ما هي أعراض «إدمان» التلفاز؟ وكيف تتخلص منه؟

إشكالية مشاهدة المسلسلات بنهم لها ارتباط كبير بمتلازمة القلق والاكتئاب (أرشيفية - رويترز)
إشكالية مشاهدة المسلسلات بنهم لها ارتباط كبير بمتلازمة القلق والاكتئاب (أرشيفية - رويترز)
TT

ما هي أعراض «إدمان» التلفاز؟ وكيف تتخلص منه؟

إشكالية مشاهدة المسلسلات بنهم لها ارتباط كبير بمتلازمة القلق والاكتئاب (أرشيفية - رويترز)
إشكالية مشاهدة المسلسلات بنهم لها ارتباط كبير بمتلازمة القلق والاكتئاب (أرشيفية - رويترز)

أصبحت مشاهدة حلقات متعددة من برنامج تلفزيوني أو مسلسل ما في جلسة واحدة نشاطاً شائعاً للكثير من الناس حول العالم. جعل انتشار خدمات البث على مدار السنوات الأخيرة من السهل جداً القيام بذلك. مما لا يثير الدهشة أنه أثناء الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا، أظهرت الأبحاث أن الكثير منا قضى وقتاً أطول من المعتاد في مشاهدة التلفاز.
ولكن هل يمكن أن يصبح هذا النشاط إشكالية أو سبباً للإدمان؟
لا يتم تحديد مشكلة المشاهدة بنهم من خلال عدد الحلقات التي تمت مشاهدتها (رغم أن معظم الباحثين يتفقون على أنها على الأقل اثنتين على التوالي)، أو بعدد محدد من الساعات التي نقضيها أمام شاشة التلفزيون أو الكومبيوتر. كما هو الحال مع السلوكيات الأخرى التي تسبب الإدمان، فإن الأهم هو ما إذا كانت المشاهدة بنهم لها تأثير سلبي على جوانب أخرى من حياة الشخص، وفق ما قاله مارك غريفيث، مدير وحدة أبحاث الألعاب الدولية وأستاذ الإدمان السلوكي في جامعة «نوتينغهام ترينت» لصحيفة «إندبندنت».
على مدى سنوات عديدة من دراسة الإدمان، جادل غريفيث بأن جميع السلوكيات التي تسبب الإدمان تتكون من ستة مكونات أساسية. فيما يتعلق بالمشاهدة بنهم، فإن هذا قد يعني، وفقاً لغريفيث:
* المشاهدة بنهم هي أهم شيء في حياة الشخص.
* ينخرط الشخص في المشاهدة بنهم كطريقة لتغيير مزاجه بشكل موثوق: ليشعر بتحسن على المدى القصير أو للهروب مؤقتاً من شيء سلبي في حياته (تعديل الحالة المزاجية).
* تعرض المشاهدة الكثيفة للخطر الجوانب الرئيسية من حياة الشخص مثل العلاقات والتعليم أو العمل (الصراع).
* زيادة عدد الساعات التي يقضيها الشخص في مشاهدة التلفاز كل يوم بشكل ملحوظ بمرور الوقت.
* يعاني الشخص من أعراض انسحاب نفسية و- أو فسيولوجية إذا كان غير قادر على المشاهدة بنهم.
* إذا تمكن الشخص مؤقتاً من التوقف عن المشاهدة بنهم، فعندما ينخرط في النشاط مرة أخرى، يعود مباشرة إلى الدورة التي كان عليها سابقاً (الانتكاس).

* نظرة على الدليل
في أحدث دراسة حول هذا الموضوع، أجرى فريق بحثي في بولندا مسحاً على 645 شاباً، أفاد جميعهم أنهم شاهدوا حلقتين على الأقل من عرض واحد في جلسة واحدة. أراد الباحثون فهم بعض العوامل الكامنة وراء إشكالية المشاهدة بنهم.
باستخدام مجموعة من المقاييس، وجد الباحثون أن صعوبات التحكم في الانفعالات، وقلة سبق الإصرار (صعوبات في التخطيط وتقييم عواقب سلوك معين)، ومحاولة الهروب ونسيان المشاكل، والمراقبة لتجنب الشعور بالوحدة كانت من بين أكثر العوامل المرتبطة بشكل كبير بمشاهدة التلفاز بشراهة.
باستخدام نفس البيانات، أفاد الباحثون في دراسة سابقة أن إشكالية مشاهدة المسلسلات بنهم لها ارتباط كبير بمتلازمة القلق والاكتئاب. كلما زادت أعراض القلق والاكتئاب، زادت مشاهدة الشخص للتلفاز.
وأبلغت دراسات أخرى عن نتائج مماثلة. وجدت دراسة أجريت على البالغين التايوانيين، على سبيل المثال، أن المشاهدة بكثرة ترتبط بمشاكل الاكتئاب والقلق بشأن التفاعل الاجتماعي والشعور بالوحدة.
وجدت دراسة أميركية أن السلوك مرتبط بالاكتئاب وقلق التعلق. أظهرت معظم الدراسات ذات الصلة أيضاً أن الهروب من الواقع هو الدافع الرئيسي للمشاهدة بنهم.
وفيما يتعلق بسمات الشخصية، أظهرت الأبحاث أن المشاهدة بنهم التي تنطوي على مشاكل يبدو أنها مرتبطة بانخفاض الضمير الواعي (الذي يتسم بالاندفاع والإهمال وعدم التنظيم) والعصابية العالية (التي تتميز بالتوتر وعرضة للمشاعر السلبية). نرى هذه الأنواع من الارتباطات في السلوكيات الإدمانية بشكل عام.

* كسر هذه العادة
يؤكد غريفيث أنه إذا كنت ترغب في تقليل عدد الحلقات التي تشاهدها في جلسة واحدة، فإن القاعدة الذهبية هي التوقف عن المشاهدة في منتصف الطريق خلال الحلقة. من الصعب حقاً التوقف عن المشاهدة في نهاية الحلقة لأنه غالباً ما ينتهي العرض بطريقة تجعلك تتوق لمشاهدة الحلقة التالية.
ويتقرح غريفيث أيضاً وضع حدود يومية واقعية، وقال: «بالنسبة لي، إنها ساعتان ونصف الساعة إذا كان لدي عمل في اليوم التالي، أو قد تصل إلى خمس ساعات إذا لم يكن لدي عمل. ولا تبدأ في المشاهدة إلا كمكافأة لنفسك بعد أن تفعل كل ما تحتاج إليه فيما يتعلق بالعمل والالتزامات الاجتماعية».



عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

 

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

 

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

 

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

 

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

 

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

 

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».