«اتحاد الشغل» يعد خطة لإخراج تونس من أزمتها

الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
TT

«اتحاد الشغل» يعد خطة لإخراج تونس من أزمتها

الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ب)

كشفت قيادات نقابية من اتحاد الشغل التونسي (نقابة العمال) عن استعدادات حثيثة للإعلان عن تفاصيل الخطة التي اقترحها نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد، تحت عنوان «الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية».
ولتحقيق هذا الهدف يجري «الاتحاد» عدداً من المشاورات مع عدة أحزاب عبرت عن رفضها لمسار التصحيح، الذي انتهجه الرئيس قيس سعيد، دون إشراك بقية مكونات المشهد السياسي، والمجتمع المدني والحقوقي.
وقال الطبوبي إن اللقاءات ستتواصل مع المنظمات والجمعيات والأحزاب، التي يتقاطع معها في الثوابت والمبادئ، خاصة الأحزاب التي تعارض توجهات الرئيس سعيد، وترفض حياده عن المسار التصحيحي لقرارات 25 يوليو (تموز)، وذلك بهدف الدعوة إلى لقاء وطني يؤسس لتوجه ثالث، عنوانه «الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية»، وهو توجه يرفض محاولة استفراد الرئيس سعيد بالسلطة، وينتقد منظومة الحكم التي تزعمتها حركة النهضة خلال السنوات الماضية.
ووفق تصريحات قيادات نقابية بخصوص هذا «الخط الثالث»، فإن اتحاد الشغل قام بتشكيل لجان مهمتها النظر في القضايا التي تحتاج لمراجعة أكيدة، مثل تنقيح القانون الانتخابي، وقانون الأحزاب والجمعيات، وتفعيل دور الهيئات الرقابية، وتركيز محكمة دستورية لا تخضع للضغوطات السياسية.
في السياق ذاته، عقد لقاء ضم وفدا من حزب العمال (يساري)، وقيادات نقابية، وتم الاتفاق على بلورة تصور مشترك لـ«إنقاذ تونس»، بحسب بيان أعقب ذاك اللقاء.
كما اجتمع الطبوبي الأسبوع الماضي مع زهير المغزاوي، رئيس حزب حركة الشعب، لبحث ضرورة «وضع سقف زمني» لإجراءات 25 يوليو، واتفقا على ضرورة التصدي لما سمياه «الانحرافات بهذه الإجراءات إلى غير ما عبّر عنه الشعب التونسي». كما بحثا سبل توحيد المواقف من الأزمتين الاقتصادية والسياسية، واقتراح حلول للخروج منهما.
وفي هذا الشأن، قال المغزاوي إن الرئيس التونسي «ليس الفاعل الوحيد في توجه 25 يوليو (تموز) الماضي»، ودعا إلى حماية هذا المسار الجديد «من رئيس الدولة نفسه إن لزم الأمر». مؤكداً أن حزبه «يضغط من أجل ألا يسيّر الرئيس لوحده، وليؤكد أن الفاعل الرئيسي في هذا المسار الإصلاحي هو الشعب التونسي».
وأشار المغزاوي إلى مواصلة تنسيق المواقف، وتنظيم لقاءات مع القوى الوطنية، ومن بينها اتحاد الشغل، الذي سيجمعه به لقاء آخر من أجل توحيد المواقف بخصوص إجراءات 25 يوليو التي دعمها منذ البداية، لكنه أصبح متحفظاً بشأنها حالياً، خاصة بعد ما لاحظه من تباطؤ في بدء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفتح ملفات الفساد.
ويرى مراقبون للشأن السياسي المحلي أن «اتحاد الشغل» يساند تدابير 25 يوليو الماضي، ويرى أنها يمكن أن تكون طريقاً للخروج من النفق الذي تمر به تونس، لكن شرط أن تكون مرفوقة بخارطة طريق واضحة، وسقف زمني محدد.
واعتبر «اتحاد الشغل» أن بناء الديمقراطية واستكمال مسارها لا يستقيم دون وسائل ديمقراطية، وأبرزها الفصل بين السلطات، وتنقيح القانون الانتخابي، وتعديل قانون الأحزاب والجمعيات، والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها. إضافة إلى مراجعة قانون الجماعات المحلية والقوانين المنظمة للهيئات الدستورية، وفي مقدمتها الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وتفعيل دور هيئات الرقابة، وذلك بإرساء محكمة دستورية مستقلة بالفعل، ولا تخضع لأي تأثيرات سياسية، حسبها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».