شركاء ميقاتي يطيحون مشروعه لـ«الكابيتال كونترول» في البرلمان

TT
20

شركاء ميقاتي يطيحون مشروعه لـ«الكابيتال كونترول» في البرلمان

فشلت القوى السياسية اللبنانية مرة جديدة، أمس، في الاتفاق على مشروع لـ«الكابيتال كونترول» بعد 3 سنوات على انفجار الأزمة المالية - الاقتصادية التي تضرب البلاد، بعد تبرؤ الأطراف الممثلة في الحكومة من مشروع القانون الذي قدّمه نائب مقرب من رئيسها نجيب ميقاتي للبرلمان الأسبوع الماضي، بسبب عجز الحكومة عن الاجتماع ورغبة ميقاتي في تمرير المشروع.
ولم يمر اقتراح قانون الكابيتال كونترول في اجتماع لجنتي المال والموازنة والإدارة والعدل الذي عقد يوم أمس، ما قطع الطريق أمام طرحه في جلسة البرلمان التشريعية، اليوم (الثلاثاء)، كما كان مقرراً، وعزا ممثلو الكتل النيابية رفضهم للاقتراح، كونه «يمس بحقوق المودعين»، مطالبين مجلس الوزراء بتقديم خطة اقتصادية وتحديد أرقام الخسائر بشكل دقيق، ليبنى على الأمر مقتضاه.
وعقدت اللجنتان، يوم أمس، جلسة مشتركة في مجلس النواب برئاسة نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزير المال يوسف خليل، وعدد كبير من النواب وممثلين للإدارات المعنية، وبحثت في اقتراح قانون الكابيتال كونترول الذي يهدف إلى وضع ضوابط على التحاويل المصرفية، والذي قدمته الحكومة الأسبوع الماضي، وهو الثالث من نوعه، بعدما كانت قد أنجزت كل من لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة مشروعاً منفصلاً، ولم يجدا طريقهما إلى البحث والإقرار.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري في طليعة من سحبوا «الثقة» من الاقتراح بعد نهاية الجلسة التي لم يحضرها، معلناً أنه شدد على «ضرورة أن يتضمن أي قانون يتعلق بـ(الكابيتال كونترول) بداية حفظ حقوق المودعين قبل أي بحث آخر»، ولفت المكتب الإعلامي لبري إلى أن «هذا الموقف كان قد أكد عليه رئيس المجلس، منذ أن توقفت المصارف اللبنانية عن الدفع للمودعين، وذلك في جلسة كانت قد عقدت في القصر الجمهوري، في حضور حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، أثناء حكومة الرئيس حسان دياب، وبرئاسة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».
وبدوره، قال الفرزلي إن النواب أجمعوا «على نقطة مركزية، هي هاجسنا الرئيسي؛ حقوق المودعين، وهذه هي المسألة المركزية التي يتمسك المجلس بها ويعلن استعداده للنقاش والبحث في أي شيء على الإطلاق».
كذلك طالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أن يبنى المشروع على أرقام دقيقة، وعلى مصرف لبنان والحكومة أن يلتزما بإحالتها على المجلس النيابي ضمن خطة واضحة»، مؤكداً: «لم يمر قانون الكابيتال كونترول الذي استجد من خارج السياق النيابي والنظامي، والذي كاد يكرس الاستنسابية من جديد على حساب حقوق المودعين».
ولفت كنعان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدم مرور الاقتراح في اللجان، يوم أمس، يعني أنه قطع الطريق أمام بحثه في جلسة اليوم في البرلمان، موضحاً: «أسقطوا هذا المشروع من خارج الإطار النيابي والمؤسساتي، كما أنه لم يحل بالطريقة الدستورية المطلوبة بعدما قالوا لنا إنه يتوافق مع شروط صندوق النقد الدولي وأنجز بالتنسيق معه، لنكتشف خلال بحثه أنه لا علاقة للصندوق به، باعتراف نائب رئيس الحكومة سعد الشامي». وأبرز الملاحظات التي وضعتها اللجان المشتركة على المشروع هي بحسب كنعان «أنها أعادت كل الصلاحيات للمصرف المركزي، وذلك على حساب المودع الذي لا بد أن نمنحه حقوقه، كما أنه يتعارض مع ما كنا قد عملنا عليه في اللجنتين في الفترة السابقة».
