أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن تخصيص 424 مليون دولار دعما لمبادرة «التجديد الديمقراطي» العالمية، وذلك في مستهل كلمته أمس خلال قمة افتراضية «من أجل الديمقراطية»، دعا إليها أكثر من 100 دولة بهدف تعزيزها في جميع أنحاء العالم، وأثارت استياء الصين وروسيا. ورغم التهديدات التي تواجهها الديمقراطية في الداخل الأميركي خصوصا خلال الحملة الرئاسية الأخيرة، فإن الرئيس جو بايدن، يدفع بالمبادرات الداخلية والخارجية للحفاظ على «التماسك الديمقراطي» حول العالم، قائلاً إن «الحفاظ على الديمقراطيات في العالم وتعزيزها هو التحدي الحاسم في عصرنا». وأفاد بايدن في كلمته من البيت الأبيض، أمام نحو 100 من قادة العالم، بأن مواجهة التحديات المستمرة والمقلقة للديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، «تحتاج إلى أبطال»، مشيراً إلى أنه يريد من هذا اللقاء إطلاق شرارة «عام من العمل»، للدول المشاركة (110) لمتابعة الالتزامات التي تم التعهد بها خلال الحدث الذي يستمر يومين (الخميس والجمعة). ولفت إلى أن استراتيجية إدارته الجديدة لمكافحة الفساد، تقترح قواعد تجعل من الصعب على الفاعلين الفاسدين إنشاء شركات وهمية لغسل الأموال أو إخفاء الأصول، حاثاً المشاركين على الدفاع عن العدالة وسيادة القانون، وحرية التعبير وحرية التجمع، وحرية الصحافة وحرية الدين. وطالب بايدن خلال القمة من الحضور «حبس السلاح»، وحث القادة على تبادل الأفكار والخبرات في مكافحة الاستبداد والفساد وتعزيز حقوق الإنسان، واصفاً اللحظة بأنها «نقطة انعطاف»، وأن اختياراتهم «ستحدد بشكل أساسي الاتجاه الذي سيتخذه عالمنا في العقود القادمة».
ولم يدع بايدن بعض الدول إلى القمة من بينها تركيا والصين وروسيا. وقال مسؤول كبير في الإدارة هذا الأسبوع، «لا توجد ديمقراطية مثالية، بما في ذلك الولايات المتحدة»، قائلاً خلال مكالمة هاتفية مع عدد من الصحافيين، إن الإدارة الأميركية «واضحة أن العديد من الحكومات حول العالم، تعاني من أشكال من التراجع الديمقراطي». وأضاف «في الحالات التي انتهكت فيها الحكومات الديمقراطية، حقوق الإنسان أو اتخذت خطوات لتقليص المؤسسات الديمقراطية، تحدثت إدارة بايدن علناً وسرا عن دعم تلك المبادئ»، لافتاً إلى أنه بالإضافة إلى قادة العالم، ستجمع القمة أعضاء من المجتمع المدني (من نشطاء، وصحافيين) والقطاع الخاص. وأشار إلى أن القمة تركز على ثلاثة محاور، «الدفاع ضد الاستبداد، ومحاربة الفساد، وتعزيز احترام حقوق الإنسان». وقال في العام المقبل، سيستضيف الرئيس بايدن قمة يدعو إليها الدول التي أوفت بالالتزامات التي تم التعهد بها.
وكانت عزرا زيا وكيلة وزارة الخارجية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، قالت في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المؤتمر «ليس فرضاً لأجندة الولايات المتحدة، بل يعتمد نهجنا في النهوض بحقوق الإنسان على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد أقرت به جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة»، مؤكدة أنه «لا توجد ديمقراطية مثالية، بل نريد المشاركة وتشجيع التغيير الإيجابي. نريد أن نتعلم من الخبرات المشتركة». ونددت الصين وروسيا اللتان يعتبرهما بايدن أبرز الدول السلطوية، باستبعادهما عن القمة. كتب سفيرا روسيا أناتولي أنطونوف والصين تشين غانغ في مقالة مشتركة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) «أن تسمح الولايات المتحدة لنفسها بتحديد أي دولة تعد ديمقراطية وأي دولة ليست مؤهلة لهذا الوضع يكشف عن عقلية الحرب الباردة». ورفضا فكرة وجود نموذج واحد للديمقراطية وأشاد الدبلوماسيان بنظاميهما اللذين يرتكزان على «الحقائق الصينية» أو «التقاليد» الروسية. كما أن دعوة تايوان أثارت غضب بكين التي تعتبرها مقاطعة صينية حتى لو لم تكن تسيطر عليها. وتمت دعوة باكستان والفلبين والبرازيل التي يرأسها اليميني المتطرف جايير بولسونارو لكن ليس المجر العضو في الاتحاد الأوروبي.
تأتي هذه القمة فيما تشهد الولايات المتحدة أزمة سياسية غير مسبوقة، حيث يندد الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه المحافظون بحصول تزوير انتخابي أدى إلى خسارتهم الانتخابات في نوفمبر 2020 لكن دون تقديم أدلة على ذلك. الهجوم العنيف الذي شنه أنصار ترمب على الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني) زعزع أسس الديمقراطية الأميركية فيما تبقى البلاد منقسمة رغم محاولات الرئيس أن يظهر بأنه يجمع الأمة.
يواجه بايدن أيضا خلال سنة انتخابات منتصف الولاية التشريعية التي عادة ما تكون نتائجها غير مواتية للسلطة القائمة. هذه الانتخابات يمكن أيضا أن تدفع ترمب إلى الترشح لولاية جديدة في 2024 في حال حقق الجمهوريون فوزا انتخابيا.
يقول بروس جنتلسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك إن هذه القمة «كانت على الدوام فكرة سيئة». وأوضح، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية «لدينا مشاكل أكبر من مشاكل أي ديمقراطية غربية أخرى»، مضيفا «لقد تم اقتحام الكونغرس، هذه محاولة انقلاب. لم نر هذا الأمر يحصل في باريس أو البوندستاغ (ألمانيا) أو مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل». وتابع «إذا أردنا التنافس، فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا، والأمر يعود إلينا بالفعل بدلا من جمع مائة قائد للقول نحن نحب الديمقراطية».
بايدن يخصص 424 مليون دولار لـ«التجديد الديمقراطي»
دعا أكثر من 100 دولة إلى قمة افتراضية... ومراقبون يقولون إنها فكرة سيئة
بايدن يخصص 424 مليون دولار لـ«التجديد الديمقراطي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة