مشروعات جديدة تفتح شهية الطبقة المتوسطة للسكن شرق القاهرة

استمرار البناء في الضواحي الغربية رغم تغير مزاج المشترين

مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})
مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})
TT

مشروعات جديدة تفتح شهية الطبقة المتوسطة للسكن شرق القاهرة

مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})
مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})

يجلس حسين التهامي الموظف في بنك تابع للقطاع الخاص، ويبلغ من العمر 43 عاما، في نادي وادي دجلة فرع المعادي بشرق القاهرة، وسط أصدقائه ليعرض عليهم أسعار الشقق والأراضي المحيطة بالمنطقة. فبعد سنوات من افتتانها بالاستثمار والسكن في ضواحي «الشيخ زايد» و«أكتوبر» في غرب القاهرة، تتجه أنظار الطبقة المتوسطة إلى المناطق الشرقية من العاصمة المصرية.
تبدو خطط إقامة مشروع «عاصمة إدارية» شرق العاصمة الحالية كافية لفتح شهية هذه الطبقة للزحف ناحية طريق السويس، كما يقول حسين محمود، الخبير العقاري في إحدى الشركات الخاصة. ومع ذلك يشير إلى استمرار إقامة العقارات في الضواحي الكبرى غرب القاهرة، خصوصا في «الشيخ زايد» و«السادس من أكتوبر»، رغم تغير مزاج المشترين.
كثير من الشركات العقارية، المصرية والخليجية، تواصل توقيع اتفاقات البناء التي تتجه شرقا أيضا، بعد أن كانت تركز نشاطها على مناطق الغرب القاهرة أو في الضواحي القريبة مثل المقطم والنهضة ومدينة نصر. ويعتقد كثيرٌ ممن لديهم مدخرات ويسعون لوضع أموالهم في عقارات بالمناطق الشرقية من العاصمة، أن هذا سوف يحقق لهم عوائد جيدة، كما يذكر أحد السماسرة العقاريين: «المستقبل يبدأ من هنا، حيث المعادي، والتجمع الخامس.. المستقبل يمتد حتى العاصمة الجديدة».
ستبلغ الكلفة الإجمالية لمشروع العاصمة المقترحة أكثر من 300 مليار دولار، وفقا لما ذكره مستثمرون على هامش مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي عقد الشهر الماضي على البحر الأحمر. تسعى شركات مصرية تمتلك أراضي في شرق القاهرة للتعاون مع مستثمرين عقاريين من دول الخليج، للتوسع في بناء العقارات السكنية على طريق القاهرة السويس، وهي مناطق قريبة من مشروع العاصمة المزمعة.
على سبيل المثال جرى هذا الأسبوع توقيع مذكرة تفاهم بين شركة «بالم هيلز»، وشركة «مدينة نصر للإسكان»، لإقامة منطقة سكن متكاملة الخدمات على مساحة تبلغ نحو 100 فدان، من ضمن الأراضي التي تملكها الشركة في تلك المنطقة وتقدر بنحو 5 ملايين متر مربع.
وتدور أسعار صفوف طويلة من العمارات التي يبلغ ارتفاعها 5 طوابق إلى 12 طابقا، بين 400 ألف جنيه و800 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 7.60 جنيه)، في الامتدادات الجديدة في «وادي دجلة» و«زهراء المعادي» و«المعراج» و«خلف كارفور». وتبدو أسعار الشقق هنا متقاربة حتى بالنسبة إلى منطقة راقية مثل التجمع الخامس. مثلا توجد شقة «نصف تشطيب» في الطابق الرابع بمنطقة «فاطمة الشربتلي»، مساحتها 160 مترا مربعا، وفيها 3 غرف وسعرها 850 ألف جنيه.
وبعد هذه المنطقة بعدة كيلومترات، أي بجوار «قطامية ديونز» توجد عروض لشقق في مناطق سكنية مغلقة (كمبوند) بأسعار تزيد على مليون جنيه للشقة لكن بتسهيلات مثل سداد 15 في المائة من قيمتها عند التعاقد وسداد الباقي على دفعات حتى تسلم الشقة بنهاية عام 2017.
يقول أحد أصدقاء التهامي وقد اقتنع بفكرة شراء شقة في «زهراء المعادي» تبلغ مساحتها 300 متر مربع: «الأمر يبدو وكأن شرق القاهرة كان على موعد مع مشروع العاصمة الجديدة»، ويشير بيده إلى الآلات الضخمة التي تقطع الصخور من الجبل الواقع شرق المعادي استعدادا لإقامة توسعات جديدة، عقارات ومدارس ونوادٍ.
يوجد امتداد سكني وتجاري كبير لضاحية المعادي الراقية، يتمثل في منطقتي «زهراء المعادي» و«المعادي الجديدة»، لكن الطرق التي جرى مدها في السنوات الماضية ومنها «الطريق الدائري» ومحاور «سعد الدين الشاذلي» و«المشير طنطاوي»، جعلت الضواحي يقترب بعضها من بعض، وتصل بسهولة حتى مناطق راقية يسكنها الصفوة، وفيها ملاعب غولف وأماكن ترفيهية عالمية، مثل «مرتفعات القطامية» و«مدينتي»، ومن بعدها تمتد الأراضي التي ستقام عليها العاصمة الإدارية الجديدة، على بعد نحو 40 كيلومترا.