وعن الخطوات المقبلة، وعما إذا كان هذا الأمر أطاح بالبند المتعلق في البحث بـ«الكابيتال كونترول» في جلسة البرلمان اليوم، يقول كنعان: «عدم مرور هذا المشروع اليوم يعني أنه لم يعد أمام المجلس ما يبحثه في جلسته (اليوم)، وبالتالي سيكون أمام الحكومة أسبوع، لتقدم ما طلبته اللجان، وتحديداً الأرقام المرتبطة بالخسائر ليبنى على الشيء مقتضاه».
وبعد الجلسة، رفض رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان ما أسماه بـ«شرعنة المخالفات»، مؤكداً: «يجب أن تحصل محاسبات، وأن تتوزع المسؤوليات، وأن يحاسب كل مرتكب بما قام به»، مشيراً إلى «أن المودع لديه وديعة في المصرف، فإما أن يتم ردها بالسعر الذي وضعت على أساسه، وإما أن تدفع بالسعر الموازي». وشدد على أن كل القوانين التي ستخرج من المجلس النيابي يجب أن تكون جزءاً من هذه الخطة الشاملة، ويجب أن نعلم من سيتحمل الخسائر، ونحن هنا أمام أرقام كبرى، وطبعاً ليس على المودع أن يتحملها.
وأكد «أن قانون الكابيتل كونترول يجب أن يراعي أمرين، أولاً حقوق المودع، وثانياً حتى يكون قانوناً فعالاً ومجدياً يجب أن يكون ضمن خطة شاملة تقرها الحكومة وتتضمن أرقاماً، وأي قانون يشرع المخالفات التي ارتكب في الماضي من المستحيل أن نقبل به». وسأل: «نحن أمام خسائر كبرى، فما حصة الدولة منها؟ ما حصة مصرف لبنان؟ وما حصة المصارف؟ المودع لن يتحمل أي جزء من هذه الخسائر».
من جهته، تحدث النائب علي حسن خليل عن الملاحظات على الاقتراح المقدم من النائب نقولا نحاس، وهي «مرتبطة أولاً بحقّ السحوبات بالدولار وباللبناني، وضرورة تحديدها، والاستثناءات حول التحويلات إلى الخارج»، معتبراً أنها «تريد أن تفتح باب دعم جديد للتجار، بما يسمح بتهريب ما تبقى من أموال بالعملات الأجنبية في المصارف اللبنانية». وأضاف: «الأمر الأخطر هو المرجعية القضائية، فالمادة الثامنة التي هربت بما يغطي على المصارف على حساب المودعين في التقاضي وفي المطالبة بحقوقهم. نحن لا نريد ضرب القطاع المصرفي، لكن بنفس الوقت لا نسمح بأن يغطي نفسه بقانون من فعلنا، يغطي أيضاً على كل ما ارتكب بحق المودعين خلال الفترة الماضية».
ورأى أن «الأهم والأخطر أن القانون كله لم يتطرق إلى مصير الأموال المحولة إلى الخارج بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019»، متحدثاً عن «تناقض واضح بأفكار الكتل. مرة نطالب بـ(الكابيتال كونترول)، ومرة نقف ضده، ومرة نطالب بحقوق المودعين، ومرة نريد أن نرى ماذا تريد المصارف».
وكانت رابطة المودعين قد أعلنت في بيان لها عن جملة ملاحظات على المشروع، معتبرة أنه كرّس خلافاً للدستور اللبناني وللقوانين المرعية الإجراء كافة التفريق بين المودعين وودائعهم عبر تشريع «الأموال الجديدة» والمفاضلة بينها وبين الودائع التي تحتجزها المصارف. وانتقدت «حصر تسديد الودائع بالليرة على سعر صرف منصة صيرفة، التي هي أدنى بكثير من سعر السوق، ما سيؤدي إلى تكبيد المودعين اقتطاعات إضافية من ودائعهم».



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.