العراق يغادر «الفصل السابع» مطلع 2022

TT

العراق يغادر «الفصل السابع» مطلع 2022

توقع رئيس لجنة الخبراء الماليين الدكتور عبد الباسط تركي، أن يتخلص العراق، مطلع العام المقبل، من طائلة وقوعه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بعد الإيفاء بالتزاماته المالية المتعلقة بتعويض دولة الكويت عن الخسائر التي تكبدتها نتيجة غزو العراق لها في أغسطس (آب) 1990.
وبحسب تركي، الذي تشرف لجنته على الأموال العراقية المتأتية من إنتاج وتصدير النفط والمنتجات النفطية وتودع في حساب فرعي لدى مصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فإن «المصرف المركزي العراقي سيتولى سداد كامل المبلغ المتبقي من التعويضات مباشرة، بعد إيقاف الاستقطاع التلقائي». ودعا تركي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى «تحرك وزارة الخارجية والجهات المعنية للحث على صياغة مشروع قرار يتضمن إخراج العراق من أحكام البند السابع لميثاق الأمم المتحدة بشكل تام».
وتعتزم الحكومة العراقية سداد الدفعة الأخيرة من تعويضات حرب الكويت، قبل نهاية العام الحالي بعد إيداعها، أول من أمس (الثلاثاء)، ما يزيد على 207 ملايين دولار أميركي، لدى مصرف الاحتياطي الفيدرالي؛ تمهيداً لإخراج العراق من الفصل السابع. وشرح تركي، أنّ الاحتياطي الفيدرالي، قام قبل يومين، وتحديداً بعد ساعات من سداد الدفعة ما قبل الأخيرة، بإيقاف «الاستقطاع التلقائي» من حساب وزارة المالية العراقية لديه، لمصلحة صندوق تعويضات حرب الكويت، على أثر طلب وجهه المصرف المركزي العراقي.
ونوّه بضرورة أن ينص القرار المرتقب على «حماية العراق من أي مطالبات خاصة بتعويضات حرب الكويت، سواء كان ذلك مطالبات فردية أم إقامة دعاوى ذات صلة بالتعويضات»، مطالباً بـ«إلغاء القرارات كافة التي ترتبت على حرب الكويت».
وكانت لجنة أممية للتعويضات تشكلت عام 1991، ألزمت بغداد بدفع 52.4 مليار دولار تعويضات للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها ممن تكبدت خسائر ناجمة مباشرة جراء غزو الكويت.
وتوقف العراق عن سداد المدفوعات عام 2014 أثناء الحرب على تنظيم «داعش»، الذي سيطر على أجزاء واسعة من البلاد، لكنه استأنف السداد عام 2018.
وكان وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري، أعلن في يونيو (حزيران) من العام 2013، أن «مجلس الأمن قرر إخراج العراق من تحت البند السابع، وأصبح القرار يحمل رقم 2108»، وعدّ ذلك «يوماً تاريخياً». لكن تركي وصف تصريح زيباري بأنه «غير دقيق ومضلل»؛ لأن «قرار المجلس نص على إيقاف استخدام القوة ضد العراق فحسب».
وخلافاً للواقع، والكلام لتركي، قال زيباري، إنه بعد إصدار القرار صار العراق «متحرراً من نظام العقوبات والعزلة».
ورأى تركي، أن «القيود لا تزال نافذة؛ لأن العراق لم يخرج تماماً من أحكام الفصل السابع»، على رغم تأكيد زيباري في حينها أن «العراق عاد ليحتل مكانته الطبيعية المالية والمصرفية».
وفي سياق متصل، وطبقاً للمستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح، فإن «العراق سينهي ملف تعويضات الكويت مطلع 2022».
وذكر صالح في تصريحات صحافية في وقت سابق، أن «العراق سدد أخيراً مبلغ 490 مليون دولار من مبالغ التعويضات المقرة من قبل لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، وسيعمل على سداد المبلغ المتبقي من التعويضات الإجمالية والمقدر بنحو 629 مليون دولار، مطلع العام 2022، لإغلاق ملف التعويضات نهائياً».
ويوم أمس، تلقى المصرف المركزي العراقي إشعاراً من الأمانة العامة للأمم المتحدة في جنيف، يشير إلى أن المبلغ المتبقي من التعويضات هو 43 مليون دولار أميركي.
يشار إلى أن لجنة الخبراء الماليين التي يرأسها الدكتور عبد الباسط تركي، وهو رئيس سابق لديوان الرقابة المالية والمصرف المركزي، تأسست استناداً إلى قرار من مجلس الوزراء، وبدأت أعمالها مطلع أبريل (نيسان) 2007؛ لتكون جهاز إشراف بديلاً للمجلس الدولي للمشورة والمراقبة، والذي يشرف حالياً على ما يُنفق من الأموال العامة العراقية المتأتية من إنتاج وتصدير النفط والمنتجات النفطية، والتي تودع في حساب فتح في مصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، استناداً إلى قرارات مجلس الأمن التي صدرت بعد إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، باسم «صندوق تنمية العراق». وقد منح هذا الحساب حصانة دولية حتى لا يكون عرضة للحجز أو المصادرة نتيجة قرارات محاكم دولية، قد تصدر عن دعاوى ومطالبات ضد النظام السابق.
وتأسس «صندوق تنمية العراق» وحساب آخر، بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1483 في مايو (أيار) عام 2003، لإدارة عائدات النفط الخام ومنتجات النفط المصدّر من العراق والرصيد المتبقي من برنامج «النفط مقابل الغذاء» والمقبوضات من الموجودات المجمدة من النظام السابق.
ومن المتوقع أن يقوم المصرف المركزي العراقي بسداد الدفعة الأخيرة، قبل نهاية العام الحالي. وبذلك يكون العراق قد سدد 52.38 مليار دولار تعويضاً لتداعيات غزوه الكويت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.