبول هذه المساعدات. وكانت الهند قد طالبت جماعة «طالبان» بتوفير «إمكانية وصول دونما عوائق أو عقبات» و«خطة توزيع مناسبة».
ومن ناحيته، أعلن المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية، أريندام باغشي، أن المساعدة الإنسانية يجب ألا تخضع لشروط.
في سياق انعكاس التوتر الباكستاني – الهندي على الوضع في أفغانستان، سبق أن أصرت باكستان على نقل شحنات القمح والأدوية إلى أفغانستان على متن شاحنات باكستانية من نقطة واجاه الحدودية، بينما فضلت الهند استخدام وسائل النقل الخاصة بها. وترغب الهند في ضمان وصول المساعدات إلى المستفيدين المقصودين دون تحويل مسارها، وتسعى لتوزيع مواد الإغاثة من خلال وكالة دولية ذات مصداقية.
غير أن بياناً صادراً عن وزارة الخارجية الباكستانية ذكر أنه «بهدف تسهيل قرار باكستان السماح بنقل 50 ألف طن متري من القمح والأدوية المنقذة للحياة من الهند إلى أفغانستان عبر نقطة واجاه الحدودية على أساس استثنائي لأغراض إنسانية، فقد تقرر السماح باستخدام الشاحنات الأفغانية للنقل من واجاه إلى تورخام». وهو أمر أثار تساؤلات هندية حول ما إذا كانت ستتغير علاقة الهند بأفغانستان بانسحاب الولايات المتحدة من البلاد؟ وهل ستغيِّر «طالبان» على رأس إمارة أفغانستان الإسلامية الموقف من الهند؟
في هذا الصدد، أعرب راكيش سود، دبلوماسي هندي متقاعد، عن اعتقاده بأن «جغرافية الهند ستضمن وجودنا، وإن كان دورنا سيتعرض لتغييرات. الولايات المتحدة ترحل لأنها تستطيع ذلك، بينما تبقى الهند لأنها تنتمي». وتابع سود أن «نهج الهند القائم على الاعتماد على القوة الناعمة للتأثير على نتائج الأحداث في أفغانستان، كان بمثابة اختبار لقدرتها على المناورة الدبلوماسية». وأردف: «ربما تكون المساعدة الإنسانية الهندية الخطوة الأولى، إلا أنها من المؤكد لن تكون الأخيرة على صعيد تقديم العون لأفغانستان. ومع أن قيود القوة الناعمة معروفة جيداً للجميع، ربما يكون هذا الخيار الوحيد أمام الهند للاقتراب من أفغانستان.
يُذكر أنه بعدما استولت «طالبان» على أفغانستان بالقوة في وقت سابق من العام الجاري، سارعت الهند، مثل الكثير من الدول الأخرى، إلى التنافس على ضمان نفوذ لها داخل أفغانستان. وحاولت الهند العودة للمشاركة في الملف الأفغاني من خلال موافقتها على «حوار الدفاع الأمني الإقليمي الثالث» في نيودلهي بمشاركة 7 دول فاعلة إقليمياً، بينها روسيا وإيران وخمس دول في آسيا الوسطى. وسرعان ما أعقبتها إسلام آباد التي استضافت اجتماع «ترويكا بلس» بمشاركة دول أعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هي: الولايات المتحدة وروسيا والصين، والتقوا خلاله القائم بأعمال وزير خارجية «طالبان».
من جهتها، قالت ديبورا ليونز، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لأفغانستان، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان: «تحرص دول المنطقة، مثل بقية عناصر المجتمع الدولي، على المشاركة في هذا الوقت الحرج، وتعكس المؤتمرات الأخيرة حول أفغانستان في دلهي وإسلام آباد بوضوح وجود إجماع قوي على المستويين الإقليمي والدولي حول بناء حكومة أكثر شمولاً في أفغانستان، بالإضافة إلى الحاجة إلى تعليم الفتيات وعودة النساء إلى العمل واحترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات».
