نجوم الفن والسينما: مهرجان البحر الأحمر انتصار للفن والحرية والإبداع

أكدوا بداية حقبة جديدة في تاريخ هذه الصناعة

المخرجة السعودية هيفاء المنصور أثناء تكريمها في الليلة الافتتاحية من مهرجان البحر الأحمر بجدة (أ.ف.ب)
المخرجة السعودية هيفاء المنصور أثناء تكريمها في الليلة الافتتاحية من مهرجان البحر الأحمر بجدة (أ.ف.ب)
TT

نجوم الفن والسينما: مهرجان البحر الأحمر انتصار للفن والحرية والإبداع

المخرجة السعودية هيفاء المنصور أثناء تكريمها في الليلة الافتتاحية من مهرجان البحر الأحمر بجدة (أ.ف.ب)
المخرجة السعودية هيفاء المنصور أثناء تكريمها في الليلة الافتتاحية من مهرجان البحر الأحمر بجدة (أ.ف.ب)

أبدى عدد من نجوم الفن والسينما انبهارهم وإعجابهم بافتتاح أول مهرجان سينمائي دولي في مدينة جدة (غرب السعودية)، معتبرين هذه الخطوة انتصاراً كبيراً للفن والحرية والإبداع، وبداية حقبة جديدة لهذه الصناعة في المنطقة.
ووصفت المخرجة المنتجة السعودية الشهيرة هيفاء المنصور افتتاح مهرجان البحر الأحمر بـ«بداية صفحة جديدة في تاريخ الثقافة والفن السعودي»، وهو ما يعكس الاهتمام والاحتفال بصناعة السينما عموماً، على حد قولها.
وعبرت المنصور، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن فخرها بإقامة مثل هذا المهرجان السينمائي الدولي في المملكة، وقالت: «أشعر بفخر شديد بأن يكون لدينا مثل هذا المهرجان الدولي، ويكون لدينا هذا الاهتمام والاحتفال بالسينما؛ نحن نفتح صفحة جديدة في تاريخنا».
ويكرم المهرجان المنصور التي تُعد من الأسماء البارزة في صناعة السينما السعودية والعربية والعالمية، وذلك اعترافاً بإنجازاتها ودورها الريادي في دعم المرأة. وعن التكريم، تشير المنصور إلى أنه يعني لها الشيء الكثير، خاصة أنه في بلدها، وتضيف: «التكريم يعني لي الكثير، لا سيما أن التكريم في بلدي، فهذا شيء جميل، لكن أن أكرم بصفتي امرأة من المهرجان، فهذا يعطي النساء صوتاً». وتابعت المخرجة السعودية: «متلهفة لمشاهدة كثير من الأفلام في المهرجان».

نادية الجندي
ومن جانبها، وصفت الفنانة المصرية نادية الجندي تجربة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بالمبهرة، مبينة لـ«الشرق الأوسط» أن إقامة المهرجان أثبت حدوث نهضة سينمائية وفنية كبيرة في السعودية. وعبرت عن سعادتها بلقاء الشعب السعودي، مشيرة إلى التقدم الباهر الذي لمسته في السعودية، والحماس الذي واكب هذا التقدم للحصول على التميز في كل الأعمال.

لبلبة
الفنانة القديرة لبلبة بدورها وصفت المهرجان بـ«الرائع»، خصوصاً أنه أول مهرجان سينمائي عالمي يقام في السعودية، ويتم فيه دعوة كبار النجوم. وعبرت الفنانة في حديث لـ«الشرق الأوسط» في أثناء سيرها على السجاد الأحمر عن إعجابها بجمال المكان، وعبق معالمه التاريخية الذي زاد المهرجان ثراء، على حد تعبيرها، وأضافت: «أشعر بأنني أطير على السجادة الحمراء».

هالة صدقي
وفي أثناء مرور الفنانة هالة صدقي على السجادة الحمراء، كانت ملامح السعادة والامتنان بادية على محياها، وقالت في حديث مقتضب لـ«الشرق الأوسط»: «أنا سعيدة بنجاح صناعة السينما. وكوننا نتقابل بجدة في أول مهرجان سينمائي عالمي وجهاً لوجه، فهذا يُعد انتصاراً كبيراً للفن والحرية والإبداع».

عمر السعيد
ومن جهته، أعرب الفنان المصري عمر السعيد عن إعجابه بالتطور الكبير الذي حققته السعودية في مرحلة كبيرة على المستويات كافة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد حِراك كبير في السعودية، وإصرار كبير على النجاح، وذلك بعزيمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان القوية، وجهود الشعب السعودي الذي أكد أنه قادر على فعل كل ما يمكن لتحقيق النجاح».
وعن صناعة السينما السعودية، أشاد السعيد بالقائمين عليها، مثل المخرجة هيفاء المنصور وعهد كامل، والمنتج محمد التركي، الذين استطاعوا من خلال موهبتهم وعزيمتهم من قبل وجود منظومة تساعدهم على النجاح الوصول إلى هذه المرحلة المتميزة.

إبراهيم حجاج
وأبدى الممثل إبراهيم حجاج الذي قام بدور «قحص» في مسلسل «رشاش» عن سعادته بإقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي تمنى له الاستمرارية على مدار السنوات المقبلة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن فرحة السعوديين بإقامة هذا المهرجان لا توصف، وذلك منذ أول ساعاته، وهو ما يمثل انتصاراً وتحدياً لكل الظروف التي تعيق الوصول إلى العالمية.

خالد صقر
وفي أثناء مرور الممثل السعودي خالد صقر، الحائز على جائزة أفضل ممثل في مهرجان الشباب للأفلام عن فيلم «عطوى» الذي عرض في مهرجان برلين الدولي للأفلام القصيرة، مع زوجته الممثلة إلهام علي، فوق السجادة الحمراء، التقت به «الشرق الأوسط»، وسألته عن إحساسه في أثناء تعنيفه لـ«لينا» في مسلسل «اختطاف» الذي عُرض مؤخراً، والذي كانت تؤدي فيه زوجته إلهام دور الفتاة المختطفة، فقال: «في أثناء تمثيل المشاهد، كنت أشعر بحماس العمل. ولكن بعد عرضه ومشاهدته، وجدت أني كنت قاسياً جداً على لينا، ونسيت أنها زوجتي». وأضاف ممازحاً: «عشان أرضيها جينا سوا المهرجان، ومشيتها على السجادة الحمراء». وتحدث عن مدى فخره واعتزازه بإقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، مشيراً إلى أن صناع السينما في السعودية سعادتهم تفوق الوصف، وما شاهدوه فتح لهم باب أمل في أن القادم أكبر وأجمل.
ومن أبرز الأفلام التي عرضت يوم أمس فيلم «باب الجحيم»، و«تيد كيه»، و«هدى صالون»، و«الغريب»، وغيرها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».