شركاء ميقاتي يطيحون مشروعه لـ«الكابيتال كونترول» في البرلمان

TT

شركاء ميقاتي يطيحون مشروعه لـ«الكابيتال كونترول» في البرلمان

فشلت القوى السياسية اللبنانية مرة جديدة، أمس، في الاتفاق على مشروع لـ«الكابيتال كونترول» بعد 3 سنوات على انفجار الأزمة المالية - الاقتصادية التي تضرب البلاد، بعد تبرؤ الأطراف الممثلة في الحكومة من مشروع القانون الذي قدّمه نائب مقرب من رئيسها نجيب ميقاتي للبرلمان الأسبوع الماضي، بسبب عجز الحكومة عن الاجتماع ورغبة ميقاتي في تمرير المشروع.
ولم يمر اقتراح قانون الكابيتال كونترول في اجتماع لجنتي المال والموازنة والإدارة والعدل الذي عقد يوم أمس، ما قطع الطريق أمام طرحه في جلسة البرلمان التشريعية، اليوم (الثلاثاء)، كما كان مقرراً، وعزا ممثلو الكتل النيابية رفضهم للاقتراح، كونه «يمس بحقوق المودعين»، مطالبين مجلس الوزراء بتقديم خطة اقتصادية وتحديد أرقام الخسائر بشكل دقيق، ليبنى على الأمر مقتضاه.
وعقدت اللجنتان، يوم أمس، جلسة مشتركة في مجلس النواب برئاسة نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزير المال يوسف خليل، وعدد كبير من النواب وممثلين للإدارات المعنية، وبحثت في اقتراح قانون الكابيتال كونترول الذي يهدف إلى وضع ضوابط على التحاويل المصرفية، والذي قدمته الحكومة الأسبوع الماضي، وهو الثالث من نوعه، بعدما كانت قد أنجزت كل من لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة مشروعاً منفصلاً، ولم يجدا طريقهما إلى البحث والإقرار.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري في طليعة من سحبوا «الثقة» من الاقتراح بعد نهاية الجلسة التي لم يحضرها، معلناً أنه شدد على «ضرورة أن يتضمن أي قانون يتعلق بـ(الكابيتال كونترول) بداية حفظ حقوق المودعين قبل أي بحث آخر»، ولفت المكتب الإعلامي لبري إلى أن «هذا الموقف كان قد أكد عليه رئيس المجلس، منذ أن توقفت المصارف اللبنانية عن الدفع للمودعين، وذلك في جلسة كانت قد عقدت في القصر الجمهوري، في حضور حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، أثناء حكومة الرئيس حسان دياب، وبرئاسة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».
وبدوره، قال الفرزلي إن النواب أجمعوا «على نقطة مركزية، هي هاجسنا الرئيسي؛ حقوق المودعين، وهذه هي المسألة المركزية التي يتمسك المجلس بها ويعلن استعداده للنقاش والبحث في أي شيء على الإطلاق».
كذلك طالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أن يبنى المشروع على أرقام دقيقة، وعلى مصرف لبنان والحكومة أن يلتزما بإحالتها على المجلس النيابي ضمن خطة واضحة»، مؤكداً: «لم يمر قانون الكابيتال كونترول الذي استجد من خارج السياق النيابي والنظامي، والذي كاد يكرس الاستنسابية من جديد على حساب حقوق المودعين».
ولفت كنعان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدم مرور الاقتراح في اللجان، يوم أمس، يعني أنه قطع الطريق أمام بحثه في جلسة اليوم في البرلمان، موضحاً: «أسقطوا هذا المشروع من خارج الإطار النيابي والمؤسساتي، كما أنه لم يحل بالطريقة الدستورية المطلوبة بعدما قالوا لنا إنه يتوافق مع شروط صندوق النقد الدولي وأنجز بالتنسيق معه، لنكتشف خلال بحثه أنه لا علاقة للصندوق به، باعتراف نائب رئيس الحكومة سعد الشامي». وأبرز الملاحظات التي وضعتها اللجان المشتركة على المشروع هي بحسب كنعان «أنها أعادت كل الصلاحيات للمصرف المركزي، وذلك على حساب المودع الذي لا بد أن نمنحه حقوقه، كما أنه يتعارض مع ما كنا قد عملنا عليه في اللجنتين في الفترة السابقة».