كانت البداية عندما قررت الهند استضافة «حوار دلهي الأمني الإقليمي حول أفغانستان» الذي حضره لاحقاً مسؤولون أمنيون على المستوى الرفيع من روسيا وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان. وكانت الهند قد وجّهت الدعوة إلى باكستان والصين للمشاركة في اجتماع إقليمي في دلهي حول أفغانستان، لكن الدعوة قوبلت بالرفض من جانب باكستان والصين.
ويمثل اجتماع «حوار دلهي» الاجتماع الثالث في سلسلة من اللقاءات الدولية حول أفغانستان، والأول في أعقاب سيطرة «طالبان» على البلاد. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الاجتماعين السابقين عُقدا في إيران سبتمبر (أيلول) 2018 وديسمبر (كانون الأول) 2019، وكان من المفترض عقد هذا الاجتماع عام 2020، لكن تقرر تأجيله بسبب جائحة «كوفيد - 19». وفي أثناء انعقاد أول اجتماعين عامي 2018 و2019 كانت أفغانستان دولة ديمقراطية. أما اليوم، فقد تبدل الوضع على نحو هائل على الأرض في أفغانستان.
- «حوار دلهي الإقليمي»
ترأّس «حوار دلهي الأمني الإقليمي» المؤلف من ثماني دول والذي استضافته نيودلهي، مستشارُ الأمن الوطني الهندي أجيت دوفال، بمشاركة الأدميرال علي شمخاني (إيران) ونيكولاي باتروشيف (روسيا) وكريم ماسيموف (كازاخستان) ومارات موكانوفيتش إيمانكولوف (قيرغيزستان) ونصر الله رحمتجون محمودزاده (طاجيكستان) وشاريميرات كاكالييفيتش أمافوف (تركمانستان) وفيكتور مخمودوف (أوزبكستان). وعلاوة على ذلك، أجرى رئيس الوزراء ناريندرا مودي، اجتماعات ثنائية على هامش الاجتماع. والسؤال هنا: لماذا استضافت الهند اجتماعاً حول أفغانستان مع عدد من اللاعبين الإقليميين؟
ويجري النظر إلى هذا الاجتماع بوصفه جزءاً من جهود الهند للإبقاء على دور لها في التعامل مع تداعيات التطورات داخل أفغانستان. وكانت هذه محاولة من الهند لتأمين لنفسها مقعداً على الطاولة لتقرير مسار العمل المستقبلي إزاء أفغانستان. ومن ناحيته، علّق الكاتب الصحافي سوهاسيني حيدر، على الأمر مجيباً: «ترغب الهند في أن تبقى عنصراً مهماً وفاعلاً في رسم مستقبل أفغانستان، ولا ينبغي استبعادها من المناقشات الدائرة في هذا الشأن. وفيما يخص الهند، كان عقد حوار دلهي خطوة جوهرية لإثبات أهمية الهند كجهة قادرة على حل المشكلات في خضم أزمات أفغانستان متعددة الأبعاد بعد أن وضعت كل رهانها على أشرف غني في وقت سابق ورفضت التعامل مع (طالبان)». وأضاف: «بمجرد أن بدأ زحف (طالبان) المدعومة من باكستان باتجاه كابُل، خسرت الهند مثل كثيرين آخرين نفوذها الذي دام 20 سنة داخل أفغانستان. ومن خلال هذا الحوار، سعت الهند لإثبات أهميتها، ولم توجه الدعوة إلى أيٍّ من قادة النظام السابق، بمن فيهم الرئيس السابق حامد كرزاي، والرئيس التنفيذي السابق عبد الله عبد الله. وترغب نيودلهي في أن يجري النظر إليها باعتبار أن لها دوراً في السياسة الداخلية للمجتمع الأفغاني في الوقت الراهن، ما يعد خطوة دبلوماسية كبرى».
