«الدولة» الليبي يقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية

ويليامز تستهل عملها ببحث ملف إخراج القوات الأجنبية و«المرتزقة» مع لجنة «5+5»

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
TT

«الدولة» الليبي يقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)

اقترح المجلس الأعلى للدولة تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية المرتقبة، في وقت سعت فيه السلطات أمس إلى التقليل من شأن اقتحام محتجين لمقر المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس، وتنفيذ اعتصام بمحيطه.
وتتضمن مبادرة «المجلس» تأجيل الاستحقاق الرئاسي إلى شهر فبراير (شباط) المقبل، على أن يتم إجراؤها وفق قائمة، تتكون من رئيس ونائبين ورئيس حكومة، بالتزامن مع موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، وفق قانون الانتخابات الذي أعده المجلس الوطني الانتقالي السابق، ما يتيح للقوائم والأفراد المشاركة.
وشدد خالد المشري، رئيس المجلس لدى اجتماعه مساء أول من أمس في طرابلس مع سفير بلجيكا كريستوف دو باسومبيير، على ضرورة إجراء الانتخابات على أسس دستورية وقانونية لضمان عملية انتخابية نزيهة، ومشاركة واسعة من قبل المواطنين، ولبناء مسار ديمقراطي وحق دستوري تحفظ فيه حقوق المواطنين.
وعاد الهدوء أمس إلى محيط مقر مفوضية الانتخابات، بعدما نصب محتجون وصفوا أنفسهم بـ«ثوار 17 فبراير»، خيمة داخل سور المقر. وأظهرت مقاطع فيديو عشرات الأشخاص وهم يدخلون في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، رفقة عناصر من ميليشيات مسلحة، من البوابة الرئيسية للمقر، تعبيرا عن رفضهم للعملية الانتخابية، وللمطالبة بإجراء استفتاء على الدستور، بينما قام بعضهم بإقامة موقد وإعداد طعام للطهي، كما شوهدت مجموعة من المعتصمين خارج سور المقر تقوم بشواء اللحم.
لكن مع حلول ظهر أمس غادر معظم المعتصمين مواقعهم، وقالت وسائل إعلام محلية إن العمل داخل المفوضية يسير بشكل طبيعي.
ونفت المفوضية اقتحام المبنى الذي يضم مكاتبها، وقالت إن المقتحمين موجودون في موقف السيارات بعد السور الأول، ولفت مسؤولوها إلى أن الفيديو المتداول للمحتجين هو خارج مقر المفوضية، الذي نفوا اقتحامه، واعتبروا أن ما حدث هو مجرد تجمع لمتظاهرين لديهم مطالب.
وعادت عناصر الأمن المكلفة بحماية المقر إلى القيام بمهامها في تأمينه، بعدما انسحبت من مواقعها بشكل مفاجئ. فيما قالت الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية، أمس، إن الأجهزة الأمنية قائمة بواجبها في تأمين المفوضية، وأوضحت أن الاعتصام كان خارج أسوار المفوضية.
وكان مجلس النواب قد شكل مساء أول من أمس لجنة للتواصل مع المفوضية للوقوف على الصعوبات والعراقيل، التي تواجه العملية الانتخابية. وقال عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، عقب الجلسة التي عقدها المجلس بمقره في مدينة طبرق (شرق)، إن اللجنة التي تضم خمسة أعضاء يمثلون مختلف لجان المجلس، ستقدم تقريرها قبل الجلسة المُقبلة، التي لم يحدد موعدها.
وأغلقت مفوضية الانتخابات باب الترشح للانتخابات البرلمانية، مساء أول من أمس، بعدما انتهت المدة المحددة، وسط توقعات بتجاوز العدد النهائي للمتقدمين خمسة آلاف مرشح.
في سياق ذلك، قال رئيس الحكومة المكلف، رمضان أبو جناح، إنه بحث مع رئيس جهاز الأمن الداخلي، لطفي الحراري، احتياجات الجهاز ومشاكله، بالإضافة إلى التجهيزات الأمنية والخطط التي يقوم بتنفيذها جهاز الأمن الداخلي للحفاظ على الاستقرار واستتباب الأمن.
وأوضح بيان حكومي أن الحراري استعرض الخطة، المزمع تنفيذها من قبل جهاز الأمن الداخلي لتأمين الانتخابات ولدعم المراقبين عليها، فضلا عن الجرائم التي تم ضبط أصحابها والإجراءات القانونية التي اتخذت حيالهم.
من جهة ثانية، ناقش إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات سرت والجفرة التابعة للسلطة الانتقالية، مع السفيرة البريطانية كارولاين هرندل، بحضور الملحق العسكري بالسفارة العقيد مارك بافن، المستجدات العسكرية والسياسية ذات العلاقة بشؤون الغرفة.
كما استهلت الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة مستشارة خاصة له للملف الليبي، عملها باتصال مع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» للاطلاع إلى على ما وصلت إليه في ملف إخراج القوات الأجنبية و«المرتزقة»، وفقا لما أعلنه خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني».
ومن جانبها، بحثت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية الليبية، أمس، في طرابلس مع مولوتكوف، نائب مدير إدارة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الروسية، خروج «المرتزقة» من البلاد، ولفتت إلى دعم الجانبين للجنة «5 + 5»، وجهودها المبذولة بهذا الخصوص، وكذا دعمهما للخطوات المتخذة، بما فيها اجتماع اللجنة بموسكو. موضحة أن المحادثات ناقشت أيضا استئناف السفارة الروسية لعملها بطرابلس، وكذلك في قنصليتها بمدينة بنغازي، حيث أعرب الوفد الروسي عن دعم بلاده الكامل لحكومة الوحدة ورغبتها في تطوير وتعزيز التعاون بما يخدم مصلحة البلدين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.