المنقوش: الفساد آفة فتاكة «تنهش جسد» ليبيا

يشمل التربح من المال العام والحصول على عمولات والازدواج الوظيفي

نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية (إدارة الإعلام بالوزارة)
نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية (إدارة الإعلام بالوزارة)
TT

المنقوش: الفساد آفة فتاكة «تنهش جسد» ليبيا

نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية (إدارة الإعلام بالوزارة)
نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية (إدارة الإعلام بالوزارة)

اشتكت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، من تفشي الفساد بالبلاد بشكل كبير، في وقت تشير فيه التقارير الرسمية إلى تبديد واسع للمال العام في قطاعات الدولة الليبية المختلفة.
ومنذ عام 2012 تراجع ترتيب ليبيا إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين الدول العشر الأكثر فساداً وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية هذا العام.
وتزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي حل أمس، قالت وزيرة الخارجية الليبية إن «الفساد آفة فتاكة تنهش جسد دولتنا»، مضيفة أنه «على الرغم مما تمر به البلاد، فإننا نؤكد التزامانا بالعمل محليا، بالتعاون مع شركائنا الدوليين في مكافحة هذه الظاهرة».
وسبق لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة التحدث عن «استشراء الفساد في عدد من القطاعات الحكومية»، وقال إن الفساد «يكبد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة»، لكنه أعلن حينها «تبرؤ حكومته من المفسدين، وعدم التسامح معهم»، ورأى «إمكانية القضاء عليه».
وفي تعليقها أمس على تفشي الفساد في البلاد، قالت المنقوش إنه «لا يكفي لمحاربة الفساد تشكيل أجسام ومنظمات فقط، ولكن لابد من وجود إرادة حقيقة وجهود موحدة».
واحتلت ليبيا في تقرير العام الماضي المرتبة 173، من أصل 180 لتراجعها 5 مراكز مقارنة مع عام 2019، الذي كانت تحتل فيه المرتبة 168. وتتنوع أشكال الفساد في ليبيا من التربح من المال العام، والحصول على عمولات، والازدواج الوظيفي.
وسبق لخالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة، الكشف عن وجود جملة من المخالفات المالية، تعلقت في جوانب منها بزيادة مصروفات البعثات الدبلوماسية الليبية «دون مبرر»، مشيراً إلى وجود خمس بعثات في دولة واحدة فقط.
وطالت وقائع الفساد ديوان المحاسبة نفسه، الذي يعد أكبر جهاز رقابي في البلاد، إذ سبق أن كشف شكشك عن واقعة فساد تبين من خلالها تقاضي بعض المسؤولين بإحدى الجهات الخاضعة للديوان رشاوى، دون أن يسميها.
وفيا يتعلق بالمحافظة على أموال الدولة، تمكنت إدارة القضايا في ليبيا، برئاسة المستشار خليفة الجهمي، من تجنيب الخزانة العامة خسارة تقدر بـ190 مليون دولار أميركي، وهي مجموع التعويضات التي كانت تطالب بها شركة «قوريش» التركية، في إجراء وُصف بأنه «نجاح جديد» في مجال المنازعات الخارجية.
وأوضحت إدارة القضايا التابعة للمجلس الأعلى للقضاء، أمس، أن هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية في باريس أصدرت حكمها النهائي بتاريخ 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في الدعوى التحكيمية المقامة من الشركة التركية ضد الدولة الليبية وجهاز تنمية، وتطوير المراكز الإدارية، ويقضي برفض جميع طلبات الشركة، وإلزامها بدفع أتعاب المحاماة المقدرة بـ1.8 مليون يورو، ومصاريف التحكيم المقدرة بقرابة 1.5 يورو، على أن يخصم منها مبلغ 342 ألف يورو نصيب ليبيا في نفقات التحكيم.
ويرجع سبب النزاع إلى شكوى الشركة التركية من إخلال ليبيا بأحكام المعاهدة الثنائية لحماية، وتشجيع الاستثمارات بين البلدين، وذلك لتعثر مشروعات تعاقدت على تنفيذها في ليبيا، تتعلق بإنشاء حديقة عامة في طرابلس، ومبان بجامعة طرابلس بسبب اندلاع «ثورة 17 فبراير»، التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».