وتكمن المفارقة في أن ثمة قضايا لا تختلف الهند فيها عن باكستان فحسب، وإنما كذلك عن الولايات المتحدة والصين وبقية دول الجوار. والجدير بالذكر هنا أن جميع الدول باستثناء الهند ترتبط مع باكستان بعلاقة عمل، وتشارك في حوارات حول أفغانستان. ورغم عدم اعتراف أي دولة بحكومة «طالبان» المؤقتة، فإن جميع الدول تتعاون مع قيادة «طالبان» بصورة ما. أما الهند، فترغب في تأكيد حقيقة أنه لا توجد دولة ترغب في «إضفاء الشرعية» على حكومة «طالبان» المؤقتة، إلا أن هذا سيكون صعباً بالنظر إلى أن روسيا وإيران تعاونتا مع «طالبان» لبعض الوقت وتحتفظان بسفارات هناك. وفي خطوة شكلت خروجاً على إعلان دلهي، أصدرت روسيا بياناً منفصلاً. وأرسلت تركمانستان وفداً على المستوى الوزاري لمناقشة التواصل مع «طالبان»، خصوصاً خط أنابيب تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند.
من جانبها، قَبِلت أوزبكستان زيارة نائب رئيس حكومة «طالبان» عبد السلام حنفي، وناقشت معه قضايا التجارة والعبور والربط، وحتى المضي قدماً في مشروع السكك الحديدية. وأرسلت قيرغيزستان وكازاخستان وفوداً رفيعة المستوى إلى كابُل للحديث إلى وزير خارجية «طالبان». اللافت أن طاجيكستان تعاونت مع «طالبان» على مستوى أقل من البقية، ويسود اعتقاد بأنها استضافت جبهة المقاومة الوطنية، وأوضحت أنها لن تعترف بحكومة تسيطر عليها «طالبان» فقط.
وفي خضمّ جهود متجددة من الحكومة في كابُل للحصول على اعتراف دولي، أعلن مسؤولو «طالبان» أنهم منفتحون على استقبال دبلوماسيين هنود وتوفير الأمن لهم. ومع اقتراب فصل الشتاء سريعاً، وخطر تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان، أكد المتحدث باسم «طالبان» والسفير المعيّن لدى الأمم المتحدة شاهين سهيل، عقده لقاءً مع وفد هندي في موسكو، الشهر الماضي.
وأفادت مصادر في وزارة الخارجية الهندية بأن الهند أوضحت لوفد «طالبان» المشارك في الاجتماع الذي انعقد في موسكو، الشهر الماضي، أن الهند على استعداد لتقديم المساعدة الإنسانية، لكنها لا تنوي تقديم هذه المساعدات مباشرة للنظام الجديد، وإنما سيجري توزيعها من خلال وكالات المساعدة الإنسانية، مثل الأمم المتحدة وغيرها. وبوصفها الدولة المضيفة، اختارت الهند عدم توجيه الدعوة إلى «طالبان».
المثير للاهتمام أن رد «طالبان» على جهود الهند لم يكن سلبياً، وإنما أعربت عن أملها في أن يسهم الاجتماع الذي يضم مسؤولين على مستوى وكالات الأمن الوطني في إحلال السلام والاستقرار داخل أفغانستان.
وفي هذا الصدد، قال إنعام الله سمنغاني، نائب المتحدث باسم وزارة خارجية «طالبان»: «إن الإمارة الإسلامية (طالبان) ترحب بالاجتماع المنعقد في الهند. كما أننا نحاول اتخاذ خطوات راسخة على صعيد الحكم، ولا ينبغي للدول أن تقلق بشأن استخدام الأراضي الأفغانية ضد أي جهة».
- ماذا حقق الحوار؟
وصفت مصادر حكومية هندية هذا الحضور الكبير بأنه «دليل على الأهمية المعلقة على دور الهند في الجهود الإقليمية لتعزيز السلام والأمن في أفغانستان». وفي إطار الإعلان الصادر عن اجتماع دلهي وتميزه بقوة صياغته، تعهد المشاركون بـ«مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره» وطالبوا بـ«حكومة منفتحة وشاملة عن حق تمثل إرادة كل شعب أفغانستان»، ولمح إلى تشكيل جبهة أو تحالف إقليمي لممارسة ضغوط على «طالبان» والجماعات المسلحة الأخرى وطرح حوافز لها.
