أعلنت تركيا أنها لن تعتد بأي قرارات أوروبية تخص استمرار حبس كل من رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، والزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية (المؤيد للأكراد، ثاني أكبر حزب معارض بالبرلمان التركي). وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من زيارة لقطر، نُشرت أمس (الأربعاء): «نحن لا نعترف بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بخصوص هذين الشخصين (كافالا ودميرطاش)، وقرارات هذه المحكمة لا تعنيني، وأياً كانت العقوبات التي يريد مجلس أوروبا اتخاذها في هذا الإطار فليتخذها، هذا الأمر لا يهمنا... هذان الشخصان يحاكمان في قضايا إرهابية».
وقرر مجلس أوروبا، الجمعة الماضي، إطلاق إجراء تأديبي بحق تركيا لرفضها الامتثال لقرار محكمة حقوق الإنسان بالإفراج عن كافالا (46 عاماً) المعتقل منذ 2017 الذي تتهمه السلطات بالتجسس والتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة وتمويل احتجاجات «جيزي بارك» في إسطنبول عام 2013 عبر مؤسسة «الأناضول» الثقافية التي يرأسها والتي أدرجتها السلطات على لائحة الإرهاب الشهر الماضي. وهو إجراء لم يتخذه المجلس إلا مرة واحدة في تاريخه عندما استخدمه ضد أذربيجان لسبب مماثل عام 2017، وأمهل المجلس تركيا حتى 19 يناير (كانون الثاني) المقبل، كحد أقصى، للرد، وبعدها ستحيل اللجنة القضية مجدداً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اجتماعها المقبل في الثاني من فبراير (شباط)، بينما من المقرر أن تنعقد الجلسة المقبلة في قضية كافالا في إسطنبول بتاريخ 17 يناير.
كما أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أكثر من حكم بالإفراج الفوري عن صلاح الدين دميرطاش، وهو زعيم كردي بارز سبق أن نافس إردوغان في انتخابات الرئاسة عامي 2014 ثم 2018 من داخل سجنه حيث اعتُقل في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، والذي يواجه اتهامات في قضايا تتعلق بالإرهاب وتصل عقوباتها حال إدانته إلى 142 سنة سجناً. ورفض إردوغان تنفيذ هذه القرارات.
ويسود قلق أوروبي متصاعد حيال انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، لا سيما عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) عام 2016 ونسبتها السلطات إلى الداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، وحركة «الخدمة» التابعة له، التي صنّفتها منظمة إرهابية. ويضع قرار اللجنة الوزارية للمجلس، الذي يحتاج إلى موافقة أغلبية الثلثين، تركيا حالياً قيد مذكرة رسمية مفادها أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ستتولى النظر بفشلها في إطلاق سراح كافالا. وستقرر المحكمة بعد ذلك بشأن إن كان عدم تطبيق تركيا لقرارها يمثل انتهاكاً إضافياً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وكان القضاء التركي قد قرر، الأسبوع قبل الماضي، إبقاء كافالا (64 عاماً)، الذي اعتُقل عام 2017 وأُعيد اعتقاله بعد تبرئته من قبل من تهمة تمويل احتجاجات «جيزي بارك» وتغيير الاتهام إلى «التجسس ودعم محاولة الانقلاب»، في السجن حتى موعد الجلسة المقبلة في 17 يناير، حيث يواجه عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة السعي لزعزعة استقرار تركيا.
وسبق أن دفع تمديد توقيف كافالا، في أكتوبر الماضي، سفراء عشر دول غربية، بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، إلى الدعوة إلى «الإفراج العاجل» عنه. وهدد إردوغان باعتبار هؤلاء السفراء «شخصيات غير مرغوب فيها» تمهيداً لطردهم، قبل أن يغيّر رأيه بعد رسالة تهدئة من ممثل الولايات المتحدة، شاركتها على الفور الدول الأخرى المعنية على «تويتر».
وقال مدير برنامج أوروبا في منظمة العفو الدولية، نيلز مونيكس، تعقيباً على القرار الصادر بأغلبية أصوات لجنة وزراء مجلس أوروبا، إنه بعد قضاء كافالا أكثر من 4 سنوات خلف القضبان بتهم سياسية الدوافع، يجب أن يُسمح له بالعودة أخيراً إلى منزله وعائلته.
في سياق متصل، نفّذت قوات الأمن التركية حملة مداهمات متزامنة في 14 مدينة، مركزها إسطنبول، لاعتقال 47 من عناصر الجيش والطلاب المفصولين من الدراسة العسكرية بزعم صلتهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، وجرى اعتقال 24 شخصاً من بين الصادر بحقهم قرارات اعتقال، بتهمة إجراء اتصالات هاتفية باستخدام هواتف عمومية وخطوط ثابتة للتواصل مع حركة غولن، المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب، فيما لا يزال البحث جارياً عن الآخرين.
وشملت قرارات الاعتقال، الصادرة عن نيابة إسطنبول، 15 ضابطاً بالقوات البرية والجوية والبحرية وقوات الدرك، و5 برتبة ضابط صف و27 طالباً مفصولاً من المدارس العسكرية التي أُغلقت عقب محاولة الانقلاب وأُعيدت هيكلتها. وأطلقت تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة حملة واسعة شملت مختلف القطاعات العامة، بدعوى تطهيرها من أنصار غولن الذي كان الحليف الأوثق من قبل لإردوغان، أسفرت عن توقيف أكثر من 80 ألف شخص بانتظار المحاكمة، وعزل أو وقف أكثر من 180 ألفاً من موظفي الحكومة وأفراد الجيش والشرطة والقضاء عن العمل، وإغلاق آلاف المدارس والجامعات والمنافذ الإعلامية التابعة لحركة غولن. على صعيد آخر، لمح إردوغان إلى إطلاق محادثات لتحسين العلاقات مع إسرائيل في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، سيلعبان دوراً مهماً في الاتصالات مع إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. وأضاف إردوغان أنه من «الممكن في الفترة المقبلة أن نلتقي مع المسؤولين الإسرائيليين... يجب أن نكون حسّاسين في الملفّ الفلسطيني، ونحن نعرف أن لإسرائيل حساسيات تماماً كما لدينا حسابات، لكن من الممكن أن نحلّ هذه القضايا معاً».
وجدد إردوغان استعداد بلاده للعب دور الوسيط من أجل خفض التوتر القائم بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن أنقرة تتابع تداعيات التوتر بين روسيا وأوكرانيا عن كثب، معرباً عن أمله أن يتم خفض التصعيد بين الجانبين في أقرب وقت. وأضاف: «نحن على استعداد لتقديم الدعم اللازم للحد من التوتر بين روسيا وأوكرانيا الذي تصاعد في الأسابيع الأخيرة، ولفتح قناة حوار بين الطرفين... أنقرة ستقوم بما يقع على عاتقها من أجل إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة».
إردوغان: أي قرارات أوروبية بشأن كافالا ودميرطاش لا تهمنا ولن ننفّذها
حملة اعتقالات جديدة لعسكريين بدعوى الارتباط بغولن
إردوغان: أي قرارات أوروبية بشأن كافالا ودميرطاش لا تهمنا ولن ننفّذها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة