«روج» ريف الحسكة... متطرفات يرهبن «غير الملتزمات» بالنيران والتهديد

شهد مخيم {روج} بريف الحكسة حريقين خلال أسبوع واحد الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
شهد مخيم {روج} بريف الحكسة حريقين خلال أسبوع واحد الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
TT

«روج» ريف الحسكة... متطرفات يرهبن «غير الملتزمات» بالنيران والتهديد

شهد مخيم {روج} بريف الحكسة حريقين خلال أسبوع واحد الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
شهد مخيم {روج} بريف الحكسة حريقين خلال أسبوع واحد الشهر الماضي (الشرق الأوسط)

في مخيم «روج» الخاص بنساء وعائلات مقاتلين سابقين حاربوا إلى جانب «تنظيم داعش» الإرهابي، اندلع حريقان خلال أسبوع واحد الشهر الماضي، وسادت حالة من الخوف والتوتر بين قاطنيه. وسارعت قوى الأمن الداخلي الخاصة بحراسة المخيم إلى توجيه أصابع الاتهام إلى نساء متطرفات بافتعال الحرائق والهجوم على أخريات بحجة عدم الالتزام بقوانين التنظيم الصارمة؛ حيث ترفض المتشددات التقيّد بقوانين إدارة المخيم، وتكررت حالات تهجمهن واعتدائهن على عناصر الأمن.
ويقع مخيم «روج» بريف بلدة المالكية، أو ديريك بحسب تسميتها الكردية، التابعة لمحافظة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا. وهو يضم نحو 800 عائلة أو نحو 2500 نسمة، جميعهم من النساء والأطفال، بما في ذلك لاجئات عراقيات ونازحات سوريات، إضافة إلى نساء أجنبيات متزوجات من «دواعش» يتحدرن من جنسيات غربية وعربية، ومن دول الاتحاد الروسي. وهذا المخيم هو الجزء الثاني أو المشابه لمخيم الهول في الحسكة أيضاً، وقد ظهرت خلال السنوات الماضية صور نساء متشحات بالسواد، ومنتقبات لا يظهر منهنّ شيء سوى عيون حائرة ونظرة تشاؤمية، تحمل كثيراً من الأسئلة حول المستقبل؛ بينما يختلف المشهد في «روج» بعد تحول كثير من النساء فيه ليظهرن دون نقاب يرتدين غطاء رأس ممزوجاً بالألوان وملابس زاهية.
وتحدثت 4 سيدات مقيمات بالمخيم عن كيفية تعرضهن للمضايقات والتهديدات من نساء متطرفات. ولدى حديثها إلى مراسل «الشرق الأوسط»، قالت سارة البالغة من العمر 34 عاماً، والمتحدرة من المغرب، إنها تعيش في المخيم منذ 4 سنوات وقررت خلع السواد والنقاب بإرادتها، لكنها تتعرض باستمرار للمضايقات والتهديدات. وأضافت: «اندلع حريق بخيمة، وكنا نعرف أن نساء نفذن وعيدهنّ. ثم عاد الوضع لطبيعته. وبنفس الأسبوع شهدنا حريقاً ثانياً الشهر الماضي، الأمر الذي نشر حالة من الذعر والخوف».
وذكرت السيدة المغربية التي كانت ترتدي فستاناً أزرق اللون وغطاء رأس وارتسمت علامات الحيرة على وجهها، أن المخيم شهد في الأشهر الماضية حوادث مماثلة، من حرق الخيام والاعتداء على قوى الأمن. وأضافت أنها وغيرها من اللواتي يرفضنّ قوانين التنظيم الصارمة وتطبيق تعليماته: «حقيقة أخشى على حياة أطفالي وحياتي لأنني أسمع تهديدات باستمرار. يقولون إنه إذا تعرضت خيمتي للحرق أو الضرب فلن يساعدني أحد وسيأتي يوم أندم على تركهم». وأضافت: «أكدت (مناصرات داعش)، في كثير من المرات، أن دولة التنظيم ستعود، وسيتم الانتقام من كل الذين خرجوا عن قوانينها».
وتروي زكية، المواطنة الألمانية وأصلها من كوسوفو، كيف طلبت ترحيلها وأطفالها من مخيم «الهول» بعد رفضها ارتداء النقاب والخمار الأسود، ليتم الإتيان بها إلى مخيم «روج»، لكنها تعرضت هنا أيضاً لأحداث مشابهة لما عايشته سابقاً. وتقول في سياق حديثها: «تعبت من هذه الحالة، فلقد أمضيت سنة في (الهول)، وهنا في (روج) أمضيت سنتين، والتهديدات لا تزال تلاحقني. متى سيتم إعادتنا لبلداننا، أريد العودة لألمانيا وأن أعيش حياة طبيعية». وعن نوعية التهديدات التي تتلقاها، كشفت زكية أن النساء يلجأن إلى حرق الخيام بهدف نشر الرعب والقلق. لكنها تابعت: «هؤلاء الناس لن يقرروا لي حياتي، وكيف يجب تربية أطفالي والتحكم بملبسي ومظهري، فأنا سيدة نفسي، ولا سلطان آخر يتحكم بإرادتي».

