محكمة ليبية تلغي حكماً بإبعاد حفتر من السباق الرئاسي

عودة ترشح الدبيبة تشعل المنافسة وتفجر الجدل حول تكافؤ الفرص

حفتر بعد تقديم أوراق ترشحه في بنغازي يوم 16 نوفمبر (رويترز)
حفتر بعد تقديم أوراق ترشحه في بنغازي يوم 16 نوفمبر (رويترز)
TT

محكمة ليبية تلغي حكماً بإبعاد حفتر من السباق الرئاسي

حفتر بعد تقديم أوراق ترشحه في بنغازي يوم 16 نوفمبر (رويترز)
حفتر بعد تقديم أوراق ترشحه في بنغازي يوم 16 نوفمبر (رويترز)

ألغت محكمة استئناف طرابلس في ليبيا، أمس، حكماً ابتدائياً باستبعاد خليفة حفتر من الانتخابات الرئاسية، فيما أحيت عودة عبد الحميد الدبيبة إلى السباق الرئاسي، مخاوف بعض المتنافسين، وفتحت باب التساؤلات حول مدى تكافؤ الفرص.
وذكرت قناة «ليبيا الأحرار» عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، أن محكمة استئناف طرابلس أبطلت حكم محكمة الزاوية باستبعاد خليفة حفتر، من سباق انتخابات الرئاسة وأعادته إلى المنافسة. وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا قد اعتمدت في 24 من الشهر الماضي القائمة الأولية للمرشحين لسباق الانتخابات الرئاسية، التي ضمت 73 مرشحاً من أصل 98 مترشحاً. وقالت المفوضية إنها استبعدت 25 مترشحاً لعدم انطباق شروط الترشح عليهم.
من جهة أخرى، أحيت عودة ترشح الدبيبة إلى السباق الرئاسي، مخاوف بعض المتنافسين، خصوصاً في المنطقة الغربية، في وقت رأى سياسيون أن الدبيبة، الذي ترأس حكومة «الوحدة الوطنية» منذ تسعة أشهر تقريباً، لديه إمكانات لم تتوفر لأحد من المرشحين، أقلها المال ورصيد من المبادرات التي أطلقها مؤخراً واستهدفت فئة الشباب وتم تمويلها من أموال الدولة.
ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر أحويلي، أن عودة المستبعدين، خصوصاً الدبيبة، وبدرجة ما سيف الإسلام القذافي، للسباق الرئاسي، قد أشعلت مناخ المنافسة، خصوصاً بين المرشحين عن المنطقة الغربية، بغض النظر عن انعقاد الانتخابات أم لا.
ورأى أحويلي لـ«الشرق الأوسط»، أن الدبيبة يعد الأكثر حظوظاً، نظراً لاستفادته من موقعه في السلطة عبر إصدار قرارات ودعم مبادرات اجتماعية غير تنموية، قدمت لشريحة الشباب تم تمويلها بأموال الدولة، وهو ما جعل البعض يرددون أنه بدأ حملته الدعائية للرئاسة فور توليه موقعه كرئيس للحكومة. وأضاف: «هذا فضلاً عن تبعية أغلب التشكيلات العسكرية بالعاصمة له، وأيضاً دعم كبار الرأسماليين الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة بأسرته المتجذرة في مجال التجارة وقطاع الأعمال (…)، أما نجل العقيد الراحل معمر القذافي فيعتمد على أنصار والده، بالإضافة لشرائح واسعة تفتقد ماضياً أكثر استقراراً من حاضرهم». وتابع: «إذا افترضنا أن الدبيبة سيلجأ للاعتماد على مناصرة مدينته مصراتة، فهناك مرشحون آخرون ممن قدموا الطعن ضد ترشحه ينتمون إلى المدينة ذاتها، وعقلاء هذه المدينة لن يختلفوا أو يقاتلوا بعضهم بعضاً مهما حدث».
