بايدن يخصص 424 مليون دولار لـ«التجديد الديمقراطي»

دعا أكثر من 100 دولة إلى قمة افتراضية... ومراقبون يقولون إنها فكرة سيئة

بايدن (يسار) يخاطب ضيوفه من قادة العالم وإلى جانبه وزير خارجيته بلينكن (إ.ب.أ)
بايدن (يسار) يخاطب ضيوفه من قادة العالم وإلى جانبه وزير خارجيته بلينكن (إ.ب.أ)
TT

بايدن يخصص 424 مليون دولار لـ«التجديد الديمقراطي»

بايدن (يسار) يخاطب ضيوفه من قادة العالم وإلى جانبه وزير خارجيته بلينكن (إ.ب.أ)
بايدن (يسار) يخاطب ضيوفه من قادة العالم وإلى جانبه وزير خارجيته بلينكن (إ.ب.أ)

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن تخصيص 424 مليون دولار دعما لمبادرة «التجديد الديمقراطي» العالمية، وذلك في مستهل كلمته أمس خلال قمة افتراضية «من أجل الديمقراطية»، دعا إليها أكثر من 100 دولة بهدف تعزيزها في جميع أنحاء العالم، وأثارت استياء الصين وروسيا. ورغم التهديدات التي تواجهها الديمقراطية في الداخل الأميركي خصوصا خلال الحملة الرئاسية الأخيرة، فإن الرئيس جو بايدن، يدفع بالمبادرات الداخلية والخارجية للحفاظ على «التماسك الديمقراطي» حول العالم، قائلاً إن «الحفاظ على الديمقراطيات في العالم وتعزيزها هو التحدي الحاسم في عصرنا». وأفاد بايدن في كلمته من البيت الأبيض، أمام نحو 100 من قادة العالم، بأن مواجهة التحديات المستمرة والمقلقة للديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، «تحتاج إلى أبطال»، مشيراً إلى أنه يريد من هذا اللقاء إطلاق شرارة «عام من العمل»، للدول المشاركة (110) لمتابعة الالتزامات التي تم التعهد بها خلال الحدث الذي يستمر يومين (الخميس والجمعة). ولفت إلى أن استراتيجية إدارته الجديدة لمكافحة الفساد، تقترح قواعد تجعل من الصعب على الفاعلين الفاسدين إنشاء شركات وهمية لغسل الأموال أو إخفاء الأصول، حاثاً المشاركين على الدفاع عن العدالة وسيادة القانون، وحرية التعبير وحرية التجمع، وحرية الصحافة وحرية الدين. وطالب بايدن خلال القمة من الحضور «حبس السلاح»، وحث القادة على تبادل الأفكار والخبرات في مكافحة الاستبداد والفساد وتعزيز حقوق الإنسان، واصفاً اللحظة بأنها «نقطة انعطاف»، وأن اختياراتهم «ستحدد بشكل أساسي الاتجاه الذي سيتخذه عالمنا في العقود القادمة».
ولم يدع بايدن بعض الدول إلى القمة من بينها تركيا والصين وروسيا. وقال مسؤول كبير في الإدارة هذا الأسبوع، «لا توجد ديمقراطية مثالية، بما في ذلك الولايات المتحدة»، قائلاً خلال مكالمة هاتفية مع عدد من الصحافيين، إن الإدارة الأميركية «واضحة أن العديد من الحكومات حول العالم، تعاني من أشكال من التراجع الديمقراطي». وأضاف «في الحالات التي انتهكت فيها الحكومات الديمقراطية، حقوق الإنسان أو اتخذت خطوات لتقليص المؤسسات الديمقراطية، تحدثت إدارة بايدن علناً وسرا عن دعم تلك المبادئ»، لافتاً إلى أنه بالإضافة إلى قادة العالم، ستجمع القمة أعضاء من المجتمع المدني (من نشطاء، وصحافيين) والقطاع الخاص. وأشار إلى أن القمة تركز على ثلاثة محاور، «الدفاع ضد الاستبداد، ومحاربة الفساد، وتعزيز احترام حقوق الإنسان». وقال في العام المقبل، سيستضيف الرئيس بايدن قمة يدعو إليها الدول التي أوفت بالالتزامات التي تم التعهد بها.
وكانت عزرا زيا وكيلة وزارة الخارجية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، قالت في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المؤتمر «ليس فرضاً لأجندة الولايات المتحدة، بل يعتمد نهجنا في النهوض بحقوق الإنسان على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد أقرت به جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة»، مؤكدة أنه «لا توجد ديمقراطية مثالية، بل نريد المشاركة وتشجيع التغيير الإيجابي. نريد أن نتعلم من الخبرات المشتركة». ونددت الصين وروسيا اللتان يعتبرهما بايدن أبرز الدول السلطوية، باستبعادهما عن القمة. كتب سفيرا روسيا أناتولي أنطونوف والصين تشين غانغ في مقالة مشتركة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) «أن تسمح الولايات المتحدة لنفسها بتحديد أي دولة تعد ديمقراطية وأي دولة ليست مؤهلة لهذا الوضع يكشف عن عقلية الحرب الباردة». ورفضا فكرة وجود نموذج واحد للديمقراطية وأشاد الدبلوماسيان بنظاميهما اللذين يرتكزان على «الحقائق الصينية» أو «التقاليد» الروسية. كما أن دعوة تايوان أثارت غضب بكين التي تعتبرها مقاطعة صينية حتى لو لم تكن تسيطر عليها. وتمت دعوة باكستان والفلبين والبرازيل التي يرأسها اليميني المتطرف جايير بولسونارو لكن ليس المجر العضو في الاتحاد الأوروبي.
تأتي هذه القمة فيما تشهد الولايات المتحدة أزمة سياسية غير مسبوقة، حيث يندد الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه المحافظون بحصول تزوير انتخابي أدى إلى خسارتهم الانتخابات في نوفمبر 2020 لكن دون تقديم أدلة على ذلك. الهجوم العنيف الذي شنه أنصار ترمب على الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني) زعزع أسس الديمقراطية الأميركية فيما تبقى البلاد منقسمة رغم محاولات الرئيس أن يظهر بأنه يجمع الأمة.
يواجه بايدن أيضا خلال سنة انتخابات منتصف الولاية التشريعية التي عادة ما تكون نتائجها غير مواتية للسلطة القائمة. هذه الانتخابات يمكن أيضا أن تدفع ترمب إلى الترشح لولاية جديدة في 2024 في حال حقق الجمهوريون فوزا انتخابيا.
يقول بروس جنتلسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك إن هذه القمة «كانت على الدوام فكرة سيئة». وأوضح، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية «لدينا مشاكل أكبر من مشاكل أي ديمقراطية غربية أخرى»، مضيفا «لقد تم اقتحام الكونغرس، هذه محاولة انقلاب. لم نر هذا الأمر يحصل في باريس أو البوندستاغ (ألمانيا) أو مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل». وتابع «إذا أردنا التنافس، فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا، والأمر يعود إلينا بالفعل بدلا من جمع مائة قائد للقول نحن نحب الديمقراطية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».