منع لبس النقاب والخمار
وتشرح مديرة المخيم نورة عبدو أن المخيم مقسم إلى قسمين؛ الأول، وهو المخيم القديم، تأسس سنة 2015. يضم عائلات عراقية وسورية وبعض أفراد العوائل الأجنبية الذين استسلموا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في معاركها ضد «داعش»، شرق الفرات.
ويضم القسم الثاني، وهو منطقة التوسُّع، نحو 400 خيمة يسكنها أكثر من 300 عائلة تم استقبالها من مخيم الهول المكتظ. وتقول المسؤولة الكردية إن جميع النساء القاطنات في هذا القسم هن اللواتي حاولن الهرب، والمتشددات اللاتي اعتدين على نساء أخريات، «واللواتي شاركن في حوادث فوضى، وافتعلن حالات شغب، الأمر الذي دفع الإدارة لوضع قوانين صارمة، بحيث تمنع لبس النقاب والزي الأسود».
وكثير من النساء في المخيم تخلين طواعية عن ارتداء النقاب والخمار الذي يغطي الوجه والكفين، وهو الأمر الذي يجعلهن عرضة للتهديدات في ظل ارتفاع معدلات الجريمة والعنف. ويكافح المسؤولون عن إدارة مخيمات الإيواء لاحتواء ما يقولون إنه التأثير المتزايد لفكر وعقيدة التنظيم المتشدد.
من جهتها، اعتبرت حفيظة، وهي مواطنة هولندية، أن أطفالها يشعرون بالخوف الشديد من النوم ليلاً في المخيم. وهذه السيدة ظهرت ببنطال جينز وبلوزة فاتحة بدون أن تغطي رأسها، قائلة: «وجود الأطفال هنا في هذا المعسكر أمر صعب، نطلب من حكومتنا أخذ هؤلاء الأطفال لتأمين مستقبلهم، أما أنا فلم أعد أكترث بالبقاء هنا أو ترحيلي لبلدي».
بينما وصفت رحمة، وهي مواطنة مصرية تبلغ من العمر 40 سنة وتنحدر من العاصمة القاهرة، حياتها بـ«الكابوس». وأشارت إلى أن آلة الزمن عادت بها وأطفالها الخمسة للسنوات الأولى التي قضوها في مناطق سيطرة «تنظيم داعش» قبل دحره والقضاء عليه ربيع 2018. وقالت: «أخاف كثيراً على بناتي وأبنائي، لقد نجونا من موت محقق، لكن يبدو أن هذا الموت يطاردنا في هذا المخيم، نحن نعيش في حال خوف رهيبة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».