وعن الخطوات المقبلة، وعما إذا كان هذا الأمر أطاح بالبند المتعلق في البحث بـ«الكابيتال كونترول» في جلسة البرلمان اليوم، يقول كنعان: «عدم مرور هذا المشروع اليوم يعني أنه لم يعد أمام المجلس ما يبحثه في جلسته (اليوم)، وبالتالي سيكون أمام الحكومة أسبوع، لتقدم ما طلبته اللجان، وتحديداً الأرقام المرتبطة بالخسائر ليبنى على الشيء مقتضاه».
وبعد الجلسة، رفض رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان ما أسماه بـ«شرعنة المخالفات»، مؤكداً: «يجب أن تحصل محاسبات، وأن تتوزع المسؤوليات، وأن يحاسب كل مرتكب بما قام به»، مشيراً إلى «أن المودع لديه وديعة في المصرف، فإما أن يتم ردها بالسعر الذي وضعت على أساسه، وإما أن تدفع بالسعر الموازي». وشدد على أن كل القوانين التي ستخرج من المجلس النيابي يجب أن تكون جزءاً من هذه الخطة الشاملة، ويجب أن نعلم من سيتحمل الخسائر، ونحن هنا أمام أرقام كبرى، وطبعاً ليس على المودع أن يتحملها.
وأكد «أن قانون الكابيتل كونترول يجب أن يراعي أمرين، أولاً حقوق المودع، وثانياً حتى يكون قانوناً فعالاً ومجدياً يجب أن يكون ضمن خطة شاملة تقرها الحكومة وتتضمن أرقاماً، وأي قانون يشرع المخالفات التي ارتكب في الماضي من المستحيل أن نقبل به». وسأل: «نحن أمام خسائر كبرى، فما حصة الدولة منها؟ ما حصة مصرف لبنان؟ وما حصة المصارف؟ المودع لن يتحمل أي جزء من هذه الخسائر».
من جهته، تحدث النائب علي حسن خليل عن الملاحظات على الاقتراح المقدم من النائب نقولا نحاس، وهي «مرتبطة أولاً بحقّ السحوبات بالدولار وباللبناني، وضرورة تحديدها، والاستثناءات حول التحويلات إلى الخارج»، معتبراً أنها «تريد أن تفتح باب دعم جديد للتجار، بما يسمح بتهريب ما تبقى من أموال بالعملات الأجنبية في المصارف اللبنانية». وأضاف: «الأمر الأخطر هو المرجعية القضائية، فالمادة الثامنة التي هربت بما يغطي على المصارف على حساب المودعين في التقاضي وفي المطالبة بحقوقهم. نحن لا نريد ضرب القطاع المصرفي، لكن بنفس الوقت لا نسمح بأن يغطي نفسه بقانون من فعلنا، يغطي أيضاً على كل ما ارتكب بحق المودعين خلال الفترة الماضية».
ورأى أن «الأهم والأخطر أن القانون كله لم يتطرق إلى مصير الأموال المحولة إلى الخارج بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019»، متحدثاً عن «تناقض واضح بأفكار الكتل. مرة نطالب بـ(الكابيتال كونترول)، ومرة نقف ضده، ومرة نطالب بحقوق المودعين، ومرة نريد أن نرى ماذا تريد المصارف».
وكانت رابطة المودعين قد أعلنت في بيان لها عن جملة ملاحظات على المشروع، معتبرة أنه كرّس خلافاً للدستور اللبناني وللقوانين المرعية الإجراء كافة التفريق بين المودعين وودائعهم عبر تشريع «الأموال الجديدة» والمفاضلة بينها وبين الودائع التي تحتجزها المصارف. وانتقدت «حصر تسديد الودائع بالليرة على سعر صرف منصة صيرفة، التي هي أدنى بكثير من سعر السوق، ما سيؤدي إلى تكبيد المودعين اقتطاعات إضافية من ودائعهم».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.