التهامي، مثل كثير من أبناء الطبقة فوق المتوسطة بمصر، لديه هواجس حول المستقبل ولذلك يحرص على توفير الضمانات التي تحقق له الاستمرار في نفس المستوى المعيشي له ولأولاده. لديه زوجة وولد وبنت في مراحل التعليم قبل الثانوي. عمل في الماضي لمدة 10 سنوات في الكويت، ويمتلك شقة مساحتها نحو 250 مترا مربعا، في «أكتوبر» التي تبعد عن قلب القاهرة بنحو 30 كيلومترا، لكنه لم يسكن فيها حتى اليوم منذ اشتراها حين كان في الكويت.
ورث عن أسرته شقة أخرى في منطقة إمبابة الشعبية القريبة من العاصمة، وهي مغلقة في الوقت الحالي، كما يفعل غالبية المصريين. ويقول إنه يتركها «للزمن.. الأولاد لديهم متطلبات حين يدخلون الجامعة، ولا أريد أن أفرط في شقة أكتوبر».
يقول الخبير العقاري، محمود، إن مواقع سماسرة الشقق السكنية ومواقع التواصل الاجتماعي ساعدت كثيرا في لفت انتباه الطبقة فوق المتوسطة، أي من موظفي البنوك وشركات البترول وغيرهم، للفرص الجديدة في شرق القاهرة. «الإقامة هنا تعد استثمارا غير مباشر أيضا.. مثلا كان المتر المربع في الشقة متوسطة التشطيب لا يزيد عن 1200 جنيه منذ عامين. اليوم لا يقل السعر عن 2500 جنيه لمن يدفع (كاش) و2700 جنيه لمن يسدد نصف الثمن ويقسط الباقي على سنة أو 18 شهرا».
ويضيف أن كثيرا من أصحاب المدخرات يتخوفون من ثبات الأسعار في «الشيخ زايد» و«أكتوبر»، بعد أن ظلت قيمة العقارات هناك تأخذ منحى تصاعديا لعدة سنوات.. «أعتقد أن الأسعار هناك وصلت إلى مرحلة التشبع حاليا. وجاء الدور على المناطق الجديدة شرقا. المساحات مفتوحة والظهير الصحراوي يمتد حتى أرض مشروع العاصمة الجديدة.. المنطقة هنا ستزداد أهمية».
ومع أن شركة «مدينة نصر للإسكان» لديها مشروعات في أكتوبر، وغيرها من مناطق غرب ووسط القاهرة، إلا أنها ترى أن اتجاهها شرقا لن يؤثر على استثماراتها الأخرى، كما يقول أحد المسؤولين في الشركة: «بل هو أمر إيجابي. لا نخشى من تراجع الطلب». ويعبر المهندس أحمد الهياتمي، مدير الشركة، عن تفاؤله بخصوص توقيع المذكرة الخاصة بالمشروع السكني قرب موقع العاصمة الجديدة.
وتملك «بالم هيلز» مثل شركة النصر وشركات أخرى، مشروعات في شرق القاهرة وفي غربها أيضا. يقول أحد المسؤولين في الشركة إن سوق العقارات بمصر تنمو بشكل سريع. لا يمكن القول في الوقت الراهن إن مناطق شرق العاصمة ستكون أفضل من المشروعات الموجودة في الغرب. ما زال يوجد تنافس قوي في أكتوبر وفي الأراضي التي يجري عليها توسعات هناك في الوقت الحالي.
طارق عبد الرحمن، الرئيس التنفيذي المشارك لـ«بالم هيلز» يرى أن المذكرة التي جرى توقيعها مع «النصر» تأتي في إطار «استراتيجية (بالم هيلز) للتوسع في مشروعاتها بشرق وغرب القاهرة وضخ مزيد من الاستثمارات لتحقيق طفرة نوعية في القطاع العقاري» بمصر.
يحاول كثير من الشركات الأخرى التي لديها مشروعات عقارية وتجارية ضخمة في غرب القاهرة إجراء توسعات جديدة في المواقع المحيطة بها، ومنح تسهيلات في السداد لراغبي السكن والاستثمار، مع إعلانات تقول إن الطرق إلى قلب القاهرة من الناحية الغربية أسهل منها في المنطقة الشرقية، وبغض النظر عن حقيقة هذا الأمر فإنه يعد إشارة مغرية لمن يمضون وقتا طويلا في سياراتهم بسبب الازدحام المعتاد على مداخل العاصمة.
رغم كل شيء لم تتوقف حركة البناء حول منطقتي الشيخ زايد وأكتوبر. حركة دائبة للمعاول والرافعات وخلاطات الإسمنت. مجمعات سكنية مستحدثة منها «نيو جيزة» و«الزمالك الجديدة» إضافة إلى مركز تجاري عملاق ما زال في طور الإنشاء يقع أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، وغيرها من المنشآت.
لكن، ومع كل ذلك، ما زالت صفوف من الفيلات التي تتكون من طابقين أو ثلاثة خاوية وتبحث عن مشترين، بعد أن بالغ أصحابها على ما يبدو في تقدير أسعار البيع التي يتراوح بعضها بين 3 ملايين جنيه و6 ملايين جنيه للفيلا الواحدة. أما بالنسبة إلى الشقق فيوجد كثير منها مغلق وينتظر أصحابها، مثل «التهامي»، تحرك الأسعار مستقبلا.
حين عاد من الكويت قبل سنة، ورغم ما كانت تبثه وسائل الإعلام عن الاضطرابات الأمنية والسياسية، فإن «التهامي» وجد عجلة البناء تدور بسرعة كبيرة مع صبح كل يوم. وقبل أن يقرر السكن في شقة أكتوبر، بجوار القصور والمجمعات السكنية الفاخرة، وجد أن مدخراته تكفي للتفكير في اقتناء شقة شرق العاصمة مع الإبقاء على شقتي «أكتوبر» و«إمبابة» لنفس المبرر المصري الشهير «من أجل الأولاد والمستقبل».



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».