اليمن يتقدم في مكافحة أمراض مدارية رغم حرب الحوثي

TT

اليمن يتقدم في مكافحة أمراض مدارية رغم حرب الحوثي

على الرغم من الحرب التي تعصف به منذ ستة أعوام بفعل انقلاب ميليشيات الحوثي على السلطة الشرعية، فإن اليمن حقّق تقدماً مهماً في مكافحة ثلاثة أمراض مدارية، وفقا لما أكده تقرير للبنك الدولي.
وذكر التقرير أن اليمن أحرز تقدماً في مكافحة الأمراض المدارية المهملة. ففي عام 2019، تم القضاء على داء الفيلاريات اللمفي، باعتباره إحدى مشكلات الصحة العامة، وهو ينتشر بفعل البعوض المصاب ويتسبب في تورم الأطراف.
ويجري حالياً إصدار شهادة إدارية بالقضاء على الجذام في اليمن، فيما تبذل الفرق الفنية جهداً دؤوباً للقضاء على العمى الناتج عن العدوى، كالرمد الحبيبي (التراخوما) بحلول 2024 والعمى النهري بحلول 2030.
ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن أدهم رشاد إسماعيل عبد المنعم، اعتبر أن «هذا التقدم مشجع، ويُعد بادرة تنمّ عن إمكانية القضاء على البلهارسيا كإحدى مشكلات الصحة العامة في اليمن في السنوات الخمس المقبلة"». لكنه ربط بلوغ هذا الهدف بـ«استمرار دعم الشركاء».
ووفقا لتقرير البنك الدولي، فإن البلهارسيا والديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة تعد من الأمراض المدارية المهملة، لكن العدوى الناتجة عن الديدان الطفيلية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بفقر الدم وسوء التغذية وصعوبات التعلم بين الأطفال. ولو تُركت البلهارسيا من دون علاج، يمكنها أن تلحق أضراراً بالكبد والأمعاء والمثانة والطحال والرئتين. أما الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة، فيمكنها التسبب في العديد من المشكلات، بينها بطء النمو البدني والعقلي.
وبحسب التقرير، فإن هيئات الصحة العامة واجهت صعوبات كبيرة على مدى أكثر من عشر سنوات في تصديها لداء البلهارسيا، بدعم من شركاء كـ«المؤسسة الدولية للتنمية» التابعة للبنك الدولي و«منظمة الصحة العالمية».
في عام 2010، كان واحدٌ من كل خمسة من سكان اليمن معرضاً لخطر الإصابة بالبلهارسيا. أما اليوم، فقد انخفض هذا العدد إلى أقل من واحد من كل 15 شخصاً (نحو ثلاثة ملايين شخص). وتوجد بيانات محدودة عن الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة التي تؤثر على المجتمعات المحلية في عموم البلاد، لكن وضع هذه الإصابات تحت السيطرة يُعد هدفاً آخر من أهداف الصحة العامة.
وأوضح التقرير أن القضاء على البلهارسيا يتطلب إعطاء الأدوية على نطاق واسع، حيث يعالَج أفراد السكان المستهدفين مرة واحدة في السنة. وتم تنفيذ جولات عدة من إعطاء أدوية على مدى سنوات للتخلص من أحد تجمعات الديدان الطفيلية.
واستهدف المشروع الطارئ للصحة والتغذية، الذي تموله المؤسسة الدولية للتنمية، صندوق البنك الدولي لمساعدة بلدان العالم الأشدّ فقراً، القضاء على داء البلهارسيا كإحدى مشكلات الصحة العامة في اليمن.
وقالت مديرة مكتب اليمن في البنك الدولي تانيا ميير: «يمثل هذا المشروع فرصة بالغة الأهمية للحد من عبء المرض بين اليمنيين الأكثر احتياجاً، لا سيما الأطفال، ويأتي في إطار استراتيجية البنك الدولي للاستثمار في الشعب اليمني باعتباره العماد الحقيقي لهذا البلد».
وخلال الحملة الجماعية الأخيرة، تم استهداف نحو 860 ألف طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و19 سنة (سواء مقيدين في المدارس أم لا) في سبع محافظات تقع في جنوب اليمن وشرقها، وهي: أبين وحضرموت (المكلا وحضرموت) سيئون ولحج ومأرب وشبوة وتعز. إجمالاً، شملت الحملة 37 مديرية و373 رئيس فريق و1070 مشرف فريق و2140 موزع أدوية، وتم الوصول إلى أكثر من 80 في المائة من السكان المستهدفين.
ونُفذت الحملة بالتعاون الوثيق مع وزارة التربية والتعليم ومركز التثقيف الصحي التابع لوزارة الصحة العامة والسكان في اليمن. وأُعدت خطط محلية فنية وإحصائية، وتنفيذ دورة تدريبية للمدربين، وإقامة ورش عمل لموزعي الأدوية ورؤساء الفرق المسؤولة عن منشآت العلاج الثابتة والمتنقلة. وأجرى فريق خارجي متابعة مباشرة للأنشطة ومقابلات مع نحو 4 آلاف شخص ينتمون إلى 1000 أسرة معيشية تم اختيارها عشوائياً.
واستهدفت الحملة 2.4 مليون شخص في 3300 موقع في 32 مديرية في سبع محافظات شمال اليمن، وشارك فيها 6700 موزع أدوية، حيث تم توزيع نحو 4.8 مليون قرص برازيكوانتيل و2.4 مليون قرص ألبيندازول.
ومن المقرر تنفيذ المزيد من الحملات الجماعية لمكافحة الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة والبلهارسيا خلال العام المقبل، مع زيادة الاستثمارات لتحسين مشاركة المجتمعات المحلية من أجل الوصول إلى أكثر من 80 في المائة من السكان المستهدفين مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».