ورجح أن يستمر التنافس فيما بين هؤلاء المتنافسين جميعاً في إطار «المواجهة الإعلامية الشرسة أو عبر تفجير قضايا وكشف وثائق ومعلومات تدين بدرجة أي شخصية منهم». وكان كل من المرشحين فتحي باشاغا، وعارف النايض، وعثمان عبد الجليل، قد قدموا طعوناً ضد ترشح الدبيبة.
وفيما يتعلق بالتحالفات المتوقعة، استبعد أحويلي، ما يُطرح حول احتمال تحالف باشاغا مع سيف القذافي بهدف مواجهة الدبيبة، في حال تأهل أي منهما للجولة الثانية، وقال: «باشاغا قام قبل أشهر قليلة بعقد حوارات مع من يصفون بالصف الثاني من (تيار سبتمبر)، وهؤلاء بالأساس يُحملون سيف الإسلام مسؤولية خراب البلاد كونه من أرجع جماعة (الإخوان) للمشهد السياسي في ليبيا، التي كان لها دور كبير في نهاية المطاف في إسقاط نظام والده».
أما الباحث الليبي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، فرج زيدان، فتوقع أن تتركز أي تحالفات انتخابية، خصوصاً قبيل الجولة الثانية للسباق الرئاسي بين «مرشح من الشرق ونظير له من الغرب». وقال زيدان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «لا يمكن تجاهل المنطقة الشرقية بما تمثله من أهمية اقتصادية، أو إهمال القوى الموجودة بها عند الحديث عن عقد أي تحالفات».
ويرى زيدان أن «ارتباط عدد غير هين من المرشحين بالغرب الليبي بدرجة أو بأخرى بالتشكيلات المسلحة المنتشرة هناك، لا يعني حتمية توظيفها في المشهد الانتخابي في إطار تصفية الحسابات مع الخصوم كما يروج البعض»، موضحاً أن «إقحام تلك التشكيلات بأي حادث له علاقة بالانتخابات، سيُعد انتحاراً سياسياً للمرشحين المرتبطين بهم». وتابع قائلاً: «التنافس سوف يستمر بشكله الراهن، خصوصاً عبر توظيف الجيوش الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يصل الأمر لهجوم سيبراني لمواقع مرشح ما، وغير بعيد عن هذا قد يكون هناك استخدام واسع للمال السياسي».
أما عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط، فذهب إلى أن «الدبيبة الذي يعده البعض أبرز مرشحي الغرب وفقاً لمعطيات اللحظة الراهنة، لن يغامر بإصدار أي قرار يُشتمُ منه تصفية حسابات مع أي مرشح آخر، وهذا سواء جرت الانتخابات في موعدها أم تم تأجيلها». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» توقع قزيط، «قيام الدبيبة بحصار من قدموا طعوناً ضده وعقده بعض التسويات لاحتواء بعض مناصريهم، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى إضعاف أي معارضة له».
واعتبر قزيط أن ترشح ما يقرب من 50 مرشحاً من الغرب يعد «دلالة على إخفاق الحليف التركي عن إيجاد توافق بينهم للدفع بمرشح واحد، أو حتى عدد محدود منهم، ما قد يصب في النهاية لصالح المرشح خليفة حفتر (القائد العام للجيش الوطني المتنحي مؤقتاً)، أو سيف القذافي، اللذين يحظيان بكتلة تصويتية صلبة، وإن لم تكن كبيرة، وقد يتأهل أي منهما لخوض الجولة الثانية».
وفيما يتعلق بموقف تيار «الإسلام السياسي» من مرشحي الغرب، يرى قزيط أن هذا التيار ينتظر ويراقب ليتحالف في النهاية مع الأكثر حظوظاً منهم، منوهاً بأن «قوة هذا التيار ليست في كتلة ناخبيه على الإطلاق، وإنما في قدرته على إدارة المشهد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».