فن المونولوج ضحكة الحفلات... يفتقده الجمهور

حتى في عصره الذهبي كان نجومه قلة

رولا شامية
رولا شامية
TT

فن المونولوج ضحكة الحفلات... يفتقده الجمهور

رولا شامية
رولا شامية

يفتقد اللبناني في ظل الأزمات المتراكمة التي يعيشها الضحكة النابعة من القلب. كانت النكتة سلاحاً يواجه المرء بها أزماته، صار همه الأكبر اليوم تأمين لقمة عيشه.
هذه الضحكة التي كانت تلون ليالي اللبنانيين من خلال العروض الساخرة الانتقادية، على الشاشة الصغيرة وخشبة المسرح، تغيب اليوم كلياً. لعل فن المونولوج الذي يعتمد على الأغنية الساخرة والنكتة الطريفة والأداء خفيف الظل، هو أكثر المتأثرين بالأجواء القاتمة السائدة في البلاد. فهو يشهد تراجعاً ملحوظاً، بحيث تغيب أي إنتاجات جديدة. كما ترك فراغاً في حفلات المطربين الذين ما عادت السهرات التي يحيونها تشمل هذا الفن.
في الماضي كانت فقرة المونولوج تشكل عنصراً أساسياً في برنامج حفل غنائي. أرباب المونولوج أمثال إيلي أيوب، ومارون نمنم، وجورج حريق، ورولا شامية، كانوا أبرز نجومه. وأسهمت الفنانة الراحلة فريال كريم في وضع مدماك أساسي في هذا الفن. فهي كانت نجمة المونولوج الأولى في لبنان في السبعينات والثمانينات. فحفرت طرافتها وخفة دمها وتألقها على الخشبة، في ذاكرة اللبناني.
حتى في العصر الذهبي لفن المونولوج كانت قلة من المواهب تجيده. ولذلك عرف بالفن الصعب وبالدواء الشافي لهموم الناس. أما عمر الزعني الذي لقب بـ«موليير» الشرق، فكان أول من أطلق المونولوج في لبنان باللغة المحكية. عكست أغانيه وقصائده بشكل متكرر الظروف الاجتماعية والسياسية والأحداث التاريخية التي أصابت لبنان والدول العربية المحيطة. كان الزعني يهدف من خلال فنه إلى إيصال مشاكل الناس وهمومهم ومعاناتهم لأهل السلطة. لم تعجب السلطات اللبنانية بفن الزعني، ولم تبث أغانيه على الراديو الوطني مثل الفنانين الآخرين. هذا الأمر أزعج الزعني وسبب له خيبة أمل. ولذلك سُجن أكثر من مرة، وكانت الشرطة تلاحق حفلاته باستمرار، كي تلقي القبض عليه في حال تحدث بشكل سلبي عن عورات مزعجة.
الفنان إيلي أيوب صاحب لقب «ضاحك الليل»، ينتظر اليوم الفرصة المناسبة لإطلاق أغنية مونولوج جديدة تحكي عن الأوضاع اللبنانية الحالية. «الأغنية المونولوج مكلفة كغيرها من الأعمال الفنية، تكلفة كلماتها وألحانها وتسجيلها تناهز الـ35 ألف دولار. وهو مبلغ مرقوم في الأيام التي نعيشها». ويتابع أيوب لـ«الشرق الأوسط»: «هناك بالفعل تراجعاً في فن المونولوج بشكل عام، مع أنّ اللبناني كما أي مواطن عربي آخر يحتاج الضحكة، أكثر من أي وقت مضى».
وحسب أيوب فإنّ متعهدي الحفلات ما عادوا يدرجون فقرة المونولوج في حفلاتهم. ويعلق: «مؤخراً في مايو (أيار) الماضي أحييت 4 حفلات في مدينة بناما الأميركية، تفاعل معها الجمهور بشكل رائع. شارك في هذه الحفلات جورج وسوف وعاصي الحلاني ووليد الحلاني وحسن شاكوش وغيرهم، فكانت أمسيات من العمر ذكرتنا بلبنان أيام زمان. ولكن بالمجمل فإن متعهدي الحفلات يحاولون التوفير في تكلفة حفلاتهم ضمن ظروف صعبة نعيشها جميعاً». وفي رأي أيوب أنّ هذا الفن يتراجع مع الوقت، وتقل مواهبه أكثر فأكثر حتى صار من يجيدونه ندرة.
أيوب الذي قدم مئات الأغنيات في فن المونولوج أصدر 5 ألبومات لاقت شهرة واسعة. وعندما يتذكر بعض أغانيه كـ«بليلة عرسو»، و«الجيبة منتوفة»، و«بوليس السير»، و«طازة يا سمك»، و«أحسن شي نشتري حمار»، يتحسر على تلك الأيام ويصفها بحقبة الفن الحقيقي. وكان أيوب لا يغيب عن حفلات يحييها الراحل ملحم بركات وكذلك راغب علامة ويعلق: «رافقت أيضاً فنانين عرباً أمثال كاظم الساهر، ولا يمكنني أن أنسى مرافقتي لحفلات الراحلة وردة الجزائرية في أستراليا».
واشتهر أيوب في إلقاء الطرائف التي كان يرتجلها مرات، ويرويها بأسلوبه الخاص مرات أخرى. «أن تُضحك الناس لهي مهمة صعبة جداً، وأحياناً كثيرة كنت أتلو نكتة ما معروفة، فيضحك الناس عليها لأنني أملك أسلوباً خاصاً. كنت أبحث عن شخصيات بيروتية وأخرى من طرابلس وصيدا وعكار لأتناولها في طرفة».
بالفعل اشتهر أيوب بالطرائف التي تتحدث عن «تانتات الأشرفية» وأهل الريف في الشمال والحماصنة. وكما تأثر أيوب بعمر الزعني الذي شكل مثله الأعلى في مشواره الفني، فكذلك الفنانة رولا شامية التي تأثرت بدورها بالراحلة فريال كريم. «كنت أشاهدها بمتعة كبيرة وهي من أسهمت بتفتح موهبتي». تقول رولا شامية التي كان لها بعض التجارب في فن المونولوج وجاءت الجائحة لتحد منها. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أنتظر عودة الحياة الطبيعية إلى لبنان كي أقف من جديد على المسرح. لقد سبق وقدمت مسرحية (رلى وماريو) مع زميلي ماريو باسيل من نوع الستاند أب كوميدي، الذي يصب في فن المونولوج. وفي انتظار الوقت المناسب، سأعود إلى هذا الفن الذي أعشقه».
ترفض شامية أن تستسلم أو تتعب من المحاولة مرة جديدة لتقف على الخشبة وتمارس هوايتها المفضلة في التقليد وغناء المونولوج. «لن أستسلم بالطبع، وهذه هي حال كثيرين غيري في المهنة وإلا على الفن السلام».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.