الفحص الفني بالسعودية ينجز جملة مميزات وطنية جعلته من أفضل البرامج المطبقة دوليا

الدكتور الجهني: الرقابة من المرور متحققة ومنتشرون في 26 مدينة والتوسع مستمر

إحدى محطات الفحص الفني أثناء ممارسة عملها ({الشرق الأوسط})
إحدى محطات الفحص الفني أثناء ممارسة عملها ({الشرق الأوسط})
TT

الفحص الفني بالسعودية ينجز جملة مميزات وطنية جعلته من أفضل البرامج المطبقة دوليا

إحدى محطات الفحص الفني أثناء ممارسة عملها ({الشرق الأوسط})
إحدى محطات الفحص الفني أثناء ممارسة عملها ({الشرق الأوسط})

حقق الفحص الفني في السعودية جملة مميزات وطنية جعلته من أفضل البرامج المطبقة دوليًا، حيث حاز على شهادة الـ«آيزو» العالمية للجودة كأول منشأة فحص في العالم حققت هذا الإنجاز منذ سنوات، كما حاز في عام 2008م على شهادة الـ«آيزو» بنسختها الجديدة كأول منشأة فحص بالعالم تحصل على مثل هذه الشهادة العالمية، وتعد هذه الشهادة من أفضل الشهادات العالمية الخاصة بالمعايير الدولية لتوفير الضمانات المرتبطة بقدرة المنشآت على تلبية متطلبات الجودة وتعزيز رضا المراجعين.
وقال الدكتور حمدان بن نايف الجهني المدير التنفيذي بالفحص الفني الدوري للسيارات بالمملكة، إن طبيعة عمل محطات الفحص الفني الدوري للسيارات، الالتزام بفحص جميع المركبات فحصًا فنيًا دقيقًا لنقاط محددة بالمركبة طبقًا للمواصفات الخليجية والسعودية ذات الصلة لتحقيق ورفع مستوى سلامة المركبة على الطرق العامة من خلال الكشف على مواطن الخلل في المركبة بواسطة أفضل الأجهزة.
وينتهج الفحص على سياسات جودة عالية، وبانفراد الفحص بطبيعة النشاط الخاص به (فحص وسائل السلامة بالمركبات) وفق مقاييس عالمية، فقد توالت الوفود على زيارة محطات الفحص بالمملكة لتشاهد وتقتبس من التطور والتقدم الذي وصلت إليه محطات الفحص بالمملكة وقد استفاد منه كثير من الدول التي أنشأت محطات للفحص شبيه بنظامه، مع العلم بأنه تصل المملكة، وبشكل مستمر، طلبات من دول كثيرة لتقديم خدمات الفحص الفني لديها.
وعن عدد المحطات، قال المدير التنفيذي بالفحص الفني: «يتوافر لدينا حاليا 26 محطة فحص، وسيتم خلال الفترة المقبلة افتتاح محطة الفحص الثانية بالرياض ومحطة الفحص الثانية بجدة.. ونحن نسعى في نشر خدمة محطات الفحص على نطاق أوسع ليشمل كافة مدن ومحافظات المملكة التي لم تغطِها الخدمة وذلك بعد النتائج الجيدة التي حققها في المدن التي افتتحت فيها محطات للفحص.
وأضاف الجهني: «يتوفر في الإدارة العامة للفحص مركز معلومات متكامل وبفضل ربط كافة محطات الفحص المنتشرة في المملكة آليا بمركز المعلومات الرئيسي في الإدارة العامة للفحص يسهل علينا استخراج التقارير والبيانات الإحصائية عن المركبات على مستوى المملكة، ويتوفر لدينا بنك ضخم من المعلومات التاريخية والتراكمية لأي مركبة منذ أول فحص لها في قاعدة البيانات مما جعلنا حاليا من الجهات الفنية المرجعية في المملكة بمجال السيارات وما يتعلق بها لكثير من القطاعات العامة والخاصة وتوفير هذه البيانات للجهات المختصة (بحثية، دراسية، مهنية.. إلخ)».
وتابع: «من ضمن ما يتميز به الفحص تطبيقه أنظمة صارمة للصيانة والمعايرة في جميع محطات ضمن فترات مقررة في مختبرات من قبل شركات محايدة محلية وعالمية، وجميع الأجهزة التي تتم معايرتها تمنح شهادة».
وأكد أن قضايا البيئة أمر مهم والتركيز عليه أصبح ضرورة قصوى تسعى الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء للقضاء على التلوث البيئي، ووسائل النقل المختلفة تعتبر المصدر الرئيسي لتلوث البيئة، وعلى هذا الأساس يأتي أهمية برنامج الفحص الفني، فعندما تم وضع برنامج الفحص بالمملكة كان من أهم بنوده مرحلة مخصصة لفحص غازات العادم «أول أكسيد الكربون والهيدروكربون وغازات الديزل» ولمحطات الفحص إنجازات مهمة بموضوع البيئة وانعكاساته إيجابية، وأضاف: «يجب إعادة النظر بنسبة قياس العوادم المطبقة حالياً بمحطة الفحص والمحددة بـ4.5 في المائة، فهي تعتبر نسبة عالية ولا تتوافق مع المعايير الدولية المحددة بـ2.5 في المائة».
وأضاف: «الرقابة والإشراف من قبل الإدارة العامة للمرور متحققة وبشكل كامل، وذلك بفضل وجود مركز أو إدارة متخصصة تنظم محطات الفحص المنتشرة وهي الإدارة العامة للفحص الدوري، ووجود أقسام للمرور لدى محطات الفحص مما سهل عملية المراقبة والمتابعة والسيطرة على أداء العمل في المحطات من قبل المرور».
وعن أبرز المشاريع المستقبلية، قال: «إن لدى الإدارة العامة للفحص الفني عدة مشاريع يتم العمل بها حاليًا، كنشر المزيد من المحطات كالرياض 2 وجدة 2 ووادي الدواسر وغيرها، كما أننا حاليًا نسعى في الحصول على جائزة الملك عبد العزيز للجودة، كما نستعد لحضور مؤتمر عالمي تنظمه المنظمة العالمية لمهندسي المركبات السيتا (CITA) حيث نملك عضوية دائمة ومقرها في بلجيكا وهي أحد منظمات الأمم المتحدة المنوط بها التطوير والمراقبة والتدريب ووضع الأنظمة والمعايير الدولية لفحص المركبات وحماية البيئة، كما أن هناك مشاركات داخلية وخارجية في كثير من الندوات والمؤتمرات والدورات بالإضافة إلى التعاون المستمر والجيد مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وأيضا الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة».



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.