كذلك، أعرب المحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، عن اعتقاده بأن «قمة دلهي ساعدت الهند على استعادة الأراضي المفقودة بسبب الوضع الأفغاني. لقد فاق الحوار توقعات الهند من خلال خلق (إجماع كامل) من الدول الثماني الحاضرة حول أسلوب التعامل مع أفغانستان مستقبلاً. انضمام رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى اجتماع مسؤولي وكالة الأمن الوطني أعطى دَفعة لمركزية دور الهند في العملية الأفغانية، ويشير إلى الأولوية التي توليها نيودلهي للشؤون الأفغانية وآسيا الوسطى». وهنا يقول الكثير من الدبلوماسيين السابقين إن نيودلهي بحاجة إلى التحلي بالصبر وانتظار الوقت المناسب. ومن الممكن أن تظهر الهند وتبرز في الصورة عندما تظهر قضايا التنمية في المقدمة، إلا أن ذلك قد يستغرق بعض الوقت، وإن كان هذا لا يستدعي الذعر.
- الصين... هناك دوماً فرصة أخرى
من ناحية أخرى، في ملاحظتها حول البلدان التي حضرت الاجتماع، ذكرت الكاتبة الهندية سيما جوها، أن «كل دولة ممثلة في الاجتماع تواجه تهديدات في الداخل من جانب الجماعات المتطرفة، وتريد التأكد من أن هذه الجماعات لا تعْبر حدودها. والملاحَظ أن غالبية دول رابطة الدول المستقلة تقف إلى جوار الهند وروسيا وإيران في موقفهم من أفغانستان. وتبدو الخطوط الحمراء واضحة أمام الهند، وكذلك دول المنطقة، الامتناع عن تصدير الإرهاب وضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد الدول المجاورة، مع ضرورة حماية حقوق الأقليات والنساء داخل أفغانستان. وإلى جانب استعراض المخاطر الناشئة عن أفغانستان، تناول حوار دلهي مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية والجهود المبذولة لضمان تأمين الحدود.
وبعد رفض المشاركة في الاجتماعين السابقين بسبب وجود الهند، رفضت باكستان حضور هذا الاجتماع هو الآخر، خصوصاً في ضوء الوضع الحالي للعلاقات الثنائية. وفي الوقت ذاته، أعلنت عن عقد اجتماع خاص بها حول أفغانستان التي لا تزال باكستان تعدها نطاق نفوذ خاصاً بها حصراً. وسعياً لإبقاء نيودلهي خارج أفغانستان، قال مستشار الأمن الوطني الباكستاني، معيد يوسف، إن بلاده تمتنع عن المشاركة في حضور الاجتماع الذي تستضيفه الهند، مبرراً هذا القرار بقوله: «المفسد لا يمكن أن يكون صانعاً للسلام».
من ناحية أخرى، شاركت الصين في كلا الاجتماعين السابقين اللذين استضافتهما إيران، لكنها بررت غيابها هذه المرة بمسائل تتعلق بالجدول الزمني. في الوقت ذاته، أبلغت الصين الهند بأنها «منفتحة على الحفاظ على الاتصالات مع الهند بخصوص أفغانستان من خلال القنوات الثنائية أو متعددة الأطراف». ويرى محللون أن غياب الصين عن لقاء دلهي يحمل إشارة بأنها لا تريد الارتباط بأي عملية تقودها الهند. والملاحَظ أن بكين تعاونت مع قيادة «طالبان»، قبل وبعد سقوط كابُل في يد الجماعة، الأمر الذي تتابعه نيودلهي باهتمام بالغ، خصوصاً في ضوء التقارب القائم بين الصين وباكستان وإمكانية صعود بكين كمصدر تمويل جديد لـ«طالبان». والمؤكد أن «طالبان» ستعوّل على النفوذ الصيني داخل مجلس الأمن.
