حين يتمنى الكرد والسنة «التوافق» داخل «البيت الشيعي»

TT

حين يتمنى الكرد والسنة «التوافق» داخل «البيت الشيعي»

بعدما التزموا الصمت لأسابيع، خلال المناوشات بين معسكري «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»، يبدو أن الكرد والسنة يغيرون الآن من التكتيك السياسي تجاه الأزمة داخل «البيت الشيعي»، خشية انسداد طريق التوافق بين أقطابه والتوجه بالتالي إلى حكومة أغلبية.
الأسبوع الماضي، وبعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية، جرب معسكرا مقتدى الصدر و«الإطار التنسيقي» جس النبض بأشكال متعددة. لكن المعطيات لم تكن مريحة للطرفين. إذ بدا أنهما غير قادرين على التوافق بسهولة، فتوقف تبادل الرسائل، وتم الاتفاق مؤخراً على تأجيل المفاوضات إلى ما بعد المصادقة على النتائج.
ورغم أن الصدر يصر في العلن على حكومة أغلبية، فإن احتمال تشكيل حكومة كهذه ضئيل. ويرى مقربون منه أنه لا يريد في هذا المفصل المعقد من العملية السياسية العمل المشترك مع فئة من الحركات الشيعية، وأن هدفه من الضغط الذي يمارسه بشأن الأغلبية هو «توافق» يعزل خصوما له.
الطرف المستهدف من حملة الصدر، ومع خسارته الانتخابات، يثير قلق القوى السنية والكردية. يقول مسؤولان سياسيان، من أربيل والفلوجة، تحدثا لـ«الشرق الأوسط»، إن إقصاء طرف شيعي من المعادلة لن يمر بهدوء، «وسيؤثر على البيئة السياسية في مناطقنا». هذه إشارة متحفظة على مخاوف أكبر، ذلك أن الجهات الخاسرة تمتد في الميدان بسلاحها ومقاتليها من غرب العراق إلى شماله على الحدود مع سوريا. ما لا يقوله صناع القرار السنة هو أن الأمر معقد لتداخل القوى الماسكة للأرض في هذه البيئة، بينما تخسر في بغداد نفوذها السياسي. في أسبوع الرسائل الشيعية، خرج الفاعلون السنة والكرد من غرفة الانتظار. كسروا صمت «انتظار» الشريك الشيعي ليحسم خلافاته، وبدأت تحركات متباينة، تدفع جميعها الشيعة إلى التوافق. في الغالب، كانت هذه الرسالة المبطنة من لقاءات زعيم «الحزب الديمقراطي» مسعود بارزاني مع محمد الحلبوسي وخميس الخنجر.
مشعان الجبوري، وهو سياسي مستقل انضم مؤخراً لتحالف «عزم»، قال إن بارزاني أبلغ نواباً من «العرب السنة» بأن الكرد لن يتفقوا إلا على ما يتفق عليه قطبا السنة، الحلبوسي والخنجر. الأخيران، ومن خلال بطانتهما السنية، يبدو أنهما متفقان على تحالف واسع في البرلمان الجديد، يضمن «وضعاً سنياً مختلفاً» بالاستفادة من التمثيل النيابي الأفضل لسكان المدن المحررة، بالمقارنة مع انتخابات عامي 2014 و2018.
حتى الحركة الأخيرة التي أقدم عليها «تحالف عزم»، الذي غير اسمه إلى «العزم»، بإضافة حلفاء جدد ليصل عدد مقاعده إلى 35، لن تخرج عن سياق التوافق السني، حتى ولو اختلف القطبان على تفاصيل الحصص والنفوذ في السنوات الأربع الماضية. لكن الكلمة المفتاحية في هذا النقلة على الرقعة هي: التوافق.
المؤشرات التي تخرج من منزلي العامري والصدر تكشف حجم التحولات النادرة داخل البيئة الشيعية. ثمة استقطاب حاد بين المعسكرين، لا يرتبط عضوياً بالتنافس على الحصص داخل الحكومة، بل على إدارة الحكم ومفاهيم تسيير النظام. وهذا يمهد لفرز شيعي مختلف: فالصدر يطمح لتسيد المشهد وفرض نفسه على مفاتيح القوة، والتحكم بعلاقاتها، فيما الإطار المنكوب، إن صح الوصف، بنتائجه المخيبة، يتمسك بنفوذه الميداني الذي لن يكون سهلاً التخلي عنه.
تحقق القطبية الشيعية وفرزها إلى أغلبية ومعارضة مشهد لا يتحمله الوضع في المدن السنية وإقليم كردستان، والفاعلون فيها يمارسون ضغوطاً سياسية للعودة إلى التوافق المعهود منذ أول انتخابات تشريعية عراقية، وما يستطيعون تحمله في هذه الجولة هو إجراء تعديلات غير جوهرية على معادلة الحكم للسنوات الأربع المقبلة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.