«الشائعات» و{البيانات المزورة»... حروب خفيّة بين متنافسي الانتخابات الليبية

صورة من لقاء سابق في طرابلس بين عماد السائح وسفير بريطانيا لدى البلاد (المفوضية)
صورة من لقاء سابق في طرابلس بين عماد السائح وسفير بريطانيا لدى البلاد (المفوضية)
TT

«الشائعات» و{البيانات المزورة»... حروب خفيّة بين متنافسي الانتخابات الليبية

صورة من لقاء سابق في طرابلس بين عماد السائح وسفير بريطانيا لدى البلاد (المفوضية)
صورة من لقاء سابق في طرابلس بين عماد السائح وسفير بريطانيا لدى البلاد (المفوضية)

تداولت الأوساط الليبية خلال اليومين الماضيين أخباراً عن انسحاب المرشح للانتخابات الرئاسية المستشار عقيلة صالح، وتعرض موكب المرشح فتحي باشاغا إلى إطلاق نار بغرب البلاد. لكن مقربين من المتنافسَين نفوا هذه الأخبار، ووصفوها بأنها «مجرد إشاعات»، تروم إحداث لغط في الشارع الليبي، ومحاولة إشعال الفتنة بين المواطنين.
وهذه «الإشاعات» التي طالت صالح وباشاغا، والتي باتت تحفل بها صفحات التواصل الاجتماعي، استهدفت أيضاً مرشحين محتملين آخرين في أنحاء ليبيا، وتزداد سخونتها كلما اقترب موعد الانتخابات، المقررة في 24 من الشهر الحالي، والتي يُنظر إليها على أنها باتت ساحة خلفية لحروب خفيّة بين المتنافسين في الاستحقاق الرئاسي المرتقب، ومؤيديهم معاً.
وهذا الصنف من «الأخبار الكاذبة»، التي تستتر عادة في شكل بيانات «مزورة»، أو صفحات وهمية لأحد المرشحين، لم تستثنِ جل الشخصيات المتنافسة، وإن كانت أكثر تركيزاً على المرشح عبد الحميد الدبيبة، بوصفه رئيساً لحكومة «الوحدة الوطنية»، قبل أن يكلف نائبه رمضان أبو جناح بمهامه.
وأظهر أحد القرارات الصادرة عن الدبيبة، ممهورة بختم الحكومة وحملت توقيعه، أنه أمر بإنشاء مركز للإعلام والتوجيه يكون تابعاً لديوان الرئاسة، ويترأسه وليد اللافي، وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، على أن تخصص له ميزانية 27 مليون دينار. لكن الحكومة كذّبت هذا الخبر، ونشر اللافي عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك» البيان مدموغاً بكلمة «مزور». ولم تكن هذه «الإشاعة» الوحيدة التي استهدفت وزراء بالحكومة، بل إن واحدة منها استهدفت الدبيبة نفسه، من خلال رسالة بعث بها المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش (المستقيل) إلى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، يخبره فيها بأسباب تقدمه باستقالته، وقال فيها إن الدبيبة «يستخدم موارد الحكومة لمشاركته في الانتخابات، ووفقاً لمعلوماتنا هناك اتفاق بين ممثلي الحكومة ومفوضية الانتخابات الوطنية العليا والجهاز القضائي، بما في ذلك مجلس القضاء، على إعداد إطار قانوني يسمح للدبيبة بالتسجيل بنجاح كمرشح للانتخابات الرئاسية».
وعلى إثر ذلك، سارعت البعثة الأممية لكشف حقيقة تلك الرسالة، ووصفتها بـ«المزورة»، وقالت إن هناك «محاولة يائسة (طفولية) لتضليل الرأي العام؛ ونتمنى على الليبيين اليقظة والانتباه من تدفق الأخبار الملفقة والكاذبة، التي تهدف إلى تضليلهم؛ وقد تهدف إلى عرقلة ممارستهم لحقهم الديمقراطي في اختيار ممثليهم عبر صندوق الانتخابات». وامتداداً لجهود التدليس في الأخبار، تبنت تيارات عدة في ليبيا وجهة نظر تزعم أن الناشط السياسي، مصدق حبرارة، هو مرشح أميركا في الانتخابات الرئاسية الليبية، وأنه «الرئيس المنتظر»، ودللوا على ذلك بأن مجلس النواب اضطر إلى تخفيض عمر المرشح من 40 إلى 35 عاماً.