من جهته، ذكر سريرام شوليا، الأستاذ في مدرسة جيندال للشؤون الدولية في سونيبات بالهند، أنه «دائماً ما كانت هناك انقسامات جيوسياسية واضحة ورؤى متضاربة بين الصين وباكستان من جهة، والهند من جهة أخرى، حول مستقبل أفغانستان. وتصاعدت هذه الانقسامات منذ أن أنزلت (طالبان) الهزيمة بالنظام الأفغاني السابق واستولت على السلطة في كابُل. وفي حين لم تعترف أي دولة رسمياً بحكومة (طالبان) الجديدة، فإن باكستان والصين تعدان، على نحو غير رسمي، أكثر قرباً ودعماً للجماعة الأفغانية مقارنةً بالدول الأخرى في المنطقة. ولقد ادّعت باكستان والصين إحراز تقدم من نوع ما، على الأقل في المجال الدبلوماسي، عندما أطاحت (طالبان) بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً في وقت سابق من العام، بل سخرت باكستان من الهند لاستثمارها أكثر من 3 مليارات دولار أميركي في مشاريع تنموية مختلفة في أفغانستان».
- اجتماع «ترويكا بلس» الباكستاني حول أفغانستان
> في اليوم التالي لـ«حوار دلهي»، كما سبقت الإشارة، استضافت باكستان اجتماعاً حول أفغانستان، شاركت فيه الولايات المتحدة والصين وروسيا، وهي دول أعضاء بمجلس الأمن كانت على اتصال بعضها ببعض بشأن التطورات الأفغانية. وفي إطار هذه العملية، جرى توسيع المجموعة المعروفة باسم «الثلاثة الكبار» لتصبح «ترويكا بلس»، والتي تتألف من روسيا والصين والولايات المتحدة وباكستان.
هذه كانت الزيارة الأولى لتوماس ويست، إلى المنطقة، وهو المسؤول الأميركي الذي حلّ محل الدبلوماسي المخضرم زلماي خليل زاد، المسؤول عن الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان» في فبراير (شباط)، والذي مهّد الطريق أمام رحيل القوات الأميركية عن أفغانستان. وقبل زيارة ويست، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحافي أنه «بالتعاون مع شركائنا، سيواصل ويست شرح طبيعة توقعاتنا من (طالبان) وأي حكومة أفغانية مستقبلية».
وفي أعقاب المشاركة في اجتماع «ترويكا بلس»، وصل توماس إلى دلهي وأطلع الحكومة الهندية على اجتماعاته في إسلام آباد وموسكو. والواضح أن الغرب كان يحاول تكوين فكرة عن التفكير الإقليمي بخصوص أفغانستان وبناء إجماع على خريطة طريق للاعتراف بنظام «طالبان». وتزامنت زيارته مع إقامة «طالبان» عرضاً عسكرياً بالاستعانة بالمعدات العسكرية التي خلّفتها القوات الأميركية وراءها...
تمثل الهدف الأساسي من «ترويكا بلس» في إثبات أن باكستان اللاعب الأكثر أهمية فيما يخص الملف الأفغاني اليوم، وتعد مسألة توجيه الدعوة لوزير خارجية «طالبان» للقاء ممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا والصين مؤشراً على ذلك. ومن ناحيتها، تريد باكستان من المجتمع الدولي أن يسهم في تقديم مساعدات مالية لأفغانستان للحيلولة دون وقوعها في هوة الإفلاس والحرب الأهلية التي يمكن أن تمتد تداعياتها إلى داخل باكستان. ومن خلال استضافة «الثلاثة الكبار» في إسلام آباد، تودّ الأخيرة أن تُبقي نفسها بعيدة عن اللوم على المشكلات القائمة داخل أفغانستان وإثبات أنها جزء من الحل.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».