«النواب» الليبي يبحث حسم مصير الانتخابات الرئاسية

ناقش بعض «خروقات» المفوضية في تنفيذ قانون الاقتراع المرتقب

إحميد حومة (يسار) النائب الثاني لرئيس برلمان طبرق وعماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في طبرق أمس (موقع مجلس النواب)
إحميد حومة (يسار) النائب الثاني لرئيس برلمان طبرق وعماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في طبرق أمس (موقع مجلس النواب)
TT

«النواب» الليبي يبحث حسم مصير الانتخابات الرئاسية

إحميد حومة (يسار) النائب الثاني لرئيس برلمان طبرق وعماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في طبرق أمس (موقع مجلس النواب)
إحميد حومة (يسار) النائب الثاني لرئيس برلمان طبرق وعماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في طبرق أمس (موقع مجلس النواب)

عقد مجلس النواب الليبي أمس جلسة رسمية، دعت إليها رئاسته بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، من أجل مناقشة آخر تطورات العملية الانتخابية، وذلك بحضور عدد قليل من أعضائه، وغياب عدد من مسؤولي المفوضية العليا للانتخابات.
وفيما أكدت وكالة «الأنباء الليبية» أن عدداً من نواب المناطق الغربية لم يتمكنوا من السفر إلى طبرق لحضور الجلسة بعد إلغاء رحلتهم بسبب الأحوال الجوية، أوضح عبد الله بليحق، الناطق باسم المجلس، أن «خروقات» مفوضية الانتخابات في تنفيذ قانون الانتخابات الرئاسية كانت ضمن جدول أعمال الجلسة، نافياً ما يشاع عن لقاء رئيسه عقيلة صالح مع عماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات، لكن الأخير التقى مع إحميد حومة، النائب الثاني لصالح، وبحث معه تطورات العملية الانتخابية، وسير عمل المفوضية وفقاً للقوانين الصادرة عن المجلس، وبحسب تصريح بليحق.
وأفادت أحدث إحصائية للمفوضية ارتفاع عدد المرشحين المتقدمين لعضوية البرلمان المقبل، ليصل بذلك إلى 4326 في كل الدوائر الانتخابية، لكن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اتهمت المفوضية بما وصفته بـ«ازدواجية المعايير»، واعتبرت أن قيام المفوضية بتلقي إقرارات ذمة مالية للمرشحين عبر نماذج غير معتمدة «مخالف للقانون وتجاوز للصلاحيات، ويقوض جهود إنفاذ القانون للعملية الانتخابية».
وقالت الهيئة إنها «الجهة الوحيدة» المخولة قانوناً بتلقي إقرارات الذمة المالية للمرشحين وفحصها، وأوضحت أنه لا يعتد بأي إقرار إلا إذا ما تم تقديمه لمقرها الرئيسي بمدينة طرابلس، وبفروعها الثلاثة في شرق ووسط وجنوب البلاد. مشيرة في هذا السياق إلى أن ما قامت به المفوضية من تسليم مستندات تضم بيانات شخصية لمرشحي الانتخابات الرئاسية إلى جهات غير رسمية «يعد إفشاءً لأسرار أوجب القانون حفظها ورعايتها».
وبعدما حملت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كامل المسؤولية القانونية لـ«المفوضية»، قالت إنها تخلي مسؤوليتها من هذه الخروقات القانونية، وتحتفظ بالحق في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه القائمين بها.
في غضون ذلك، واصل المرشح للرئاسة عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، سياسة التواري عن الأنظار، بعدما نقل صلاحياته رسمياً إلى نائبه رمضان أبو جناح، الذي تابع مساء أول من أمس، باعتباره رئيس الحكومة المكلف، مع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، ووكيل الوزارة لشؤون البلديات مصطفى التركي، عمل الوزارة خلال الأشهر الماضية، ودورها في تفعيل عمل الإدارة المحلية.
كما بحث أبو جناح مع وزير الزراعة والثروة الحيوانية، حمد المريمي، تذليل كافة الصعاب التي يعاني منها القطاع في مجال الأمن الغذائي، وإمكانية مساعدة مربي الأغنام والفلاحين للحصول على الحبوب والبذور والأعلاف. كما تابع في اجتماع مع رئيس المجلس التسييري لبلدية طبرق، فرج بوالخطابية، سير تنفيذ عدد من المشاريع التنموية في نطاق البلدية، ورواتب موظفي محطة تحلية المياه بطبرق، وأكد لدى مشاركته في فعاليات «ملتقى شباب الجنوب» أن المرحلة المستقبلية القادمة «هي مرحلة شباب، وهي تتطلب من الجميع التعاون والتكاتف للنهوض بالمجتمع».
وقال أبو جناح إن شريحة الشباب «لها دور هام لخوض معركة البناء والتنمية، ووضع الوطن والشعب على طريق المستقبل»، مؤكداً دعم الحكومة لشريحة الشباب، ولكل المبادرات الشبابية.
من جهة ثانية، قال مكتب المنظمة الدولية للهجرة إن الأسبوع الماضي لم يشهد إنقاذ، أو اعتراض أي مهاجر في البحر وإعادته إلى ليبيا، موضحاً أن العدد المسجل للمعادين من البحر منذ بداية هذا العام تجاوز عتبة الـ30 ألفاً، بالإضافة إلى 506 وفيات، و807 مفقودين.
وأوضح المكتب أن هذه الأرقام تعد مرتفعة نسبياً، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث بلغ عدد المعادين أقل من 12 ألفاً، فيما تم تسجيل 381 حالة وفاة، و597 مفقوداً.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.