ورأى متابعون للعملية الانتخابية أن الحديث عن حبرارة، المولود عام 1986، «يعكس طبيعة الحالة الليبية المأزومة، التي يسهل فيها ترويج الأحاديث الكاذبة، والاتهامات بين المتنافسين والخصوم السياسيين لتصفية الحسابات».
بدوره، نبّه المحلل السياسي الدكتور مصطفى الفيتوري إلى خطورة «هذا الادعاء»، وقال إن «هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وتكراره لا يخرج عن الدعاية المجانية لهذا المرشح، وإن كانت غير مقصودة أحياناً». مبرزاً أن «أميركا كأي دولة تفضّل مرشحاً معيناً، وهذا شأن أغلب الدول في أي انتخابات، لكنها لن تعلن ذلك، ولن تقوله سراً لأحد من الليبيين»، مضيفاً: «نصيحتي عدم ترديد هذا الادعاء، لأنه قد يدفع الناخبين للتصويت لشخص محدد، مفترضين أن أميركا راضية عنه، ويعتقدون أن ذلك يجعله مؤهلاً دون غيره لحل مشكلات ليبيا».
وقبل نحو أسبوعين من موعد الاستحقاق المنتظر، زادت الاتهامات بين الخصوم السياسيين بعملية شراء واسعة للبطاقات الانتخابية، مقابل 2000 دينار للبطاقة الواحدة، وهو ما استغربه أحد مسؤولي المفوضية الوطنية، متسائلاً عن أهمية دفع هذه الأموال «في حين أنه لن يسمح للناخب بالتصويت إلا بواسطة البطاقة الشخصية بجانب بطاقة الناخب».
وفتحت عملية الطعون ضد المرشحين، وقبولها من المحاكم في سبها وطرابلس وبنغازي، الباب للتشكيك في ذمم القضاة بدعم مرشحين بعينهم، وذهب كل معسكر في اتهام الآخر. لكن فوزي اللولكي، أمين عام المنظمة الليبية للتنافس الاقتصادي، قال إن الزجّ بالقضاة في العملية السياسية والانتخابات «يضرّ الدولة والكيان القضائي نفسه».
وفور إصدار محكمة الزاوية بغرب ليبيا حكماً يقضي بمنع المشير خليفة حفتر من الترشح، تسابق مجهولون في نشر عنوان سكن القاضي الذي أصدر الحكم، وهو ما دفع حسن الصغير، الوكيل الأسبق بوزارة الخارجية الليبية، إلى التحذير من أن تكون هذه «لعبة إخوانية» لاستهداف القاضي، أو أحد أفراد أسرته وإلصاق التهم بحفتر، أو أحد مناصريه، وقال بهذا الخصوص: «نحن في مرحلة حرجة توظف فيها جماعات الإسلام السياسي أقذر الأوراق»، ومع أن الحكم كان معدوماً لعدم اختصاص المحكمة، فقد بادرت محكمة الاستئناف بطرابلس برفض الطعن ضد حفتر، وأمرت باستكماله السباق الانتخابي.
وامتدت «الإشاعات» إلى القول إن مجلس العموم البريطاني وافق على عودة النظام الملكي إلى ليبيا، بحضور مستشار للرئيس الأميركي، وذهب الخبر إلى أنهما اعتبرا أن تولي الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي الحكم سيشكل الحل الأمثل للنزاع السياسي في ليبيا.
غير أن أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل «دستور الاستقلال والعودة للملكية الدستورية في ليبيا»، قال إن هذه الأنباء «كاذبة وعارية تماماً عن الصحة».
وانتهى بودوارة إلى القول إن «هذا ليس بغريب على مخترعي ومروجي الأكاذيب والإشاعات السياسية، وهو جزء لا يتجزأ من الحرب الإعلامية منذ عقود مضت على مشروع عودة الملكيّة لليبيا».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.