وسط مخاوف عدة تكتنف المسار الانتخابي، استقبلت الأوساط الليبية بردود أفعال متباينة تعيين الدبلوماسية الأميركية، ستيفاني ويليامز، مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشـأن ليبيا.
ويأتي هذا القرار، الذي لاقى ترحيباً أوروبياً وبريطانيا، قبل يومين فقط على انتهاء مهمة يان كوبيش، المبعوث الأممي لدى ليبيا، الذي سبق أن قدم استقالته في الثاني والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن الأمم المتحدة أبقت عليه بهدف تسيير أعمال البعثة حتى العاشر من الشهر الجاري.
وأعلنت الأمم المتحدة مساء أول من أمس تعيين ويليامز مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن «تعيين ويليامز مستشارة خاصة يضمن وجود قيادة (أممية) خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الدقيق للغاية». موضحا أن المستشارة «ستباشر عملها خلال الأيام المقبلة من العاصمة طرابلس»، وملمحاً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة رفض اقتراح كوبيش للبقاء في منصبه خلال فترة الانتخابات، التي يفترض أن تجرى في 24 من الشهر الجاري.
وتابع المتحدث الأممي موضحا أن ويليامز «ستقود جهود المساعي الحميدة، والوساطة مع الأطراف الليبية والإقليمية والدولية، من أجل مواصلة تنفيذ المكونات الثلاثة للحوار الليبي، السياسي والأمني والاقتصادي، ودعم تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية».
وشغلت ويليامز، التي تجيد التحدث باللغة العربية، منصب المبعوث الأممي لدى ليبيا بـ«الإنابة»، خلفاً للمبعوث السابق الدكتور غسان سلامة خلال العامين الماضيين، وساهمت في قيادة الليبيين مطلع العام الجاري إلى تشكيل سلطة تنفيذية مؤقتة، من خلال أعمال «ملتقى الحوار السياسي» في تونس وجنيف، قبل أن تستقيل من منصبها. لكن جل الليبيين يستحضرون خلال التعامل مع ويليامز «سطوة» جنسيتها الأميركية على الملف الليبي، وينقسمون حول «ضلوع» واشنطن «في تعقيد المشهد السياسي» في البلاد، بمساندة بعض الأطراف. في حين يرى آخرون أن «الضغط الأميركي كفيل بإنهاء الأزمة في ليبيا»، وهو ما دفع الإعلامي الليبي عيسى عبد القيوم، إلى التصريح بأن «مروضة الديناصورات تعود لمزاولة نشاطها في السيرك الليبي».
لكن ماذا تعني عودة ويليامز الآن إلى المشهد السياسي مرة ثانية بعد أن غادرته قبل أشهر عدة؟ لا سيما مع اقتراب موعد إجراء الاستحقاق الانتخابي.
كجواب عن هذا السؤال، يرى جمال شلوف، رئيس مؤسسة «سلفيوم» للدراسات والأبحاث، أن «صراع الإدارات الدولية كان سبباً في عدم التوافق حول تعيين مبعوث أممي خلفاً لكوبيش»، ولذلك تساءل عن حجم صلاحياتها في منصبها الجديد، وقال إنه «بمراجعة سياسة الولايات المتحدة للتدخل الخارجي فهي تنتهج الاختباء دوماً خلف الشرعية الدولية!».
في المقابل، يذهب سياسيون ليبيون إلى أن ويليامز، التي «نجحت في التعامل مع أطراف الأزمة، واخترقت الملف المعقد من خلال انتخاب سلطة تنفيذية، أنتجت المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة محمد المنفي وعبد الحميد الدبيبة، وتحديد موعد للانتخابات المرتقبة، عادت ثانية للتعامل مع ما سمتهم في السابق بالديناصورات، غير أنهم باتوا مرشحين لتولي رئاسة البلاد».
وبالنظر إلى الدور المرتقب للمستشارة الأممية الجديدة في إنقاذ العملية الانتخابية، توقع المحلل السياسي فرج فركاش، كبعض المحللين السياسيين الآخرين، أن يكون دور ويليامز «محدوداً وليس كما كان في السابق»، بالنظر إلى اعتراض روسيا على تعيينها في السابق مبعوثة أممية في ليبيا، وقال بهذا الخصوص: «سيقتصر دورها على إعطاء المشورة لرئيسها غوتيريش، ولن يسمح لها الجانب الروسي بالتدخل في إدارة البعثة الأممية بالفاعلية، التي كان يطمح لها الجانب الأميركي».
تخرجت ويليامز من الكلية الحربية الوطنية، وحصلت على درجة الماجستير في دراسات الأمن القومي سنة 2008، وهي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط، وتتقن اللغة العربية، وعملت نائبة لغسان سلامة للشؤون السياسية. كما أنها تملك أكثر من 24 عاماً من الخبرة في الحكومة والشؤون الدولية، وسبق أن شغلت منصب القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة الولايات المتحدة في طرابلس (مكتب ليبيا الخارجي)، ونائب رئيس بعثة الولايات المتحدة الأميركية بالعراق والأردن والبحرين.
وفيما ثمن المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا، غسان سلامة، قرار تعيين ويليامز، «لاستكمال ما بدأناه معاً»، هنأت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا ويليامز على تعيينها مستشارة خاصة ببعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، وقالت: «إننا نتطلع للعمل مع (السيدة) ستفاني التي أثبتت التزامها، وتفانيها بدعم استقرار ليبيا».
وأضافت البعثة في بيان أمس: «واثقون بأن وجودها سيكون مفتاحاً لنجاح العملية السياسية لصالح الشعب الليبي». كما أشاد السفير الهولندي لارس توميرس، والسفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولاين هرندل، بالقرار الأممي، وقالت هرندل عبر حسابها بموقع «تويتر»: «أتطلع قدماً إلى العمل سوياً نحو مزيد من الاستقرار السياسي والعسكري والاقتصادي في ليبيا». غير أن عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، رأى أنه بالإضافة إلى عودة ستيفاني، فإن البعثة الأممية في ليبيا «تحتاج إلى تغيير شامل في موظفيها»، وقال موضحا: «هناك الكثير من الملاحظات حول بعض الأعضاء، والتي لا يمكن السكوت عنها، وما حدث في منتدى الحوار السياسي، وطريقة اختياره ما هو إلا جزء بسيط من تلك الملاحظات».
هل تتمكن ويليامز من «إنقاذ» سفينة الانتخابات الليبية؟
«الأوروبي» يعتبرها «مفتاحاً لنجاح العملية السياسية»... وآخرون يؤكدون أن دورها «سيكون محدوداً»
هل تتمكن ويليامز من «إنقاذ» سفينة الانتخابات الليبية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة