عقوبات أميركية على مسؤولين أمنيين سوريين

TT

عقوبات أميركية على مسؤولين أمنيين سوريين

فرضت وزارة الخزانة الأميركية ليل الثلاثاء - الأربعاء عقوبات على مسؤولين أمنيين سوريين بعد أيام على إعلان إعفاءات من العقوبات لمشاريع تخص المساعدات الإنسانية.
وضمن سلة عقوبات تشمل دولاً أخرى، أعلنت الخزانة الأميركية، أن العقوبات فرضت على «أشخاص متورطين في هجمات الأسلحة الكيماوية القاتلة ضد المدنيين، وضد مسؤولين في أجهزة المخابرات والأمن السورية القمعية في سوريا»، وشملت توفيق محمد خضور، وهو لواء في القوات الجوية السورية، ويتولى حالياً قيادة الفرقة «22 الجوية»، ومحمد يوسف الحاصوري، ولواءً في القوات المسلحة السورية، قائد اللواء «70» في قاعدة «T – 4» العسكرية، إضافة إلى أديب نمر سلامة، مساعد مدير المخابرات الجوية السورية، وقحطان خليل، رئيس اللجنة الأمنية في جنوب سوريا وكمال الحسن قائد فرع «227» من المخابرات العسكرية السورية.
وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، عدّلت وزارة الخزانة الأميركية لوائح عقوبات سوريا، وأصدرت إرشادات جديدة بخصوص الأنشطة المسموح بها. واعتبرت تحديثات التراخيص العامة جزءاً لا يتجزأ من الجهود التي تبذلها واشنطن لخلق مساحة أمام برامج التعافي المبكر في سوريا.
وحسب تقرير بحثي مستقل، فإن «التغييرات تؤكد من جديد اهتمام واشنطن بأنشطة التعافي المبكر».
وتحدد التراخيص العامة المعدلة، أنه مسموح للمنظمات غير الحكومية بتنفيذ (محدد على نحو عام) «استثمارات جديدة» داخل سوريا وشراء النفط المكرر «من أصل سوري» لاستخدامه في البلاد، والدخول في معاملات محدودة مع جهات تتبع الحكومة السورية، بشرط أن يكون ذلك داعماً لأنشطة المساعدة. وقوبلت التعديلات بترحيب، حتى من قبل أشد منتقدي النظام.
وحسب التقرير، تستفيد الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة من تصريح لا لبس فيه للتعامل في المنتجات البترولية السورية؛ الأمر الذي قد يخفف من مخاطر عدم الامتثال للعقوبات فيما يتعلق بالأنشطة المتعلقة بالوقود والاستعداد لفصل الشتاء، أنشطة تحولت اليوم إلى مصدر قلق كبير، مع مواجهة السوريين الشتاء في ظل تضاؤل دعم الدولة وارتفاع أسعار الطاقة.
وكانت وزارة الخزانة قد أوضحت، أن تحركاتها الأخيرة لا تهدف إلى تغيير وجه سياسة العقوبات الأميركية ضد سوريا. ويأتي هذا الإعلان بعد أكثر عن شهر بقليل من الانتهاء من مراجعة وزارة الخزانة الأميركية لسياستها الخاصة بالعقوبات العالمية، والتي سلطت الضوء على التعديلات اللازمة لضمان فاعلية العقوبات الأميركية مع تقليل التأثيرات غير المباشرة.
وفي 8 نوفمبر، نشرت وزارة الخزانة توضيحات خصصت مساحة على وجه التحديد لأنشطة التعافي المبكر لأول مرة. وجذب هذا الإعلان الانتباه من جديد نحو اهتمام واشنطن الدائم بتسهيل أنشطة التعافي المبكر، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها سلعة إنسانية ضرورية للحصول على موافقة روسيا على تجديد القرار المعني بنشاطات عبر الحدود. وقال التقرير «يمكن القول كذلك بأن التركيز على نشاط التعافي المبكر كجزء من مقايضة أميركية - روسية تتضمن توصيل المساعدات عبر الحدود، يمثل أحد المجالات القليلة التي يمكن للجهود الدولية إحراز تقدم فيها فيما يخص سوريا، منذ انهيار نظام مناطق خفض التصعيد».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.